شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

هل ضحت روسيا بسفيرها – سيلين ساري

هل ضحت روسيا بسفيرها – سيلين ساري
لا يمكننا أن نقيم حادث قتل السفير الروسي بتركيا بنظره خاطفة، فللحدث أكيد خلفيات كثيرة تحرك الغضب المشتعل بنفوس كثير من المسلمين، خاصة بتركيا الملاصقة لأرض العذاب (سوريا)

لا يمكننا أن نقيم حادث قتل السفير الروسي بتركيا بنظره خاطفة، فللحدث أكيد خلفيات كثيرة تحرك الغضب المشتعل بنفوس كثير من المسلمين، خاصة بتركيا الملاصقة لأرض العذاب (سوريا)، حيث تضامن الأف الأتراك بمظاهرات كبيره منذ أيام تعاطفا مع أهل حلب الذين يبادون تحت القصف الروسي البشاري المشترك، كما سبق تلك المظاهرات الدعوة التركية السعودية القطرية لعقد جلسة طارئة للأمم المتحدة بشأن سوريا.

ولأن أحلام بوتين لا تتوقف وسوريا هي باب الحلم، فهل يضحي بوتن بمواطنيه من أجل مجده الشخصي وحفاظا على وجوده وشعبيته التي أعادها له قصفه لسوريا وشعبها؟

سؤال يجب أن نقف أمامه كثيرا، فقد كان عام 2015 صعب على الديكتاتور الروسي،  فسوء الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم إلى قرابة 13 في المائة، وانكماش الاقتصاد الروسي بنسبة تقارب 4 في المائة وتراجع قيمة العملة الروسية “الروبل” بشكل كبير، بالإضافة إلى الشعب الغاضب من زيادة حجم الفساد بالبلاد، والذي أصبح يطالب بمسائلة القيادات الفاسدة.

وفي وسط تلك المشكلات وتدني شعبية بوتين لم يجد أمامه وسيلة غير اعتماد سياسته المعروف بها وهي الهجوم ، خصوصا أنّه لم يجد يوما من يقف في وجهه، فقد وصل إلى الرئاسة خلفا لبوريس يلتسن بفضل هذه السياسة التي مارسها أوّلا في الشيشان أواخر العام 1999 وبداية العام 2000، و ما تعرّضت له العاصمة الشيشانية، غروزني، في غضون ثلاثة أشهر، لم تتعرّض له أي مدينة في العالم، بما في ذلك مدن ألمانيا، خلال الحرب العالمية الثانية.

في سنة 2014 كان هجومه واستيلائه بصورة غير شرعية على شبه جزيرة القرم وبدء التدخل في شئون أوكرانيا الشرقية، كان هذا الاستيلاء سبب في رفع شعبيته بالداخل لأكثر من 80% ، ولكن لم يهنئ الديكتاتور كثيرا بغنيمته الجديدة، حيث رد الغرب على هذا الإجراء بفرض عقوبات اقتصادية ضد روسيا، ثم مد فترة العقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي، التي كان من المقرر أن تنتهي في يوليو 2015، حتى يناير 2016، ولكن هذه العقوبات لم تمنع بوتين من الذهاب إلى سوريا، والإمساك بما يعتقد أنّه ورقة مساومة قويّة يستطيع استخدامها مع الغرب.

تلك الورقة هي رأس بشار نفسه التي يعرضها بوتين للبيع مقابل تحقيق أحلامه، أو الاحتفاظ بها أذا لم يجد من يدفع الثمن المطلوب.

أم الثمن فيبدأ بالقرم وأوكرانيا، والقبول بالسيطرة على حقول الغاز في سوريا، ومنع تحوّل الأراضي السورية ممرا للغاز الآتي من الخليج والذي يمكن أن يجد له زبائن في أوروبا، وفوق ذلك كلّه رفع العقوبات المفروضة على روسيا بسبب سياستها في أوكرانيا، ولكن لان الوقت مهم جدا لبوتن حيث أن اقتصاده هش لا يستطيع أن يصمد كثيرا أما استنزاف حربا مفتوحة لا يعرف مداها إلا الله، خاصة وأن بوتن قد أوهم شعبه أن تلك الحرب لا تكلّف الخزانة أموالا إضافية.

فقال: بالحرف الواحد إن الأموال المرصودة للتدريبات والمناورات العسكرية تصرف في هذه الحرب التي توفّر أفضل حقل تجارب للجيش الروسي، وأن أي أزمات اقتصاديه يمكن أن يعاني منها الشعب الروسي نتيجة لهذه الحرب ستعمل على إضعاف شعبيته مرة أخرى وهذا ما يريد تجنبه.

ومطالبة تركيا والسعودية وقطر لعقد جلسة طارئة من أجل الشأن السوري خاصة وأن هناك تأييد من دول مثل كندا، كوستاريكا، اليابان، هولندا، كما أن فرنسا قد عارضت من قبل المشروع الروسي المقترح بشأن سوريا، وصار المجتمع الأوربي تحت ضغط من قبل شعبه بسبب أزمة سوريا، فان كل هذا سوف يطيل من أمد الحرب أو ربما يجبر بوتن على التراجع عن أحد أحلامه وهذا الذي يرفضه الدب الروسي.

فكان لابد له من ورقة جديدة يغير بها مجرى الأحداث لصالحة، ورقة ضغط على الحلقة الأقوى بسلسلة الثلاثي (تركيا– السعودية– قطر).

فجاء حادث اغتيال السفير متماشيا تماما مع الغضب الإسلامي ضد الروس، لكنه لا يتماشى أبدا مع الوضع الأمني الذي يجب أن يتوفر لشخصية دبلوماسية غير مرغوب بها من جانب الشعب التركي الذي وقف بألاف أمام سفارة روسيا منذ  أيام يندد بمجازر روسيا ضد أهل حلب، غير مناسب من الجانب الروسي لتأمين شخصية تمثل روسيا القاتلة في بلد يضم أكبر عدد من اللاجئين السوريين الذين شردتهم روسيا وتابعها بشار، كيف ظل القاتل يتحدث لمدة تجاوزت الـ5 دقائق ليعرب عن ميوله الإسلامية وسبب قتله للسفير أنه انتقاما لأهل حلب وسوريا كلها، دون أن يتعرض لرصاص أي قناص من الحرس الشخصي للسفير ،هو حادث ستوظفه روسيا جيدا بمجلس الأمن الذي لجأت اليه باعتبار أن قتل سقيرها إرهابا إسلاميا خاصة وأن القاتل ردد عبارة “الله أكبر- نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد” وهي كلمات في عرف كل المجتمع الصليبي إرهاب من الدرجة الأولى، وذلك للضغط على تركيا كي تتراجع قليلا عن دعمها للملف السوري والا ربما وضعت على قائمة الدول الحاضنة للإرهاب.

ما أقوله مجرد استنتاج لمقدمات تدور أحداثها أمامنا ولكن بالتأكيد لا أتهم مولود ميرت أالطنطاش، بأن ما قام به كان الهدف منه خدمة روسيا ، على العكس فقد استثمرت غضبة مولود وربما سهل له الوصول لهدفه دون علما له، وذلك ليس بصعب فنحن أمة مفعول بها منذ عقود وليست فاعلة، أسأل الله أن يرحم مولود فهو ثار لدماء وأعراض المسلمين.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023