شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

إخوان منشقون.. من السمع والطاعة إلى التجارة بالاسم (3-4)

إخوان منشقون.. من السمع والطاعة إلى التجارة بالاسم (3-4)
لم تكن جماعة الإخوان المسلمين تتوقع يومًا أن يخرج من رحمها أعضاء ينخرون في هيكلها المنتظم والقائم على السمع والطاعة، فعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير ارتمى بعض أعضاء في أحضان العسكر طمعًا في الشهرة والجاه والتقرب من السلطان

لم تكن جماعة الإخوان المسلمين تتوقع يومًا أن يخرج من رحمها أعضاء ينخرون في هيكلها المنتظم والقائم على السمع والطاعة، فعقب ثورة الخامس والعشرين من يناير ارتمى بعض أعضاء في أحضان العسكر طمعًا في الشهرة والجاه والتقرب من السلطان، فساروا في درب المهاجمين للكيان الذي ترعرعوا فيه، فرغم أن مرشدهم خلف القضبان وجماعتهم تصارع من أجل البقاء فإنهم ارتطموا بسفينة الجماعة لكسر قلاعها، ولاحوا في الأفق بتقديم الولاء لقادة الانقلاب لتحقيق مآربهم.

ونرصد في هذا الملف رجالا بلحى بيضاء خاب رجاؤهم وشيبتهم، وشبابا منشقين خلف نظارات الخيانة، صفقة هنا ولقاء تليفزيوني ومقال هناك، بشرط أن توجه ضربات مفصلة لجماعة الإخوان.

مآرب المنشقين

الدكتور مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن عدة أسباب دفعت المنشقين عن الإخوان إلى الخروج من عباءة الجماعة، ليس من بينها الأحاديث الوطنية التي يرددونها هنا وهناك.

وعدد غباشي، في تصريحات لشبكة “رصد” الإخبارية، أسباب الانشقاق عن الجماعة من قبل الشخصيات التي تظهر على الساحة السياسية والإعلامية في الفترة الراهنة، وجاءت أبرزها “الواقع السياسي الراهن، حالة الاستقطاب التي تشهدها الساحة، المطاردات الأمنية التي تلاحق قيادات ومنتسبي الإخوان، الصراع الدائر بين الإخوان والدولة، رغبة المنشقين أن يكونوا جزءا من النظام وليس الإخوان، عدم اقتناعهم بطريقة تعاطي الإخوان مع المشكلات التي قابلوها قبل وبعد أحداث 30 يونيو”.

وأكد غباشي أن الشخصيات المنشقة عن الجماعة والمتصدرة المشهد الحالي تربت لعشرات السنين في حضن الجماعة وعلى مبادئها، متهكمًا “كيف تريد إقناعنا أنها رأت أن تلك السنوات الطويلة من عمرها كانت على خطأ”.

وأضاف نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية “من الأولى على هذه الشخصيات أن تحمد الله على ما هي فيه، وأن تتوقف عن دعوات الشيطنة بحق الجماعة، لأهدافها الشخصية ومآربها الخاصة، لأن شهاداتهم دوما ستكون مجروحة، أنا أشك دوما في تحليلاتهم المتعلقة بالإخوان، وأنظر إليها بنوع من الحيطة والريبة، مسألة هجومهم مرتبطة بالرغبة في ركوب الموجة”.

وأشار غباشي إلى أن كمال الهلباوي ومختار نوح وثروت الخرباوي وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد حبيب، كانت لهم أهداف أو أمور معينة أرادوا تحقيقها، حينما كانوا أضلاعًا داخل الجماعة، وعندما فشلوا في الحصول عليها شنوا هجومهم عليها وانسلخوا منها.

وأوضح أن “محمد حبيب مثلًا كان يرى نفسه الأحق بأن يكون مرشدًا للجماعة من غيره، وأن الإخوان لو كانت وافقت على ترشح أبو الفتوح على قوائمها في الانتخابات الرئاسية التي جاءت بعد الثورة، ما كان يهاجمها كل هذا الهجوم، كل ما في الأمر أن الجماعة رفضت ترشحه ثم دفعت بخيرت الشاطر، حين لم يوافقه الحظ دفعت بمحمد مرسي للرئاسة”.

وتابع أن “الهلباوي كان حلقة الوصل بين إخوان أوروبا وإخوان مصر، وخلال تلك الفترة مرَّ عليه 4 أو 5 مرشدين للجماعة، فهل معنى ذلك أن يقنعني الهلباوي بأن الإخوان أصبحت في يوم وليلة شيطان كبير، بعد أن أعلن انشقاقه عنها على الهواء في برنامج تليفزيوني”.

ولفت المحلل السياسي، إلى أن الهجوم العنيف الذي تواجهه الجماعة من قبل منشقيها يأتي في ظل حالة من التناغم يعيشها الكثير بخصوص الرغبة في تحميل الإخوان كل الأوزار التي حدثت قبل 25 يناير وما تلتها وما قبل 30 يونيو وما تلاها، مضيفًا “نحن الآن في واقع صعب.. الحزب الوطني عاد بكل مكوناته، ونحن الآن نحارب الإخوان، على المحايدين أن يعلنوا عن آرائهم ويوقفوا هجمات المنشقين”.

جسد الجماعة ليس به شرخ

الدكتور أحمد رامي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، قال إن “أمر المنشقين لا يشغلنا فهو أمر طبيعي خاصة في ظل الظروف التي تمر بها الجماعة والتي كان من المتوقع أن تشهد انقسامات أكبر من ذلك، ولكن وعى عموم الإخوان بأهمية الحفاظ على الجماعة كمرصد للأمة في مواجهة الاستبداد هو ما دفع حتى من له ملاحظات كبيرة أو صغيرة على عدم الانشقاق حاليًا”.

وأضاف رامي “أن على قدر معلوماتي وأنا كنت من شرق القاهرة أن الخرباوي لم يكن قيادي بالجماعة في يوم ما، ومن ناحيتي لا أعلم أنه كان يشغل منصبًا في الهيكل الإداري أو في لجان الجماعة، وقيمة هذا الكلام أن الخرباوى أيضا كان من شرق القاهرة، ولو كان يشغل منصبًا إداريًا ما لكنت علمت به”.

وتابع “رغم تكرار الإعلان عن حركات مشابهة من 30 يونيو فإنها لم تحدث شرخًا في جسد الجماعة”.

وأردف “ما لا يدركه هؤلاء ومن ورائهم من أجهزة أمنية أن ما يقدمه الصف الإخواني من تضحيات يزيد من ارتباطه بالفكرة ولا يضعفها، وتلك الحركات التي انشقت عن الجماعة وانحازت للعسكر لم تستطع حتى الآن أن تجمع حولها عشرات من عظم الإخوان التنظيمي”.

تجديد الكيان

وقال الدكتور يسري العزباوي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن الإخوان المنشقين أرادوا تجديد كيان الجماعة حين انشقوا عنها، بسبب الإدارة السيئة من قبل الجماعة للمشهد السياسي بعد الثورة.

وأضاف العزباوي، أن المنشقين رأوا أن سفينة الإخوان بدأت في الغرق فأرادوا إنقاذ أنفسهم بالخروج من عباءتها، في ظل اعتبار صقور الجماعة أنها في معادلة صفرية مع النظام الحالي نحن أو هم.

واتهم العزباوي، القيادات الحالية بعدم القدرة على احتواء المنشقين، الذين رغبوا في مشاركة مجتمعية مع الجميع، والانخراط في المجتمع بعيدًا عن أدوار السمع الطاعة داخل التنظيم، بحسب تعبيره.

وتابع أن شباب المنشقين ليسوا راغبين في التقرب من السلطة، نافيًا أن وجود رغبة لدى قيادات التنظيم المنشق في تولي مناصب كبيرة داخل الكيان، حيث إنهم انسحبوا منها قبل تولي الجماعة السلطة عقب الثورة.

وأشار إلى أن الهلباوي وسامح عيد وأحمد بان خرجوا من عباءة التنظيم عندما رفضت الجماعة ترشح عبد المنعم أبو الفتوح للرئاسة، في الوقت الذي دفعت فيه بخيرت الشاطر ومحمد مرسي في ذات الانتخابات.

طموحات بشرية

المهندس عمرو عادل، القيادي بحزب الوسط، قال إنه من الصعوبة تحديد سبب بعينه لخروج المنشقين من الإخوان، لعدم معرفتي بالجماعة من الداخل، حيث إني لم أنتمِ إليها قبل ذلك.

وأضاف عادل “ولكن المؤكد أن اختلاف الطباع البشرية والطموحات التي تصطدم أحيانًا بعدم التحقق داخل الجماعة يدفع البعض لذلك”.

وتابع أن “طبيعة الجماعات المؤدلجة التي تعمل في ظروف صعبة طوال تاريخها تدفعها إلى اتخاذ بعض الإجراءات التي يراها البعض غير صحيحة فيندفعوا في الاتجاه المضاد.

وأشار إلى أن تلك الظاهرة تحتاج لبحث علمي دقيق للوصول إلى الأسباب التي تنشأ هذا التشدد في الخصومة.

أبرز المنشقين عن الجماعة

الخرباوي.. عدو تنظيمه السابق

بدأ ثروت الخرباوي، حياته السياسية في حزب الوفد ثم انضم للإخوان المسلمين ليصبح أحد أعضائها الذين ساهموا في نجاحات للجماعة داخل نقابة المحامين، ثم اختلف مع الإخوان عقب حبس مختار نوح الإخواني البارز في قضية النقابات المهنية التي حوكم عدد من الإخوان بمقتضاها أمام المحكمة العسكرية عام 2000، وترتب عليه خلاف الخرباوي مع الإخوان وانفصاله عنها عام 2002.

شهد انفصاله هذا ردود أفعال واسعة النطاق، حيث كتب الخرباوي العديد من المقالات ينتقد فيها المنهج الحركي للإخوان المسلمين.

ويمارس الخرباوي، الكتابة في العديد من الجرائد المصرية ومنها جريدة الدستور، وجريدة روزاليوسف ونهضة مصر، وله عدد من الكتب والأبحاث والدراسات.

وهاجم الخرباوي جماعة الإخوان من خلال كتاب “سر المعبد” الذي وصف فيه الإخوان بأنهم جماعة ماسونية، وفي نفس الكتاب بأنهم جماعة وهابية.

وكان عمرو عمارة، المنسق العام لما يسمى بـ”تحالف شباب الإخوان المنشقين” قد شن هجومًا على الخرباوي، ووصفه بصاحب “المصالح الشخصية”.

وقال عمارة، في تصريحات صحفية “إننا نتهم الخرباوي بأنه مندس وسط صفوف المنشقين عن الجماعة بهدف تحقيق مصالح شخصية ولإحداث فتنة في المجتمع”، متهمًا إياه بأنه يتقاضي الأموال للظهور على وسائل الإعلام، على حد تعبيره.

الهلباوي.. القيادي المحظور

ويعد كمال الهلباوى أحد أبرز قياديي الإخوان في التنظيم الدولي حتى عام 1997، فالرجل كان متحدثًا باسم الإخوان في أوروبا، وكان محظورًا عليه دخول مصر لمدة 23 عامًا من قبل نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك حتى قيام ثورة 25 يناير.

واستقال الهلباوي على الهواء مباشرة من عضويته في جماعة الإخوان بعد إعلان مجلس شورى الجماعة ومكتب إرشادها ترشيح المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية، معتبرًا ذلك بمثابة تخبط في قرارات مكتب الإرشاد الذي كان سبق وأعلن عدم ترشيح الإخوان أحد للرئاسة.

ووجد الهلباوي أن تلك الخطوة تعكس تناقضًا في الفكر والعمل، وتؤدي إلى شق الصفوف وإشعال الفتن بين شباب الإخوان في الأقاليم.

مختار نوح.. روحه فداء السيسي

“أدعو الله أن يجعل روحي فداء للسيسي”، إحدى الكلمات التي دعم بها مختار نوح، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، الانقلاب العسكري وقائده عبد الفتاح السيسي.

كان مختار نوح في فترة الجامعة ذا ميول يسارية، وانضم للتنظيم بعد تخرجه منتصف السبعينيات على يد المرشد عمر التلمساني، ولمع نجم مختار سريعًا بعون ومساعدة التلمساني الذي كان يرى فيه مشروع نجم، فسانده ودعمه داخل الجماعة وتنبأ له بأن يكون له شأن عظيم.

وانضم مختار لنقابة المحامين واضعًا نصب عينيه مجلس النقابة، وخاض مختار أول انتخابات على مقعد الشباب ضمن مجموعة من الأسماء اللامعة منها سامح عاشور 1984.

وكانت نتيجة ممارسات نوح الإقصائية أنها وحدت كل التيارات ضده الحكومية من ناحية والمعارضة من ناحية أخرى، وبات مختار هو رجل النقابة الأوحد ونجمها الذي يوصف بالطاووس يعطي لمن يشاء ويمنع عن من يشاء ويتحكم في كل شيء.

خلال ذلك ارتكب مختار كثيرا من الأخطاء، فمنح أصدقاءه مميزات ومنحهم عطايا واختص رجاله بمناصب ولجان ووقع في كثير من المخالفات المالية رصدها تقرير الجهاز المركزي.

ولم يوجه ضرباته للتيارات الأخرى فقط، لكنه بعد سيطرته الكاملة وجهها إلى تياره هو نفسه، فكان يقصي أي إسلامي يختلف معه، بل زاد الموقف ليقصي بعض المنتمين للإخوان أيضًا.

وكانت ممارسات مختار الإقصائية وضربه في كل التيارات السياسية داخل النقابة، سببًا رئيسيًا في فرض الحراسة على النقابة، الأمر الذي أدى إلى ابتعاد الإخوان عن دعمه وانعزالهم عنه.

، وبعد الانقلاب العسكري حوّل نوح علاقته بالإخوان إلى مسألة انتقام يصرح بها في وسائل الإعلام.

سامح عيد.. من الإخوان للوسط للفلول

كان سامح عيد أحد شباب الإخوان المخلصين، اعتقل مرتين عامي 1988 و1990، غير الاحتجاز مرتين أيضا في مقر أمن الدولة، لكنّه انقلب على الجماعة، ولم يترك مناسبة دون بخ سمومه فيها.

وبعد أن قدّم استقالته من جماعة الإخوان المسلمين، انضم لحزب الوسط فلم يجد ما يشفي غليله به من جماعته الأم، ليصبح متحدثًا باسم أحد الأحزاب التي انطلقت بعد الثورة من رحم الحزب الوطني المنحل.

وقدَّم “عيد” كتابات هاجم فيه جماعة الإخوان المسلمين بكل ما أوتي من قوة متناسيًا أن أحدًا لم يضربه على يده ليكون أحد شباب الجماعة، كما لم يهاجمه أحد على انشقاقه عنها.

وزعم عيد أن الإخوان تشبه الشيعة، قائلًا “الشيعة عندهم فكر الكهنوت والإخوان لديهم نفس الأمر، الشيعة عندهم التدرج في الإيمان وليس الكل سواسية في إيمانه والتزامه فهم يقسمون بعضهم البعض درجات والإخوان لديهم نفس الأمر فليسوا كلهم سواسية كأهل السنة”.

أحمد بان.. استقالة بيد علماني

ارتبط أحمد بان بجماعة الإخوان منذ بلوغه من العمر 22 عامًا، وكان مولعًا بالمشروع الناصري لأقصي حد، ولكن بعد ارتباطه بالجماعة وانضمامه إليها، بدأت المراجعات لعبد الناصر، تحت وطأة الجماعة، والتي تؤكد أن عبد الناصر، انتهك حقوق الإنسان في هذه المرحلة، وتحول ناصر إلى شخصية ديكتاتورية بالنسبة له.

ازدادت صلته بالجماعة باعتبارها حركة لإحياء المشروع الإسلامي، تستطيع من خلالها تمكين القيم الدينية في المجتمع المصري، وذلك عن طريق مشروعها المعروف ( فرد -فأسرة-فمجتمع- فدولة- فخلافة- فأستاذية العالم)، وكان مقتنعًا بدرجة كبيرة بهذه الأهداف، وتأثر كثيرًا بروح المحبة والصوفية بين الإخوان بعضهما البعض، ولكن عندما لم يجد له مكانًا بين صفوفها الأولى اتخذ مسلك نظيره سامح عيد في الهجوم عليها في كل المحافل.

وتدرج في المناصب داخلها، حتى وصل إلى مسؤول شعبة “طحانوب” بمحافظة القليوبية، وعضو المكتب السياسي المركزي بالجماعة، وشاركت في تأسيس حزب الحرية والعدالة.

وقدم استقالته يوم 29 أكتوبر عام 2011، وزعم في نصها أن الجماعة فشلت في أن تحقق مطالب الوطن منذ عشرين عامًا، وكانت تمضي في المسار الخطأ، دارت الاتهامات حوله بأن من كتب استقالته أحد “الكُتاب العلمانيين”.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023