شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

لماذا أطاح السيسي بقائد الدفاع الجوي؟؟ – أحمد نصار

لماذا أطاح السيسي بقائد الدفاع الجوي؟؟ – أحمد نصار
"في الحقيقة؛ لا يوجد وسيلة أكيدة للسيطرة على الخصوم أفضل من تدميرهم" ميكافيللي

“في الحقيقة؛ لا يوجد وسيلة أكيدة للسيطرة على الخصوم أفضل من تدميرهم” ميكافيللي
***
1- الخليج يتبنى الرؤية القطرية في التعامل مع مصر:
 كان أمير قطر الشاب في غاية السعادة وهو يقف إلى جانب الملك السعودي الجديد صاحب التوجه الجديد في التعامل مع مصر.كان احتفاء قطر المبالغ فيه بالملك سلمان، احتفالا بالموقف السعودي الجديد، الذي تنازل عن الرؤية الإماراتية للتعامل مع الملف المصري، والذي كان يتبناه سلفه عبد الله، إلى تبني الرؤية القطرية، الواقعة في خصومة مع الانقلاب في مصر.

هذا التغير يشير إلى إعادة تموضع كبيرة في الموقف الخليجي، تشبه الانقلاب، وهو انقلاب قادته قطر أو صب في صالحها، لذا فلا عجب أن أقحم السيسي ونظامه وإعلامه دولة قطر في كل مصيبة تحدث، وكأنه فهم تطورات الموقف الخليجي الجديد ودور قطر فيه.

ومما يدل على ذلك؛ استقبال مجلس التعاون في قمته الأخيرة لرئيسة وزراء بريطانيا التي تشاطرهم نفس الموقف الجديد من الانقلاب في مصر، وكذلك عرض الجزيرة الفيلم الوثائقي “العساكر” في نفس اليوم الذي يزور فيه رئيس الوزراء القطري الإمارات، في رسالة قطرية شديدة الوضوح، أن هذا كان أكبر المدافعين عنك، ولم يعد يغني عنك شيئا الآن!

*** 
2- الخليج أدرك أخيرا أن مصر ليست لبنان، وأن السيسي لن يفي بوعوده:

أدرك الخليج إذن أن من أكبر أخطائه بعد الانقلاب، أنه تعامل مع مصر كما يتعامل مع لبنان؛ فمصر دولة ضخمة (92 مليون نسمة)، لايمكن شراء مواقفها ببضع مليارات، كما دأبت السعودية على التعامل مع لبنان، التي يبلغ عدد سكانها بضع ملايين (4.9 مليون نسمة).

كان يجب على السياسة الخليجية فهم هذا منذ اللحظة الأولى، لكنها ظلت تدعم الانقلاب الجديد الذي مناها بأنه سيكون نصيرها، وأنها ستجده الحامي لأمنها، وأن المسافة بينها وبينه فقط “مسافة السكة”. استفاقت السياسة الخليجية متأخرا جدا، حين وجدت السيسي متخليا عنها في جمبع الجبهات، بل ويصطف إلى جانب خصومها اصطفافا صريحا: الملف السوري – الملف العراقي- الملف اليمني – العلاقة مع حزب الله – العلاقة مع إيران – العلاقة مع الحوثيين – المواقف في الجامعة العربية – المواقف في مجلس الأمن – المواقف في القمة العربية الإفريقية ..إلخ

وقد عبرت السياسة الخليجية عن غضبها من الطلب المستمر للانقلاب في مصر للمليارات (بلغت 90 مليار دولار أموالا سائلة ومساعدات نفطية) بالجملة الشهيرة التي قال فيها ولي عهد أبو ظبي عن السيسي “يحتاج هذا الرجل إلى معرفة أنني لست ماكينة صرف آلي” (ATM)، كما أوقفت شركة آرامكو المساعدات النفطية للسيسي منذ شهر نوفمبر حتى الآن، وامتنعت الكويت عن بيع النفط لمصر بتسهيلات، واشتراطت الدفع كاش، قبل أن تتراجع وتسمح بفترة سماح لا تتجاوز 10 أشهر فقط!

وصلت العلاقات الخليجية المصرية إلى طريق مسدود، وأغلق آخر باب للتصالح عندما رفض الملك سلمان لقاء السيسي في الإمارات.

*** 
3- الانقلاب يستشعر وجود خيانة من داخله:

ورغم كثرة الأحداث في مصر مؤخرا ؛ فإن اللافت أنها جميعا مرتبطة بالخليج بشكل أو بآخر، من حيث تريد أو لا تريد! ففي أسبوع واحد يتم تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة، ويتم اغتيال دبلوماسي قطري، ويتم إقالة اثنين من كبار كبار قادة المجلس العسكري، وهي حوادث ربطت نفسها بالخليج، سياسيا وأمنيا ودبلوماسيا وحتى عسكريا رغما عنها.

فوجئ الجميع بتفجير الكنيسة البطرسية الواقعة في قلب كاتدرائة العباسية، (إلا ضاحي خلفان الذي تنبأ بحدوث شيء في مصر في تغريدة له قبل الانفجار بساعات، وهو بعد آخر ييربط ما يحدث في مصر بالخليج).

والكنيسة البطرسية كنيسة صغيرة لا يعلم بها تقريبا إلا الأمن والأقباط وقليل من النخب. المفاجئ أن التفجير حدث هذه المرة داخل الكنيسة وليس خارجها أو في محيطها، وبقنبلة موقوتة (كما أكد شهود عيان وصور وتصريح سابق لمدير هيئة الطب الشرعي للأهرام)، مما يؤكد تؤاطؤا أمنيا أدى إلى هذا الانفجار.

النظام كان في مرمى الاتهام منذ اللحظات الأولى، لكنه بدا للحظات متفاجئا تماما بالتفجير مثلنا بالضبط. كان الأقباط الفصيل الوحيد الذي يؤيد السيسي لأسباب سياسية لا علاقة لها بالوضع الاقتصادي، وكان سحب تأييد هذا الفصيل المهم منه يحتاج خطوات غير اقتصادية، وهو ما عبر عنه السسيسي بجملة (غلوا الأسعار مش نافع – منعوا السكر مش نافع)، وما عبر عنه أيضا بأنه “إحباط من أهل الشر”!

وهذه الجملة الأخيرة كانت تبني صريح لنظرية المؤامرة، وتؤكد أن النظام كان يستشعر أنه يتعرض للخيانة، فوجه أصابع الاتهام بشكل صريح وسريع ويفتقر للدبلوماسية والذكاء لدولة قطر، التي استنكرت الزج باسمها في هذا التفجير. ولأن مجلس التعاون الخليجي يتبنى الأجندة القطرية كما قلت، فقد أراد ترسيخ هذه الصورة، بإصداره – ولأول مرة – بيانا يندد فيه بما قامت به القاهرة.

لكن القاهرة ردت على بيان التعاون الخليجي قائلة “أنها كانت تتمنى على المجلس أن يقرأ الموقف المصري قراءة دقيقة”، وكأنه يقول لهم: أنتم لا تعرفون ما نعرف.

ويا تُرى ما هذا الذي يعرفه النظام المصري ولا يعرفه الخليج؟؟ يمكننا أن نفتح باب التخمين لنقول أن نظام السيسي يعتقد أن قطر تقوم بنسج مؤامرة متكاملة عليه، تتضمن ضربه إعلاميا، بفيلم “العساكر” الذي أزعج النظام بشدة، وفيلم آخر يتناول الامبراطورية الاقتصادية للجيش قيل أنه سيعرض قريبا. وكذلك ضرب قاعدته الشعبية بإفتعال أزمات، يرى النظام أنها نتيجة مؤامرات من دول خارجية، كما فُعل بالرئيس مرسي، بمساعدة السيسي نفسه! وكذلك بضرب قاعدته المسيحية، بتفجير الكنيسة البطرسية، لذا فقد كان السيسي حريصا على التأكيد للمسيحيين أن التفجير لم يكن بعبوة ناسفة فجرت عن بعد وإنما بهجوم انتحاري، والتأكيد كذلك على أن ما حدث لم يكن نتيجة قصورا أو خللا أمنيا، وهو ما يعني بالضرورة أنه كان نتيجة خيانة!

*** 
4- إغتيال رجائي ثم إقالة التراس!

والخيانة أتت هذه المرة من القريب، من المؤسسة العسكرية ذاتها! بعد أسبوع بالضبط على تفجير الكنيسة يقوم السيسي بإقالة قائد القوات البحرية أسامة ربيع، وقائد الدفاع الجوي عبد المنعم التراس الذي كان قريبا للغاية من شغل منصب رئيس الأركان، قبل أن يستأثر السيسي بالمنصب لنسيبه اللواء محمود حجازي متجاوزا ثلاث قيادات أكبر منه كلها برتبة فريق.

ومن المريب أن عبد المنعم التراس تحديدا كان في الإمارات في زيارة مفالجئة لم يعلن عنها استمرت أكثر من أسبوع (30 نوفمبر – 7 ديسمبر)، ويمكننا أيضا أن نفتح باب التخمين أيضا عن علاقة الفريق التراس بالفريق شفيق، وعن سبب الزيارة التي يقوم بها عادة وزير الدفاع أو رئيس الأركان، وليس قائد الدفاع الجوي؟؟

ولماذا قام السيسي بإقالته بعد عودته من الإمارات بأسبوعين فقط؟؟ هل استشعر النظام خيانة من حوله؟؟وإذا أضيفت هذه الإقالة إلى اغتيال العميد عادل رجائي، المسؤول العسكري الأول عن أمن العاصمة، هل يكون السيسي يواجه فعلا محاولة انقلاب وأجهضها، وأن هذا ما يقصده بالإحباط الذي أصاب أهل الشر؟؟ وهل هذا هو ما قصده السيسي بكلامه” في كلام ينفع أقوله وكلام مينفعش أقوله”؟؟

ولنا أن تساءل أيضا عن السبب الحقيقي وراء اغتيال الدبلوماسي القطري “حسن المهندي” في هذا التوقيت، في مقر إقامته، بفندق سميراميس بالقاهرة، بعد أن تمت دعوته لحضور اجتماع لجنة نقاط اتصال الدول العربية لدى تحالف الحضارات التابع لمنظمة الأمم المتحدة، كرئيس لوفد دولة قطر. من جانبها طالبت قطر باستلام الجثة بدون تشريح، للكشف وراء السبب الحقيقي للوفاة.

وبناء عليه، فإن المطالبات في إعلام الانقلاب لقطع العلاقات مع قطر، وطرد السسفير القطري، عادت بقوة من جديد، مع تقارير تفيد بإرسال قطر 20 عسكريا إلى ليبيا، لدعم الفصائل التي تقاتل حفتر، حليف السيسي، وهو الأمر الذي رد عليه السيسي بتسريب خبر إرسال 200 عسكريا إلى سوريا، في رسالة أن ميزان القوة (1-10)

***

الخلاصة: 
 بات من المؤكد أن دول الخليج تراجعت عن تبني الأجندة الإماراتية في التعامل مع مصر، وباتت تتبنى الأجندة القطرية. وبابت من المؤكد أن هناك صراع أجنحة في الجيش، فهل تكفي سياسة الاغتيالات والإقالات وحدها في منع الخطر، وهل يستطيع السيسي حتى إن أحكم قبضته على الجيش أن ينجو من أزماته الاقتصادية بعيدا عن الخليج؟؟ أشك!

مصادر:
1- عبد المنعم التراس قائد قوات الدفاع الجوى يصل القاهرة قادما من دبى عقب زيارة استغرقت أسبوعا 
(الأربعاء 7 ديسمبر):
https://goo.gl/nJc5EC

2- تنبؤ ضاحي خلفان بتفجير الكنيسة البطرسية
(الأحد 11 ديسمبر):
https://goo.gl/186YOh

3- مصدر بمصلحة الطب الشرعي: تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة تم بقنبلة موجود بداخلها “رولمان بلي” 
(الأحد 11 ديسمبر)
https://goo.gl/jtwFsj

4- نيابة حوادث وسط القاهرة تحقق فى وفاة دبلوماسى قطرى داخل فندق شهير
(الأربعاء، 14 ديسمبر)
https://goo.gl/co4IBN

5- رئيسة وزراء بريطانيا ترفض تهنئة السيسى
https://goo.gl/lqgtwF

6- تيريزا ماي أول رئيسة وزراء وأول سياسية بريطانية تحضر قمة مجلس التعاون الخليجي
https://goo.gl/T0fAe9

7- صفحة الكاتب على فيسبوك
https://goo.gl/TUCRAx



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023