شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ميدل إيست: اقتصاد السيسي.. سياسات برؤية باهتة ضحيتها المواطن

ميدل إيست: اقتصاد السيسي.. سياسات برؤية باهتة ضحيتها المواطن
في نوفمبر الماضي، حررت الحكومة المصرية سعر الصرف؛ ليخرج خبراء اقتصاديون محذرين من أن هذه الاستراتيجية يمكن أن تؤدي إلى زيادة التضخم، وتساءلوا: هل سيستطيع السيسي التقليل من الأزمة؟ ليجيبوا هم عن أنفسهم بأن الحكومة وضعت الشعب

في نوفمبر الماضي، حررت الحكومة المصرية سعر الصرف؛ ليخرج خبراء اقتصاديون محذرين من أن هذه الاستراتيجية يمكن أن تؤدي إلى زيادة التضخم، وتساءلوا: هل سيستطيع السيسي التقليل من الأزمة؟ ليجيبوا هم عن أنفسهم بأن الحكومة وضعت الشعب أمام مجازفة.

وشهدت مصر نسبة تضخم خلال 16 أسبوعًا من 14% إلى أكثر من 30% بنهاية فبراير، وبعد ما يقرب من ستة أشهر وجد الشعب نفسه أمام وحش يلتهم موارده يُدعى ارتفاع الأسعار حتى للسلع الأساسية.

وقالت الخبيرة الاقتصادية فاطمة الأسيوطي إن ارتفاع الأسعار يسبب أزمة للشعب ولا تُقدّم المعونات مساعدة كافية إن وجدت.

ولم ينف عمرو الجارحي، وزير المالية، في بدايات هذا الشهر زيادة التضخم. ومن المؤكد أن المواطن الذي يعيش على ثلاثة دولارات في اليوم يشعر بالإحباط عندما يخبره الوزير الذي يرتدي نظارات تصل إلى مرتب شهر على الأقل، أو بدلته التي يمكن لسعرها إطعام عائلة من أربعة أطفال لستة أشهر، أن التضخم سيصل إلى ذروته في فبراير ومارس، ولكنه سيبدأ بعدها في الهبوط.

وباءت محاولات تهدئة المخاوف بالفشل بعد تزايد أسعار الطعام والصحة وغيرها من الضروريات. وركزت عدد من القوى الاقتصادية على النماذج الاقتصادية والتباديل والتلاعب؛ لكنهم افتقروا إلى البراعة السياسية اللازمة في هذه الأزمة.

ويجب على المسؤولين عن الاقتصاد في مصر الاعتراف بعمق الأزمة وتأثيرها اليومي على عشرات الملايين من المصريين وتشكيل خطة وتنفيذها بدلًا من تصدير عبارة أن “التغيير له ثمن”. ولكن، نادرًا ما يتم تنفيذ سياسة عقلانية في مصر، وطالب أحد الجنرالات من قبل المصريين بأن “يستمروا في الجوع”.

وتسبب خطأ سياسي مميت، تضمن انعزالًا عن الشعب ونقص شبكة الضمان الاجتماعي، في زيادة احتقان الأوضاع في بداية هذا الشهر؛ حيث قرر وزير التموين، مع معاناة الشعب من ارتفاع أسعار الطعام بنسبة 40%، تقليل حصص الخبر لأصحاب المخابز.

وكان الهدف من هذا القرار منع أصحاب المخابز الحكومية والخاصة من إعادة بيع الدقيق المدعوم في السوق بأسعار ضخمة، ولكن كان لهذا القرار تأثيره بعد منع عدد كبير من الذين لا يحملون بطاقات التموين من الوصول إلى الخبز المدعوم. وكانت الخطة الأصلية هي تقليل كمية الخبز المدعوم الذي يوفره كل مخبز من ألف أو أربعة آلاف إلى 500.

ويعتبر الخبز شيئًا أساسيًا في دولة يقبع حوالي 27% من شعبها تحت خط الفقر. يحدث ذلك بينما يهدد الفقر ملايين كتأثير لسياسات إصلاحات صندوق النقد الدولي التي نفذها النظام المصري؛ ولذلك لا يعد مفاجئًا أن أي محاولة لإلغاء الدعم عن الخبز ستؤدي إلى نتائج كارثية، حيث يهدد المساس بالخبر وجود رئيس في السلطة مثلما حدث في 1977 عندما كان يحكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وفي 5 و6 مارس بدأت تظاهرات من كفر الشيخ والقاهرة والإسكندرية والمنيا.

مع تهديد حياة المصريين، لن يستطيع أي قانون للتظاهرات وقفهم؛ حيث نزل المئات إلى الشوارع للاحتجاج وحاصروا مكتبًا محليًا لوزير التموين بالإسكندرية واضطر مسؤول كبير إلى الهرب.

وبعد هذا الحدث قالت تقارير إعلامية إن الأمن هرع إلى مكان الحدث، ليس لقمعهم؛ ولكن لإيصال الناقص من الخبز مجانًا.

وفي غضون 15 ساعة من احتجاجات المحافظات أُلغي التخفيض المحتمل، وهذه المرة تجنب أزمة كبيرة محتملة. ولكن تبقى الأزمة الأيديولوجية والهيكلية؛ حيث يستمر النظام في تكرار نفس الأخطاء: هناك انعدام شفافية في الحكم، ولا يوجد نقاش، ولا أي إرادة ديمقراطية.

تعد الديمقراطية في مصر مجرد قشور خارجية؛ حيث وافق البرلمان المصري على اتفاقية صندوق النقد الدولي بعد أربعة أشهر من وقوعها؛ ولذلك لا يحتاج السيسي إلى أي أعداء، حيث إنه يُعتبر عدو نفسه.

وعلى الرغم من قسوة هذه الإصلاحات السياسية؛ فإنها تضمنت جهودًا من قبل الحكومة لزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر لوقف الآثار السلبية، ومن بين هذه الجهود وجود قانون يمكن أن يمثل شيئًا إيجابيًا للمستثمرين الأجانب.

ويتناول القانون المقترح معالجة بعض القضايا المزمنة، ويتيح للشركات الأجنبية إعادة الأرباح لبلدهم، وزيادة نسبة الموظفين الأجانب في كل شركة من 10 إلى 20%؛ على الرغم من عدم حلها لأزمة البطالة في مصر، والتقليل من البيروقراطية القديمة لإنشاء الشركات داخل السوق المصرية؛ ولكن تعثر القانون في المناقشات منذ ديسمبر الماضي.

وبعد التعويم بأسابيع حاولت الحكومة ادعاء النصر، معتبرة أن سياستها يمكن أن تسد الفجوة بين سعر الصرف الرسمي ومعدل السوق الموازية؛ ولكن كل المؤشرات تقول عكس ذلك، حيث خسرت الحكومة هذه المعركة.

ومن دلائل هذا الفشل وصول سعر الجنيه إلى 15.72 أمام الدولار، ومع بداية مارس وصل إلى 16.3، وبعد أسبوع وصل الدولار إلى 18 جنيهًا مجددًا، وقال خبراء إنه بهذا المعدل يمكن أن يصل سعر الدولار إلى 20 جنيهًا في رمضان.

ومن الجدير بالذكر أنه كان هناك تدفق في الدولارات في النظام المالي منذ هذه الإصلاحات، ولكن لم يمثل ذلك نقطة ثقة للمستثمرين؛ حيث يغتنم تجار العملات الأجنبية الفرصة.

في حين كان يتوقع حدوث بعض التذبذب الموجّه في السوق، ولكن كان يتوقع حدوث بعض التحسن؛ خاصة بعد مرور حوالي 12 أسبوعًا منذ صدمة التعويم، ولكن لا زال هناك عدم استقرار؛ فارتفاع الدولار دمر تجارة ملايين المصريين وجعل بيوتهم فجأة تحت خط الفقر.

الأكيد أن السيسي تلقى خلال الأشهر الماضية كثيرًا من خيبات الأمل أمام شعبه بسبب خطوات غير محسوبة، رغم كونها قاسية؛ إلا أنه، ولسببٍ ما يعلمه هو، يعوّل على مدح الإدارة الأميركية له، وكذلك عودة السعودية إلى مدّه بالنفط مرة أخرى؛ إلا أن كل هذا لم يره المواطن بالإيجاب في حياته. 

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023