شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ترامب.. رئيس منغلق لبلد منقسم! – أحمد نصار

ترامب.. رئيس منغلق لبلد منقسم! – أحمد نصار
أحدث فوز ترامب في حد ذاته انقساما في المجتمع الأميركي المتنوع، وازداد هذا الانقسام وترسخ، ليشمل دولا أخرى، لطالما ارتبطت الولايات المتحدة معها بعلاقات جيدة، وهذا بلا شك سيضعف أميركا ويضعف من هذه الدول أيضا!

أحدث فوز ترامب في حد ذاته انقساما في المجتمع الأميركي المتنوع، وازداد هذا الانقسام وترسخ، ليشمل دولا أخرى، لطالما ارتبطت الولايات المتحدة معها بعلاقات جيدة، وهذا بلا شك سيضعف أميركا ويضعف من هذه الدول أيضا!

1- انقسام داخل أميركا:

أولى علامات هذا الانقسام كانت المظاهرات التي اندلعت فور الإعلان عن فوز ترامب، والتي رفعت شعار “ليس رئيسي” Not my president لأول مرة في التاريخ، وهو الوسم الذي حقق مراكز متقدمة على تويتر، احتجاجا على نتائج الانتخابات!

لم يحدث أن رفض قطاع عريض من الأميركيين نتيجة الانتخابات بهذا الشكل، الذي جعل أميركا منقسمة بصورة غير مسبوقة في تاريخها، حتى في فترات التفرقة العنصرية ضد السود. ولم يحدث أن طعن نائب في الكونجرس في شرعية الرئيس المنتخب كما فعل عضو الكونغرس و الشخصية البارزة في الحقوق المدنية جون لويس ، الذي أعلن أنه لن يحضر حفل تنصيب ترامب (مع العشرات من زملائه) لأنه يعتبر انتخابه غير شرعي. (رقم 1 في المصادر)

مجلة التايم الأميركية الشهيرة اختارت ترامب شخصية العام، واصفة إياه بأنه رئيس الولايات المنقسمة الأميركية Divided states، وليس United states ، وقد وضعت المجلة حرف M من اسمها فوق رأس ترامب، مما فسره البعض أن المجلة تصوره على هيئة شيطان له قرنان! (رقم 2 في المصادر)

لكن الأمر تخطى حدود مواقع التواصل الاجتماعي، وآراء النخب والمثقفين، إلى حد الشروع في حملة انفصال ولاية كاليفورنيا في أقصى الغرب عن الاتحاد الأميركي Calexit، على غرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي Brexit!
الحملة أخذت تصريحا من سلطات الولاية الغنية والتي يقطنها نحو 40 مليون نسمة للحصول على 600 ألف توقيع لطر مسألة انفصال الولاية عن الاتحاد الأميركي في الانتخابات التشريعية نوفمبر 2018 (رقم 3 في المصادر)

*** 
22- انقسام مع جيران الولايات المتحدة:

لكن الانقسام الذي أحدثه ترامب تعدى حدود أميركا ليضربها في أمنها القومي! فنظرية الأمن القومي الأميركي كانت تعتمد تاريخيا على أنها تقع في أقصى الغرب بعيدا عن المناطق الملتهبة في العالم، يحدها محيط من الشرق ومحيط من الغرب، وعلاقتها بجارتها الشمالية كندا والجنوبية المكسيك في أفضل حال، مما يعني أن عمقها الاستراتيجي آمن، بلا تهديدات أو مشاكل، لكن هذا تغير الآن!

فمعركة ترامب الأولى كانت مع المكسيك التي يريد ترامب بناء جدا على طول الحدود معها بتكلفة 25 مليار دولار، ليس هذا فحسب، بل وعلى نفقة الحكومة المكسيكية أيضا!

الرئيس المكسيكي رفض بالقطع الدفع لترامب، وأعلن عن إلغاء لقائه ه، موجها صفعة مهينة للكبرياء الأميركي، حاول ترامب الرد عليها بعنترية، بفرض 20% رسوما إضافية على واردات بلاده من البضائع المكسيكية، لكن لم يمر سوى 12 ساعة تقريبا حتى تراجع عن القرار، بضغط من نواب في الكونجرس، بعد أن أوضحوا لترامب فيما يبدو أن هذه الزيادة الجمركية سيدفعها المواطن الأميركي وليس المُصدّر المكسيكي (!!) (رقم 4 في المصادر)

كما غرد رئيس الوزراء الكندي تعليقا على قرار ترامب منع مواطني 7 دول إسلامية من دخول أميركا أن بلاده ستواصل استقبال الفارين من الحروب والإرهاب دون النظر لديانتهم، في استياء واضح من مواقف ترامب العلنية ضد المهاجرين!

***

3- انقسام مع حلفاء أميركا التقليديين:

الانقسام الذي أحدثه ترامب وصل لحلفائه الأوربيين، الذين تدخلت الولايات المتحدة لنجدتهم والدفاع عنهم مرتين، في الحربين العالميتين الأولى والثانية! تحدث ترامب بصفاقة عن تأييده لخروج بريطاينا من الاتحاد الأوربي، وشجع دولا أخرى على أن يقوموا بالمثل، متوقعا ألا تكون بريطانيا الدولة الوحيدة التي تخرج من الاتحاد، وهو الأمر الذي قوبل باستياء في الأوساط الأوربية، وجعل الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند يدعو للرد على تصريحات ترامب بصرامة! (رقم 5 في المصادر)

ووصل الانقسام الذي أحدثه ترامب إلى داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي، فالخلاف بين الديمقراطيين والجهوريين بخصوص إسرائيل، هو خلاف حول ما هو الأفضل لصالح إسرائيل، وليس على مسألة دعم إسرائيل ذاتها؛ فهذا أمر منتهي لا نقاش فيه!

الديمقراطيون يرون أن معاهدة مثل كامب ديفيد من أهم الهدايا التي منحت إسرائيل فرصة للبقاء مع جيرانها الرافضين لها، وأن حل الدولتين هو أفضل تسوية يمكن أن تحصل عليها إسرائيل، ووصف أوباما من قبل آفي شلايم المؤرخ وأستاذ العلاقات الدولية في كلية سانت أنتوني في جامعة أوكسفورد بأنه أكثر رئيس مناصر لإسرائيل منذ الرئيس هاري ترومان، الذي تأسست إسرائيل في عهده في أربعينات القرن الماضي! (رقم 6 في المصادر) أي أن الديمقراطيين يدعمون إسرائيل بقوة، ولكن من وجهة نظرهم، وللناس فيما يعشقون مذاهب!

أما ترامب فيناصر تيار اليمين الاستطياني داخل الحكومة الإسرائيلية، وهو تيار تمثله أحزاب دينية متطرفة، تريد التهام بقية الأراض الفلسطينية في الضفة بشكل يستحيل معه إقامة دولة فلسطينية، وهو الأمر الذي جعل قطاع عريض من المخضرمين داخل إسرائيل يشعرون بالقلق من ذلك، و يحذرون من اندلاع انتفاضة ثالثة لا تستطيع إسرائيل مواجهتها، مثل الجنرال آفي بنياهو، الناطق الأسبق بلسان الجيش الإسرائيلي الذي كتب مقالا منذ أيام يحذ من العواقب السيئة لدعم ترامب لإسرائيل بهذا الشكل!ي!

هذا الرأي هو ما جعل الولايات المتحدة تمرر مشروعا ضد الاسيتطان في أواخر حكم أوباما، لأن ذلك من وجهة نظرها يمنه إسرائيل من الانزلاق نحو وضع لن يمكنها معه العيش بسلام مع جيرانها، وهو ما جعل أوباما في الساعات الأخيرة من حكمه يمد السلطة الفلسطينية (صنيعة أميركا) بـ 221 مليون دولار يريد ترامب إيقافها الآن، وهو ما جعل الأمم المتحدة تعقد على عجل مؤتمر باريس للسلام ،الذي شدد على خطورة نقل السفارة الأميركية للقدس، وأن هذه الخطوة ستكون هدية للمتطرفين (أصحاب مشروع المقاومة) حسبما صرح وزير الخارجية الفرنسي ! فنقل السفارة يعني أن أنصار المقاومة الرافضين للمفاوضات كانوا على حق!

***

4- روسيا .. الاستثناء الوحيد:

الشيء الوحيد الذي لم ينتقده ترامب كانت العلاقة مع روسيا، بشكل اثأار دهشة الكثيرين، بما فيهم المعارض الروسي ولاعب الشطرنج الدولي السابق الشهير جاري كاسباروف الذي قال أن ترامب انتقد كل شيء وكل شخص، البابا والانتخابات ووسائل الإعلام والحزبين الديمقراطي والجمهوري، معا لكنه لم ينتقد روسيا!

ربما هذا ما دفع ترامب لإصدار تصريحات على استحياء حول روسيا، لذر الرماد في العيون، متحدثا بخجل عن الدور الروسي في سوريا، وما تبع ذلك من ردود خجولة أيضا من روسيا على دعوة ترامب وزارتي الدفاع والخارجية الأميركية لوضع خطة في غضون 90 يوما لإنشاء مناطق آمنة للاجئين في سوريا والدول المجاورة، مطالبة إياه بالتنسيق مع موسكو في هذا الشأن!

إنها العلاقة حول روسيا إذان التي تظل كبرى نقاط الشك التي تحوم حول ترامب؛ ومجددا تخطى الأمر حدود الفضاء الإعلامي ومواقع التواصل الاجتماعي إلى اتهامات رسمية أميركية لموسكو بالتدخل في الانتخابات الأميركية لصالح ترامب، وهو الأمر الذي أقر به ترامب أخيرا، وإن استبعد تاثيره على الانتخابات ( رقم 7 في المصادر)

***

5- انعكاسات فوز ترامب على الداخل الأميركي:

هذا الوضع كارثي على الولايات المتحدة، فلم يأت في تاريخ أميركا رئيس يعادي الأقليات بهذا الشكل الفج، متناسيا أن أميركا أصلا بلد أقليات، ولم يحدث أن أقر رئيس أكبر دولة في العالم، وزعيمة العالم الحر كما توصف، بأن التعذيب جيد ومفيد!!

شركة جوجل دعت موظفيها المسلمين الذين يقضون إجازات خارج الولايات المتحدة للعودة سريعا، أما مؤسس فيسبوك فقد انتقد قرار المنع، وقال أنه لو كان هذا القرار موجودا في الماضي لما تمكن من الزواج من زوجته الحالية ذات الأصول الأجنبية!

وماذا عن المسلمين؟؟ هل قرر ترامب فعلا أن المسلمين ليسوا جزء من أميركا؟؟ صحيفة واشنطن بوست تقول أن نسبة قبول الأمريكان للمسلمين ارتفعت من 53% في نوفمبر من العام 2015 إلى 70% في أكتوبر 2016 عقب انتخاب ترامب، حتى المشاعر تجاه الإسلام نفسه، ارتفعت من 37% في نوفمبر 2015 إلى 49% في أكتوبر 2016، وهي أعلى نسبة قبول منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ لكن هل يعني هذا أن المسلمين هناك سيكونون في مأمن؟؟ (رقم 8 في المصادر)

فمن أولى قرارات ترامب كان منع دخول مواطني 7 دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، متناسيا أن بلاده تقصف ستة من هذه الدول! وكما هو متوقع انعكس الأمر على أميركا ذاتها، فمسلمو أميركا هم أميركيون مثلما هم مسلمون، وقد شمل القرار حاملي وثائق الإقامة الدائمة “غرين كارد”، ما نشر الفوضى والذعر في كافة ولايات أميركا المليئة بهؤلاء الناس! وبعدما قامت السلطات الأمنية باعتقال جميع القادمين إليها اليوم (السبت) بساعات، تم إحراق المركز الإسلامي في تكساس، في هجوم عنصري واضح لن يوصف غالبا بالإرهاب! (رقم 9 في المصادر)

واستمرار ترامب في ذات النهج يعني أن البلاد ستشهد مزيدا من الانقسام بافتراض حسن النية، وسيتحول التنوع الذي أثرى أميركا تاريخيا إلى تنافر يصليها نارا! أما بافتراض سوء النية؛ فالكثيرون على قناعة أن أميركا ستتفكك وتنهار تماما إذا صحت الاتهامات الأميركية الرسمية لترامب بالعمالة لموسكو!

وهل يمكن التنبؤ برد فعل ترامب إذا قررت كاليفورنيا الانفصال؟؟ تحليل بسيط لشخصية ترامب تؤكد أنه لن يحترم قرار الناخبين المؤيدين للانفاصل بالضبط كما أعلن في خضم الانتخابات أنه لن يقبل بأي نتيجة سوى فوزه! هل يرسل ساعتها ترامب الدبابات للساحل الغربي، أم يحدث ضده انقلاب عسكري؟؟ قد تبدو هذه طموحات أو شطحات، لكن ترامب لم يترك شيئا غريبا إلا وفعله منذ انتخابه حتى الآن، ومادام وصل إلى هنا، فمن الممكن أن يصل إلى ما هو أبعد!

#أحمد_نصار
مصادر:
1- ترامب يهاجم عضواً في الكونغرس طعن في شرعية انتخابه
https://goo.gl/uPBQhb

2- مجلة تايم تختار ترامب شخصية عام 2016، وتصفه برئيس الولايات المنقسمة الأميركية
https://goo.gl/YLWdmR

3- حملة انفصال كاليفورنيا تبدأ جمع التوقيعات
https://goo.gl/atU9u7

4- ترامب يتراجع عن فرض ضريبة على صادرات المكسيك لتمويل الجدار
https://goo.gl/Bge1X5

5- هولاند يدعو دول أوروبا للرد “بصرامة” على ترامب
https://goo.gl/Yql56s

6- آفي شلايم: أوباما أكثر الرؤساء الأمريكيين تأييدا لإسرائيل 
https://goo.gl/EyWl2w

7- ترامب يقر بتعرض الحزب الديمقراطي للقرصنة الإلكترونية ويتحفظ على اتهام روسيا
https://goo.gl/DoDvJ1

8- واشنطن بوست.. كيف غير ترامب نظرة الأميركيين تجاه الإسلام إلى الأفضل؟
https://goo.gl/1XlSkK

9- حريق هائل يلتهم مسجدا بولاية تكساس الأمريكية ويتسبب فى انهياره
https://goo.gl/xETYMh



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023