شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تساؤلات حذرة حول مستقبل تركيا – أحمد نصار

تساؤلات حذرة حول مستقبل تركيا – أحمد نصار
ظن البعض أنه بانتهاء الحرب في سوريا ستصير تركيا في مأمن؛ لكن السؤال كان دائما "كيف ستنتهي الحرب" وليس انتهاؤها في حد ذاته!

 ظن البعض أنه بانتهاء الحرب في سوريا ستصير تركيا في مأمن؛ لكن السؤال كان دائما “كيف ستنتهي الحرب” وليس انتهاؤها في حد ذاته!
***
 الحرب هي أعلى قرار سياسي ، تشن لتحقيق أهداف سياسية لا تنجح الطرق الدبلوماسية في تحقيقها. وبعد ست سنوات من الحرب السورية نجد أن النظام وحلفائه حققوا أهدافهم رغم الأثمان الباهظة التي دفعوها، والدمار الذي حل بالدولة السورية!

فلا شك أن الأسد خرج منتصرا من هذه الحرب، ببقاء نظامه على رأس السلطة، (وربما بقائه هو شخصيا) حتى لو تم ذلك على أنقاض الدولة السورية، ودماء الشعب السوري، والملايين من اللاجئين!

أما إيران، الحليف الأقرب للنظام، فلطالما شددت أن الحرب في سوريا هي دفاع عن الحدود الإيرانية، وأنه إذا خسرت معركة سوريا ستضطر للحرب داخل إيران! وها هي إيران (التي وقعت عدة صفقات هامة مع النظام منذ أيام) لا تزال بعد ست سنوات موجودة في سوريا، فاعلة على الأرض، بقواتها والميليشيات التابعة لها، متحكمة في القرار السياسي السوري بشكل كبير، محافظة على الجسر البري الذي يربط مركز امبراطوريتها الشيعية في الشرق (العراق وإيران) بالأقليات الشيعية في الغرب (ساحل سوريا ولبنان).

أما روسيا، التي دخلت الحرب منذ ما يزيد على العام، فقد رسخت مكانتها الدولية كقوة عظمى، وحافظت على قاعدة عسكرية لها في المياه الدافئة في المتوسط (قاعدة طرطوس) وقامت بتوسعتها (رقم 1 في المصادر)، غير نجاحها في استقطاب الحليف المهم في النيتو (تركيا) إلى الموقف الروسي، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، بعد محاولات الوقيعة بين الطرفين، على إثر إسقاط تركيا الطائرة السوخوي الروسية!

***

في المقابل؛ تدخل تركيا مفاوضات أستانة، وقد خسرت المعارضة أهم معاقلها في حلب، وبعد أن فكت ارتباطها بأهم الفصائل التي دعمتها سابقا في جيش الفتح، الذي استطاع في 2015 تحرير حلب وإدلب وجسر الشغور، وكاد يطرق أبواب الساحل والعاصمة دمشق، لولا تهديدات أميركية بضربهم إذا فعلوا ذلك!

ليس هذا فحسب؛ فتركيا تخلت أيضا عن موقفها السياسي المبدئي، المتمسك بضرورة تنحي الأسد عن السلطة، إلى التأكيد في أكثر من مرة على تراجعها عن هذا الشرط!

التصريح الأول أتى من رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم في موسكو قبل سقوط حلب بأسبوع، لوكالة انترفاكس الروسية، مؤكدا أن قواتهم في سوريا لا علاقة لها بحلب، وأنه لا علاقة لهم بمسألة مصير الأسد من قريب أو بعيد! (رقم 2 في المصادر)

مر هذا التصريح مرور الكرام، ولم يأخذ حقه من الاهتمام الإعلامي، إلى أن كرر هذا الأمر بشكل أكثر وضوحا، نائب رئيس الوزراء التركي محمد شمشمك (الذي سبق وأن وصف عملية القدس بالإرهابية) في منتدى دافوس، حيث قال شمشمك صراحة أن إصرار تركيا على تخلي الأسد عن السلطة مطلب غير واقعي (رقم 3 في المصادر) قبل أن يضطر للتراجع، (بالضبط كما اضطر لحذف تغريدته التي هاجم فيها عملية القدس من قبل!)

ويبدو أن أردوغان يواجه تيارا داخل حزبه غير مقتنع كثيرا بالأخلاقيات التي يرفعها، ويجاهر هذا التيار بعلمانيته وعلاقته بإسرائيل، ويتعامل ببراجماتية شديدة، تصل لحد الوقوف مع النظام السوري وعدم تأييد الثورة السورية!

ففي تصريح لافت آخر، قال نعمان قورتلموش نائب رئيس الوزراء التركي والمتحدث باسم الحكومة التركية، أن بلاده أخطأت في موقفها من الملف السوري منذ البداية، بدعمها الثورة السورية، قبل أن يضطر هو الآخر للتراجع! (رقم 4 في المصادر)

ويبدو أن أردوغان قرب هذا التيار منه رغبة في رأب الصدع، لكن هل ينجح ذلك في حل الخلافات حقا؟؟

***

في يوم واحد (الجمعة)، يُقتل 5 جنود أتراك في سوريا؛ بهجوم بسيارة مفخخة على قوات درع الفرات التركية قرب مدينة الباب السورية، وتهاجم أيضا مديرية أمن اسطنبول ومقرب حزب العدالة والتنمية بقذائف صاروخية، وهو تطور نوعي خطير، يشير لمدى الانكشاف الذي صارت عليه تركيا أمام خصومها!

الحوادث الإرهابية الأخيرة في سوريا، تشير لاختراق نوعي غير مسبوق، يشترك فيه حزب العمال الكردستاني PKK، وجماعة فتح الله غولان (التنظيم الموازي) فضلا عن داعش التي أعلنت مسؤوليتها عن عملية ملهى اسطنبول ليلة رأس السنة! ويبدو أن قدرة تركيا على دحر هؤلاء الخصوم، المدعومين من “أطراف” خارجية كما أشار أردوغان، صعبة للغاية!

أردوغان من ناحيته يمضي قدما في تعديلات دستورية تمنحه صلاحيات مطلقة، وهو أمر آخر يبعث على القلق في تركيا! فصحيح أن أردوغان يشكو من تعطيل البرلمان لكثير من مشاريعه، كما اشتكى جاك شيراك سابقا من ذات الأمر!

لكن؛ ألا يخاطر أردوغان بوضع البيض كله في سلة واحدة! في ليلة 15 يوليو الفائت كانت هناك محاولة انقلاب على الرئيس أردوغان، فماذا لو كتب لها النجاح؟؟ إن العمليات الإرهابية المتطورة التي حدثت في تركيا بعد كل عمليات التطهير التي قام بها أردوغان، تشير إلى أن البلاد لا تنزال مكشوفة أما خصومها في حزب الـ “بي كا كا” وجماعة غولن وتنظيم داعش!

فبعد آلاف المفصولين في الجيش والشرطة والقضاء، يتم إغتيال سفير دولة عظمى كروسيا، وتقصف مديرية أمن اسطنبول بقذائف صاروخية، ويفجر أشهر مطعم وملهى ليلي في تركيا ليلة رأس السنة، وينجح المنفذ في الاختباء 17 يوما، ويتبين أنه يتحدث خمس لغات، وأنه دخل البلاد من إيران، وأنه كان بصحبة ثلاث فتيات (بينهن مصرية)، بالإضافة إلى عراقي!

ألا يشير هذا كله أن فرصة حدوث انقلاب ثان في تركيا كبيرة، وهي التي عرفت الكثير والكثير من الانقلابات العسكرية؟؟ ماذا سيكون الحال وقتها؟؟ أليس في الصلاحيات الممنوحة للبرلمان وقتها الملاذ الأخير لتوازن القوى في تركيا؟؟

***

لقد كان الأمن القومي التركي يفرض على تركيا أن تتعامل مع الحرب السورية كما تتعامل معها إيران، أما الآن ومع اقتراب الحرب السورية من نهايتها، فإن أخشى ما أخشاه أن يحدث انقلاب جديد في تركيا، ناعم أو خشن، يستبدل فيه بأردوغان رئيس جديد، سواء من داخل حزبه من التيار الذي أشرت إليه، أو من المعارضة، فمما سيخاف خصومه الآن، وقد فقد أهم ورقة ضغط لديه، بفك ارتباطه بالمعارضة الإسلامية في حلب؟؟

ولقد كان دعم تركيا للثورة السورية مصلحة تركية كما كان مصلحة سورية بالضبط! وإن تخلي تركيا عن دعم المعارضة في حلب (وجه بوتين الشكر لأردوغان على دعمه في تحرير حلب)، ثم تخليه عن مطلب تنحي الأسد يجعل تركيا مكشوفة أما خصومها، وسيتيح لهم نقل المعركة من الداخل السوري إلى الداخل التركي!

وكما لا تأمن تركيا لحلفائها القدامى في النيتو، فيجب ألا تأمن أيضا لحلفائها الجدد في الكريملين، فأي بديل لأردوغان سيتعامل مع الروس لا محالة، وربما سيكون أكثر قبولا في موسكو من أردوغان!

مصادر:
1- اتفاق روسي سوري لتوسعة قاعدة طرطوس البحرية
https://goo.gl/l5RlAL

2- يلدريم: عملية “درع الفرات” لا تهدف لتغيير النظام السوري
https://goo.gl/H2I2ni

3- نائب رئيس الوزراء التركي محمد شمشمك: لم نعد نصر على رحيل الأسد!
https://goo.gl/YxJvaK

4- نائب رئيس الوزراء التركي والمتحدث باسم الحكومة نعمان فورتولموش: سياستنا في سوريا كانت مليئة بالأخطاء منذ البداية!

https://goo.gl/azdmgf

5- هجوم صاروخي على مديرية أمن اسطنبول
https://goo.gl/eNqdtW



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023