شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

صغار الحركة الإسلامية بين قسوة التجربة وتنظير الكبار – محمد عباس

صغار الحركة الإسلامية بين قسوة التجربة وتنظير الكبار  – محمد عباس
يقول أحدهم مناديا صلاح الدين : يا صلاح الدين إن أراضينا محتلة من الصليبين فى كل مكان فهيا إلى الجهاد ، فيرد قائلا : علينا تربية نفوسنا أولا واعداد القلوب أولا وما أسهل حمل السلاح ، ولكن المهم فى القلوب التى ستحمله !!!

يقول أحدهم مناديا صلاح الدين : يا صلاح الدين إن أراضينا محتلة من الصليبين فى كل مكان فهيا إلى الجهاد ، فيرد قائلا : علينا تربية نفوسنا أولا واعداد القلوب أولا وما أسهل حمل السلاح ، ولكن المهم فى القلوب التى ستحمله !!!

يقول أحدهم للعز ابن عبد السلام : يامام إن التتار نكّلوا بنا وهتكوا العرض والنسل، فيقول : سنقاتلهم يوما ولكن بعد اعداد القلوب والتقرب إلى الله بالطاعات والقربات أولا ، وإن بين الأمر بالقتال وتنفيذ الأمر ثلاثة عشر عاما فاصبروا حتى نكون أصحاب قلوب ربانية لائقة !!

لم نسمع مثل هذه الخرافات أو الأساطير من هؤلاء العظماء يوما، بل يُذكر أنه كان السلف ودعاة الجهاد يذهبون إلى الحانات وقت النفير ويقولوا لأصحاب الشهوات فى الحانات: من أراد أن يُغفر له ذنبه فها هو نفير الجهاد يدعوه، فإن الله يغفر بالجهاد ما لا يغفر بغيره.

يدعون أصحاب الذنوب والمعاصى والشرور بالإقدام، ولا ينتظروا منهم التمهل لحين تربية واعداد النفس أولا ثم تزكيتها وتطهيرها حتى يكون المرء لائقا للجهاد وقتال الظالمين المعتدين.

بل ولم يمنع عمر أو سعد أبا محجن مدمن الخمر عن الجهاد وهو يأتى كبيرة من الكبائر يوم القادسية، بل كانت بركة الغزو فى سبيل الله غفرانا لذنبه وتوبته النصوح منه كما فى القصة.

نحن نعيش نفس اللحظة التاريخية التى عاشها المسلمون طيات هجوم كاسح من صليبين أو تتار، ثم يأتى أولئك المدلسون ليقولوا لشباب الصحوة أن الجهاد يجب أن يأتى بعد تربية وإعداد نفسي وتزكية وغير ذلك من التنظير للخزى والتأصيل للقعود.

يهرب هؤلاء من تكاليف المواجهة بأن يؤصلوا لخزيهم وخذلانهم ويسوقوا الأدلة والبراهين التى يضعونها فى غير تأويلها وسياقها، ليَصدُق فيهم قول الشيخ رفاعى سرور حين قال أنهم يربون الشباب ليكونوا كالفراخ البيضاء لم تُخلق إلا لكى تؤكل وتُسمن غيرها.

وهذه الطريقة هى النسق اللازم لكل من يهرب من التكاليف المؤلمة أو الأعمال الشاقة ، فهم نسخة كربونية من حزب النور الذي لم يرى من سيرة النبى إلا انسحاب مؤتة ، وهؤلاء أيضا لم يروا منها إلا الثلاثة عشر عاما بمكة وصلح الحديبية وتفكير النبى فى مقايضة بنى غطفان على ثلث ثمار المدينة !

بعدما ظهر للجميع عوار ذلك النهج، تراهم يجمعون الشباب فى المعسكرات والمخيمات والكتائب ولقاءات تضليل الرؤية ليقولوا لهم تلك الدعاوى والدلائل بدعوى التحوط والأناة وعدم التسرع، وكأنهم أهل الحكمة التى لم تخطىء، بيد أنهم لم يخوضوا معركة إلا وقد فشلوا فيها فشلا مدويا مهيبا.

وأذكروا أنه لما نزلت النازلة وهوت المحنة على رؤوسنا، رأينا الذين تربوا فى هذه الدعوة سنينا وختموا المصاحف حفظا وحصّلوا العلوم الشرعية، رأينا هؤلاء هم المنتكسون والهاربون ولم نرى منهم إلا إحجاما وخذلانا، ورأينا أيضا فتيانا حديثى العهد بالتدين، لا يعلمون من دينهم إلا القليل يفعلون المعاصي والذنوب ولكنهم يحبون الله ورسوله، رأينا هؤلاء يقولون أن الرصاصة مكتوب عليها اسمى فلا أبالى، ثم يُقدم بطلا مغوارا كالصحابة ولا يَقل عنهم رضي الله عنه وعنهم جميعا.

وعرفنا من سيرة المجاهد الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم  رجالا دخلوا الجنة حين استشهدوا ولم يسجدوا لله سجدة ، ورجالا دخلوا الجنة ولم يغتسلوا حتى اغتسال الإسلام !

ياشباب الحركة الإسلامية لا أدعوكم هنا بانتهاج نهج المقاومة التى فُرضت على جيلنا إلا بقدر ما أدعوكم بالتحرر من هؤلاء المدلسين وأن تأخذوا كلامهم محل النقد والتمحيص لا محل التلقى والطرح المقدس، ولا أدعوكم إلى الإنتماء لداعش أو غيرها أو العمل معهم ولكنى أدعوكم لعملية “تحرر عقلي ” حقيقية. فالمصيبة أننا “حتى الأن ” لم نرى ذلك التيار الجهادى المقاوم المنضبط الذي يزج الشعوب فى عملية التغيير وينقل فكرة الجهاد والمقاومة والنضال من فكرة نخبوية وممارسة نخبوية إلى عموم الأمة وسوادها.

فنحن بين معسكرين أوله ترك المقاومة بالجُملة بدعوى الحكمة والتأنى ويعيش فى كربلائيات الصمود والصبر، والأخر إستبد بإسم الدين وأجرم أيما إجرام من غلو وتكفير، ونحن لازلنا نبحث عن الراية الجديدة التى تلتف حولها الطاقات الفاعلة والحقيقية بهذه الأمة.

ياشباب الحركة الإسلامية لقد عشنا ثمانين سنة أو يزيد من الإعداد النفسي والتربوى حتى صارت قضيتنا وعدالتها ناصعة عند كل ذوى ضمير، من قال لكم أننا لازلنا فى العهد المكى، فقولوا له اجلس أنت فى مكة مع صناديد الكفر والجاهلية واستمتع بالعذاب فى رمضاء مكة، وعش بلالا حين كان يردد أحد أحد، أما أنا سأذهب إلى رحاب يثرب بجنانها وحدائقها أقيم دولة الحق والعدل والدين، وسأعيش أنا بلالا حين قال ما نجوت إن نجا.

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023