شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

”جريمة“ تركيا الآن مضاعفة

”جريمة“ تركيا الآن مضاعفة
الجزائر - البوسنه - فلسطين - مصر - تركيا .. بلاد مسلمة أجرمت شعوبها بسعيها الى امتلاك أخطر أسلحة هذا العصر، فتم عقابها.

 

الجزائر – البوسنه – فلسطين – مصر – تركيا .. بلاد مسلمة أجرمت شعوبها بسعيها الى امتلاك أخطر أسلحة هذا العصر، فتم عقابها.
 
لا .. ليس السلاح النووي لنشر الخراب، وانما السلاح الديمقراطي لنشر الحريات. والعقاب إختلف من بلد إلى آخر، حسبما سمحت الظروف والمعطيات. الجزائر عوقبت عام ١٩٩٢ على انتخاباتها الحرة بانقلاب عسكري وحرب أهلية دموية. البوسنه عوقبت في العام نفسه على استفتاء الاستقلال، بحرب إبادة نفذها الصرب بدعم وتواطؤ بريطاني فرنسي. فلسطين عوقبت على انتخابات ٢٠٠٦ بحصار خانق على قطاع غزة.

وفي مصر، بدأ العقاب بانقلاب قضائي على البرلمان المنتخب في يونيو ٢٠١٢. وقبل أن تتمكن المحكمة الدستورية من تكرار المحاولة ، بانقلاب آخر على الرئيس المنتخب، وعلى الجمعية التأسيسية المنتخبة لوضع الدستور الجديد، أجهض الرئيس محمد مرسي المحاولة باعلانه الدستوري الشهير في نوفمبر ٢٠١٢. غير أن العقول الشيطانية في مطابخ ومعامل أجهزة المخابرات المعادية توصلت الى حل آخر لمعاقبة مصر، وذلك باستخدام دعاية سوداء قامت بها أذرع العسكر الاعلامية، وأدت الى إفتعال حشود ضخمة في الشوارع والميادين، وفرت غطاء لانقلاب عسكري على الرئيس المنتخب في يوليو ٢٠١٣.

 
أما تركيا – المحاطة بخصوم يتربصون بها وبتجربتها الاقتصادية المزدهرة، وتعتمل صدورهم بالغيظ والغضب كلما مارس شعبها إنتخاباته بحرية ونزاهة – فلم تكن مصادفة أن يتم إجهاض محاولة انقلاب قضائي على حكومتها المنتخبة في ديسمبر ٢٠١٣، بعد عام ونصف من انقلاب قضائي ناجح في مصر على برلمانها المنتخب. كما لم تكن مصادفة أنه بعد فشل الانقلاب القضائي في تركيا، وثقت الولايات المتحدة علاقاتها مع ايران ، وعملت مع أوربا على ضمان أن تظل الحدود مع سوريا مصدر قلق واضطراب مستمرين لأنقره .. حتى أصبحت هذه الحدود هي الأداة الأكثر فعالية لانزال عقاب آخر بالشعب التركي، وذلك بعمليات ارهابية ضخمة تتوالى شهرا بعد شهر، ويسقط فيها العشرات والمئات من المدنيين الأبرياء.
 
غير أن صمود تركيا أمام ألاعيب القضاء العميل المسيس، ثم أمام عمليات الارهاب الوحشية، دفع العقول الشيطانية الى اللجوء الى الحل الأسهل، وهو الانقلاب العسكري، تماما كما جرى في مصر، ولكن هذه المرة دون توفير غطاء تبريري له، بسبب صعوبة افتعال حشود تركية ضد النظام الحاكم، وذلك لأسباب ترتبط بوعي الشعب وكاريزما الرئيس والوضع الاقتصادي.
 
وبالتالي لم تكن أيضا مصادفة أنه كما استهدف الانقلاب العسكري في القاهرة إعادة مصر عقودا الى الوراء وتسليم رقبتها لأعدائها، استهدفت المحاولة الانقلابية الأخيرة في تركيا (كما أكد محللون وخبراء في الشأن التركي)، إعادتها عقودا الى الوراء وتخريب نهضتها الاقتصادية وتسليم رقبتها لأعدائها.
 
”جريمة“ تركيا اليوم أصبحت مضاعفة: فالمصيبة ،بالنسبة لأعدائها، ليس فقط في أنها مارست الديمقراطية وحق تقرير المصير على مدى ١٤ سنة، حتى تحولت إلى نموذج جاذب يتمناه المسلمون لبلادهم في كل مكان .. وانما المصيبة الأعظم، والجريمة الأفدح تتمثل في أن أعدائها عندما قالوا ”كفى“ وقرروا وضع حد للتجربة التركية، فان شعبها رفض وقاوم وانتصر. كيف يجرؤ الأتراك على مقاومة عملاء أعدائهم، بإجهاض الانقلاب على نظام حكمهم؟ هذه ”الجريمة“ إذا تركت تمر، ستتحول الى نموذج آخر جاذب، قابل للتكرار في بلدان أخرى، على رأسها مصر. وهذه كارثة لا تحتمل، ولذا كانت البداية باسقاط مصر، وأن يتزامن مع انقلابها العسكري، ظهور ”داعش“ واحتلالها مساحات شاسعة في سوريا والعراق.
 
لقد قام الشعب التركي باذلال وإهانة جميع القوى الاقليمية والدولية التي دعمت ومولت المحاولة الانقلابية. ولأن ”الجريمة“ التركية مضاعفة، فان رغبة الأعداء في الانتقام أصبحت مضاعفة، وأصبح لزاما عليهم أن تتضافر جهودهم وعقولهم، ليس فقط لنزع السلاح الديمقراطي من الأتراك، وانما أيضا لتلقينهم درسا مؤلما يكون عبرة لهم ولشعوب المسلمين قاطبة، حتى لا يعيدوا التفكير في مقاومة العملاء الخونة، وحتى يستسلموا لما يراد ويخطط لهم.
 
ختاما .. بعد سقوط مصر، أصبحت تركيا هي الديمقراطية الوحيدة المتبقية لمسلمي العالم، التي تمنحهم الأمل في النهضة والتقدم. وبالتالي على الحكومة والشعب التركيين ألا يطمئنوا مهما بدت الأوضاع هادئة، وألا يركنوا الى الدعة والراحة لأن المتربصين بهم كثر، وشياطينهم لا يتوقفون عن الكيد والتآمر.
 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023