شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

هيكل وصناعة الأسطورة (1 من 2)

هيكل وصناعة الأسطورة (1 من 2)
فهمي هويدي وإبراهيم المعلم والراحل سلامة أحمد سلامة، وهم من هم بقاماتهم العالية في عالم الإعلام، يشكلون فريق عمل؛ لمقابلة الأستاذ محمد حسنين هيكل، فهم يرون أن لا أحد يستطيع فك طلاسم هذا العملاق إلا بتكاتفهم وتعاونهم بإخلاص..

فهمي هويدي وإبراهيم المعلم والراحل سلامة أحمد سلامة، وهم من هم بقاماتهم العالية في عالم الإعلام، يشكلون فريق عمل؛ لمقابلة الأستاذ محمد حسنين هيكل، فهم يرون أن لا أحد يستطيع فك طلاسم هذا العملاق إلا بتكاتفهم وتعاونهم بإخلاص. ويجلس الأستاذ وهم أمامه يغشاهم الوجل والرهبة ينتظرون أن يتفضل عليهم بإيماءة رضا أو إعجاب من سؤال لا ريب أنه يعرف أنهم سيلقونه عليه وإلا غضب وتكدر.

لا مجال لأسئلة تزعج مقامه أو تحيره أو تجعله يفكر مجرد تفكير، والملاحظ أنه لا تكاد توجد أسئلة، بل هناك شبه سؤال، وبعدها ينطلق ليتحدث بكل شيء وبلغة الواثق ويحلل ويتوقع، وعندما لا يتحقق أي شيء من توقعاته لاحقًا لا يجرؤ أحد منهم أن يسأله عن ذلك.

هذه هي صناعة النجم الذي جعلت صحفيًا لامعًا في بداياته وموهوبًا يتحول مع مرور العقود إلى سياسي ديكتاتور، لا يقبل الرأي الآخر، ولا يقدم معلومة مهمة، بل تحاليل معظمها مأخوذ من صحف أجنبية، يزعم هو أنه حصل عليها من صديقه كيسنجر أو المستشار الألماني أو الشيوعي القديم أو الثوار في الهملايا… أو أو.

لا شك أنه بظهوره آنذاك وموهبته التي لا أشكك بها، كان من القلة المميزة بقياس عصره في بدايات الثورة المصرية عام 1952، لكن لا ننسى أن عبدالناصر قد دعمه بلا حدود، فأصبحت له حظوة وشأن ومن أراد العلا لا يسهر الليالي، ولكن يسهر على رضا الأستاذ، وعليه فقد كانت هناك عملية تلميع إعلامي تصل حد المبالغة الفجة، إما من معجب صادق أو من متملق متقرب أو من خائف أو من متسلق، وظهرت الأجيال اللاحقة، وهي تظن أن هيكل غير قابل للخطأ، وأن المساس به هو مساس بالثقافة المصرية، وطبعًا لا ننسى أن كثيرين يدعمون بعض أفكاره ويتناسون زلاته.

كل ما تقدم، فضلًا عن اهتمامه وتواصله وعلاقاته بالصحافة العالمية وبثه لرسائل كثيرة عن طريق مريديه عن الشخصيات الكبيرة التي تزوره أو تطلب وده (وهي بالمناسبة تبادل مصالح بين الطرفين) وحرصه المثير للإعجاب على صحته أسهم في خلق أسطورة هيكل الذي يكفي أن تستعرض عددًا من آرائه لتصاب بخيبة أمل كبرى.

لن أتحدث عن رواياته الكثيرة عن الزعماء، ولكن لنتحدث عن أخرى ذكرها في كتاباته وما زالت موجودة أمام أعيننا، فمثلاً قال إنه ارتبط بصداقة مع الشاه ومع الخميني، والموضوع مفهوم في حالة الزعماء؛ لأن الموضوع سياسة، ولكنه غير مفهوم لدى رجل يرى أنه مشغول بهموم الأمة العربية والإسلامية، فلا يمكن الجمع بين النقيضين مرة واحدة.

عندما أقدم خالد الإسلامبولي ومجموعته على قتل أنور السادات، فإن إيران سمَّت شارعًا باسمه، وهو ما اعتبرته مصر إهانة، بعيدًا عن الخلاف مع الرئيس المصري السابق أو شعبيته من عدمها، وعندما سئل هيكل قال أعتبره خطأ من دون أن ينتقد الإيرانيين، وكرر كلمة خطأ بوصفه لغزو العراق للكويت واحتلالها، وهي حدث لا تستطيع أن تصفه بأقل من زلزال وكارثة بكل المقاييس.

قال قبل الانتخابات الأميركية 2008، إن أوباما لن ينجح، وأكد أن ذلك ضد التاريخ والمنطق…، وما حدث أن أوباما نجح وبقوة. ربما يظن كثيرون أنه يعتذر أو يتراجع أو يقول ببساطة إنه أخطأ! حقيقة هذا لا يوجد في قاموس هيكل، وهو بحسه الفطري الذكي يعلم أن أي تلميحات أو اعترافات ستجعله في بوتقة الصحفيين الكبار، ولكن ليس الأساطير وهذا ما لا يريده. علاقته ببعض الزعماء العرب امتداد لتناقضات أو مصالح أو لنقل صدمة لمحبيه، فرهانه العتيد على معمر القذافي حتى سنوات متأخرة يعطي انطباعًا واضحًا عن تحليلاته الهلامية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023