شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

نيويورك تايمز: القضاة في مصر وسياسة الكيل بمكيالين

نيويورك تايمز: القضاة في مصر وسياسة الكيل بمكيالين
عندما علمت بإطلاق سراح الرئيس المصري السابق حسني مبارك من المستشفى العسكري الذي كان محتجزًا به منذ بدء محاكمته بعد ثورة يناير التي أطاحت به من منصبه، عدت إلى النظر في صور محاكمته؛ لتذكّر لحظات التشويق لرؤية القصاص من حكم

نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقالًا للصحفية “منى الطحاوي” حكت فيه عن شعورها بعد إطلاق سراح مبارك ونظام الكيل بمكياليين الذي يقوم به القضاة في مصر.

وإلى نص المقال:

عندما علمت بإطلاق سراح الرئيس المصري السابق حسني مبارك من المستشفى العسكري الذي كان محتجزًا به منذ بدء محاكمته بعد ثورة يناير التي أطاحت به من منصبه، عدت إلى النظر في صور محاكمته؛ لتذكّر لحظات التشويق لرؤية القصاص من حكم 30 سنة في قفص الاتهام.

وعبّر مشهد مبارك في القفص عن جرأة الثورة المصرية؛ حيث كان أول رئيس تتم محاكمته بعد الإطاحة به في سلسلة الثورات التي امتدت في المنطقة.

وكان أول رئيس تتم الإطاحة به هو زين العابدين بن علي، الذي هرب على متن طائرة إلى السعودية التي رفضت تسليمه ليحاكم محاكمة مدنية في 2011، وطُلب إلى محاكمة عسكرية في 2012 ورفضت المملكة تسليمه أيضًا. وانتهت ثاني محاكمة بالحكم عليه غيابيًا بالسجن مدى الحياة لاتهامه بقتل 23 متظاهرًا من خلال الشرطة أثناء الثورة التونسية.

لن أنسى أبدًا هروبه، وحقيقة أن الشعب يمكنه التخلص من ديكتاتور في المنطقة العربية تعد جرأة.

واعتبر البعض أن وجود مبارك في القفص كان مسرحية من الحكومة العسكرية التي ستطلق سراحه في النهاية لأنه واحد منهم، والبعض رأى أن تحقيق العدالة ومحاسبة مبارك على الجرائم التي ارتكبت والشباب الذي سقط أثناء الثورة هما من دروب الوهم.

وقد يبدو هذا منطقيًا، ولكن الثورة في حد ذاتها كانت ضمن الأمور غير المنطقية؛ لأن الحقيقي حتى 2011 هو أن الطريقة الوحيدة للتخلص من الرؤساء إما بقتلهم أو أن تكون وفاتهم لأسباب طبيعية، وعندها كان يرى البعض أن استحقاق الشعب للحرية والعدالة أمر وهمي.

ولمدة سنوات، أنشأ مبارك عديدًا من الفروع للأمن وعيّن القضاة؛ وهو ما ضمن أن نظام العدالة أنشئ لعدم تحقيق عدالة. لذا؛ كيف تتم محاكمة شخص أمام قضاء اختاره ويتم الحكم عليه؟

وعلى النقيض، فإن القضاة أنفسهم قرروا اليوم السابق لخروج مبارك تأجيل النطق بالحكم في قضية آية حجازي وزوجها وعدد من الأشخاص الذين عملوا في منظمة لتقديم الدعم والخدمات لأطفال الشوارع. وتم حبسهم منذ مايو 2014 بسبب تهم غريبة في الاتجار بالبشر أو الاستغلال الجنسي.

وقبل الإفراج عن مبارك بأيام، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات بالعفو الصحي عن الشاب أحمد الخطيب (22 سنة) الذي مرض بسبب ظروف السجن غير الآدمية. ويعد الخطيب واحدًا ضمن 60 ألف مسجون سياسي، ويعاني عديد منهم من أمراض؛ ولكن يتم رفض علاجهم. وعلى الجانب الآخر، وأثناء محاكمته، تم حجزه بأفضل مستشفى في مصر يُقدّم الخدمات الطبية، وهو المستشفى العسكري.

ولفهم كيف يحاكم العسكريون الأشخاص غير العسكريين يجب أن تتم مقارنة محاكمة مبارك مع الرئيس المصري السابق محمد مرسي.

ونزل ملايين المصريين إلى الشوارع للمطالبة باستقالة مرسي في الذكرى الأولى لانتخابه؛ حيث رأوا أنه يعزز سلطة الإخوان المسلمين بدلًا من العمل كرئيس. وبعد ثلاثة أيام من المظاهرات قرر عبدالفتاح السيسي الإطاحة به من الحكم.

ووضع مرسي مثل مبارك في القفص لمحاكمته، ولكنه لم يمض وقته في مستشفى عسكري؛ بل وضعه الجيش ومعه مسؤولين كبارًا في سجن بمعزل عن العالم لشهور قبل بدء إجراءات المحاكمة، التي انتهت بإدانته وحبسه في سجن عالي الحراسة في الإسكندرية.

والآن، أنا غاضبة وحزينة للإفراج عن مبارك؛ بسبب أن نظام العدالة يأتي في صف الأقوياء بينما يظلم الضعفاء. إذا لم يتم محاسبة مبارك على قتل حوالي 900 في 11 يومًا، كيف سيتم محاسبة السيسي أو أي مسؤول أمني آخر على المجازر المرتكبة؛ خاصة في الأيام التي تلت إسقاط مرسي، حيث قُتل ما يقرب من 800 شخص في يوم واحد في 2013؟!

ويعتبر الاعتقاد بأن أي ديكتاتور يسانده الغرب سيؤدي إلى الاستقرار ساذجًا، ولا يجب أن نعتبر احترام حقوقنا كبشر وهمًا.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023