شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فيلم “شو صار؟”.. المُخرج والقاتل الحقيقي وجهًا لوجه!

فيلم “شو صار؟”.. المُخرج والقاتل الحقيقي وجهًا لوجه!
مثلما مارس القاتل حقه في إطلاق الرصاص، كان لي أن أمارس حقي في التساؤل: شو صار؟ هكذا عبر المخرج اللبناني ديغول عيد عن وجهة نظره حيال فيلمه الذي تولد عن قصة معاناة شخصية حيث وجد نفسه أمام قاتل أسرته وجها لوجه.

“مثلما مارس القاتلُ حقّه في إطلاق الرصاص، كان لي أن أمارس حقي في التساؤل: شو صار؟”.

هكذا عبّر المخرج اللبناني ديغول عيد عن وجهة نظره حيال فيلمه الذي تولد عن قصة معاناة شخصية؛ حيث وجد نفسه أمام قاتل أسرته وجهًا لوجه، فقرر أن يصيغ القصة من خلال عمل سينمائي رآه البعض مميزًا.

أصل الحكاية

تعود الحكاية إلى عام 1980م، كان عمر ديغول وقتذاك عشر سنوات، بعد اغتيال مسؤول ميليشياوي في العاصمة بيروت هرع المسلحون بقرية عبدل الصغيرة الواقعة في عكار شمال لبنان لينتقموا -كما هي العادة في الحرب الأهلية- من المدنيين، الوقود الأسهل في حروب الميليشيات.
الطفل شاهد بعينه القتلة وهم يُجهزون على أبيه وأمه وشقيقته و11 شخصًا من أقاربه، بينما اختبأ هو وشقيقتان مصابتان في المرحاض الذي غرق في الدماء، وما أنجاهم هو أن ثلاثتهم مثّلوا دور الأموات فتركهم القتلة ولم يُجهزوا عليهم، عقب ذلك غادر الثلاثة إلى بيروت ولم يعودوا إلى القرية.

وأمضى المخرج اللبناني ديغول عيد أعوامًا وهو يفكر في فيلم يروي فيه حكايته، حكاية الطفل الذي نجا ورأى بعينه اقتحام مسلحي إحدى ميليشيات الحرب الأهلية اللبنانية بيته ليقتلوا 13 فردًا من أسرته وأقربائه.

مع القاتل وجهًا لوجه
بعد عشرين عامًا رحل فيها إلى فرنسا، حيث أكمل دراسة السينما، عاد المخرج إلى قريته حاملاً الكاميرا وواقفًا أمام القاتل، ابن قريته أيضًا؛ ليسأله ديغول: هل تعرفني؟ فيرد الرجل: لا، فيفاجئه ديغول بأنه ابن المرأة التي قتلها.

بداية الأزمة ومنع الفيلم
بدأت أزمة الفيلم، الذي شرع المخرج في تنفيذه عام 2008م وانتهى منه عام 2010م، ليستعد إلى عرضه في المهرجانات؛ لكنه واجه المنع، فالسؤال “شو صار؟” -ماذا صار؟- هو الممنوع.
هذا المشهد كان العقدة التي أدت إلى منع الفيلم.

من الناحية الرسمية، يوضح النقيب داني أبو جودة من شعبة السينما في دائرة المرئي والمسموع بالأمن العام اللبناني ملابسات المنع، فقال إن اللجنة التي أحيل إليها الفيلم أعطته ترخيصًا بالعرض.
ويمضي قائلًا -في تصريح لبي بي سي- إن الرجل الذي فوجئ بالمخرج شعر بالصدمة لدقائق وتلبّسه شعور بالذنب؛ لكنه اختار في النهاية التقدم أمام قاضي الأمور المستعجلة بدعوى أن الفيلم سيؤثر على حياته، فصدر قرار المحكمة بحذف المشهد.

٢٠٠ ألف ضحية

بدوره، يقول المحامي اللبناني مروان معلوف إن الفيلم ذاكرة فرد من الحرب الأهلية، وديغول لم يتصالح معها؛ فقرر فتح هذه الصفحة من كتاب الحرب الأهلية الذي يمكن أن نضيف إليه قصص 200 ألف ضحية، على حد قوله.

عائد من الموت
وعطفًا على ذلك، يقول بيار أبي صعب، نائب رئيس تحرير جريدة “الأخبار”، إن “ديغول عاد من الموت ليقول ما لديه، أما غسل الثأر فإنما يكون برواية الجريمة؛ حتى يستطيع الجميع الخروج من الجرح”.

ذابح ومذبوح
ويواصل “أبي مصعب” القول إن “كافكا” كتب رواية “المسخ”، التي حين نقرؤها يرى كل واحد نفسه في هذه الرواية، وبهذا المعنى فإن المسخ الذي رآه ديغول أصبح مسخنًا جميعًا؛ فكلنا في الحرب الأهلية ذابح ومذبوح، على حد قوله.

ومن زاويتها، رأت مديرة مهرجان بيروت الدولي للسينما، كوليت خوري، أن ديغول استطاع معالجة نفسه عبر الرجوع مرة أخرى إلى الماضي ومواجهته. 
في حين يرى “أبي صعب” أن العمل الفني والأدبي -وإن منح الفرصة لعلاج نفسي للشخص- حين يخرج إلى العالم يصبح معبرًا عن الجميع.

التطهر والاغتسال
الناقد السينمائي اللبناني نديم جرجورة يقول إن ديغول عاد إلى رحلة التطهر والاغتسال، وإن أهمية الفيلم تكمن في أن هناك حكايات فردية في لبنان لا أحد يريد التطرق إليها.

في عام 2010م، وفي الدورة الحادية عشرة لمهرجان بيروت للسينما، تقرر عدم عرض الفيلم للجمهور؛ بحسب التعليمات التي أصدرتها السلطات. غير أن الفيلم أُدرج ضمن المسابقة الرسمية وفاز “شو صار؟” بجائزة لجنة التحكيم.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023