تقف ريهام سعيد داخل قسم شرطة لتستجوب مجموعة صبية تتراوح أعمارهم بين 14 و16 عاما تتهمهم بالتآمر على الدولة، والمشاركة في مسيرات، ودعم جماعة الإخوان، والتخطيط لتنفيذ تفجيرات في المنشآت الحيوية.
دعك من عبثية الاتهامات فقد اعتدنا عليها، وركز فقط في الفيديو الذي تصل مدته لنحو 20 دقيقة وحاولت فيه الأستاذة ريهام انتزاع اعترافات من المتهمين لكنها لم تنجح، وليس هذا فقط لكن هؤلاء الأطفال نجحوا هم في استفزازها، وهو أمر لو تعلمون عظيم، وفشل فيه من قبل الإنس والجن.
فكيف قاموا بهذه المعجزة؟ ابتسموا. فقط ابتسموا.
2- انتوا بتضحكوا ليه؟
= علشان عارفين أننا معملناش حاجة
– بس ده مش سبب إنكم تبتسموا. أنا كبيرة أهو ولو دخلت قسم حتى وأنا مظلومة هبقي خايفة ومكشرة. ابتسامتكم دي معناها انكم عملتم حاجة
= احنا معملناش حاجة بس لازم نبتسم علشان ندي أمل
– تدوا أمل لمين؟
= لنفسنا
3- عدة دقائق تقضيها أمام هذا الفيديو كافية لمنحك جرعة تفاؤل، وأمل قد لا تحصل عليها إن قرأت عدة مجلدات للدكتور إبراهيم الفقي.
ستدرك أن الاستبداد سينكسر حتما بعد عدة سنوات، وأن الجيل القادم أكثر إصرارا وأقل خوفا، وبعد أن يتعلم هؤلاء من أخطائنا ويتخلصوا من بقايا أجيال عبد الناصر والسادات ومبارك لن يقف أحد أمامهم، لأنهم مؤمنون بأهداف ثورة كانوا في امتحان الابتدائية عندما قامت.
يتحدث هؤلاء الأطفال عن الأمل الذي زهدناه نحن، ويتحدون السلطة والشرطة، وريهام سعيد معا بينما يفكر كثير منا جديا في رفع الراية البيضاء، لم يذكروا الثورة في حديثهم الطويل، ولو لمرة واحدة لكن كلامهم كله مستوحى من مبادئها ومدافع عن أهدافها.
4- اشتركت في المسيرات ليه؟
= علشان مش عاجبني الطرفين
– مين الطرفين؟
= السلطة والمعارضة
– مين السلطة؟
= الجيش والشرطة والحكومة
– ومين المعارضة؟
= الإخوان وغيرهم
– وخرجت في المسيرات امتي؟
= مرتين. مرة لما اتقبض على الأستاذ (…) إمام الجامع اللي تحت بيتنا وكانت مسيرة معدية فمشيت معاها، ومرة تانية بنفس الطريقة.
– طيب يعني شاركت في المسيرات
= وهو كل اللي يشارك في مسيرة لازم يبقي إخوان؟
5- أعطى طفل في الصف الثالث الإعدادي درسا لا يفهمه إعلام الجان، يمكن أن تشترك مع الإخوان في رفض النظام وأنت معارض للجماعة، وقد يتسبب قرار واحد بالقبض على برئ في انضمام عشرات المحايدين لصفوف معارضيك، وربما تزرع أنت العنف في الوقت الذي تتوهم أنك تقلعه.
أعطى عدة أطفال درسا للجميع، أن الظلم ليس مبررا لطأطأة الرأس، وأن ابتسامتك في وجه الظالمين تقتلهم، وأن الله سينصر هذه الثورة إن لم يكن بك فبغيرك.
6- = طيب قولي لنا حضرتك احنا تهمتنا ايه؟
– تحريات المباحث بتقول إنكم كنتم بتخططوا تعمل تفجيرات وبتناصروا الإخوان وبتشاركوا في المسيرات
= دول قبضوا علينا واحنا بنلعب كورة. مقبضوش علينا واحنا بنعمل حاجة غلط ليه؟
– وهي الشرطة كانت هتستناكم لما تعملوا؟ ده مخطط كنتم لسة هتعملوه. فيه تحريات ومعلومات بتعرف مين اللي كان بيفكر يعمل حاجة غلط.
= تحريات المباحث مش منطقية. لازم يكون فيه إثبات. ومع إن المسيرات مش جريمة بس مش كلنا أصلا شاركنا في مسيرات وبعضنا ميعرفش الناس التانيين لأنه قابلهم بس في ملعب الكورة. وبعدين ده شكل ناس تفجر؟
7- يتحدث الأطفال بالمنطق في بلد لا يعرف عن المنطق أكثر مما يعرفه مرسي الزناتي، بلد ينجح في القبض على من يفكر في ممارسة العنف ويفشل في القبض على من يمارسه فعلا، بلد يحكم على متهمين بالإعدام دون أي دليل سوى تحريات مباحث نعرف جيدا إمكانيات العاملين فيها.
تعرف المباحث أن هؤلاء كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية دون أن تقدم تسجيلات لمكالمات بينهم أو أوراق تخطيط بخط أيديهم أو أحراز تؤكد تحرياتها، لكن لماذا تفعل ذلك مادموا في النهاية سيقفون أمام محكمة دنشواي؟
8- شاهدوا الفيديو أكثر من مرة، شاهدوه كلما تسلل اليأس إلى نفوسكم أو شعرتم بضياع الأمل، شاهدوه لتعرفوا أن “الثورة مستمرة” وأنها ستنتصر.
