شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

دلالات الفيتو الروسي .. هكذا وقع ترامب في الفخ الروسي في سوريا!

دلالات الفيتو الروسي .. هكذا وقع ترامب في الفخ الروسي في سوريا!
هذا هو الفارق الضخم بين ترامب وأوباما.. أوباما كان يهدد ويضع خطوطا حمراء لكنه لا ينزلق ولا يورط نفسه.. صعد ضد الأسد بعد استخدام الكيماوي واعتقد الجميع أن ضربة أميركية ستحدث لكنه تراجع في آخر لحظة.. وانتشرت المقولة الساخرة وقت

“يمكن تقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام: الذين لا يمكن تحريكهم، والذين يمكن تحريكهم، وهؤلاء الذين يتحركون”
(بينجامين فرانكلين – أحد مؤسسي الولايات المتحدة)
***
لا أصدق حقا حدة التصريحات المتصاعدة بين أميركا وروسيا، ففي اعتقادي أن روسيا تتحدث في العلن عن خلافات مع أميركا، بينما هي سعيدة للغاية بوقوع أميركا سريعا في الفخ الذي نصبته لأميركا بإحكام!

أما إصرار أميركا على إظهار العداء لروسيا يشعرك وكأنهم يحاولون التغطية على فضائح التجسس الروسي التي تطال غالبية أعضاء الإدارة الأميركية، ومنهم وزير الخارجية الحالي (رئيس شركة الطاقة العملاقة ايسكون موبيل السابق) الذي يعتبر من أصدقاء بوتين الشخصيين، وقابله في موسكو بعد تصريحات سابقة بأنه لن يلتقيه!

وأثناء تواجد وزير الخارجية الأميركي في روسيا؛ صوتت روسيا بالفيتو على قرار مجلس الأمن بشأن مجزرة الكيماوي الأخيرة على روسيا، (رقم 1 في المصادر) في مشهد أعاد لروسيا كثير من هيبتها الدبلوماسية كمتحكم في المشهد الدولي يقف أمامها الغرب عاجزا!

ولا نريد أن نتوقف فقط عند كلام نائب المندوب الروسي القوي (بل والجارح) لمندوب بريطانيا في الجلسة العامة لمجلس الأمن، (رقم 2 في المصادر) بل أن الفيتو الروسي على قرار مجلس الأمن (الذي ينص على تجريم كل من يستخدم السلاح الكيمياوي في سوريا بصفة عامة وليس النظام السوري تحديدا) سيجعل أميركا أمام خيارين أحلاهما مر:

1- أن تقوم أميركا مجددا بعمل عسكري أحادي الجانب unilateral مما سيجعل القوات الأميركية في سوريا في مرمى النيران الروسية والإيرانية، التي توعدت أميركا في بيان عسكري مشترك بالرد عليها إذا ضربت في سوريا مجددا (رقم 3 في المصادر)، وبالفعل؛ بدأت القوات الأميركية في سوريا برفع حالة التأهب والاستعداد بالفعل بعد هذا البيان، وخاصة بعد تعليق روسيا العمل بالخط الساخن مع أميركا في اليوم التالي للضربة، وبعد تهديد روسيا بأن القواعد الجوية في اللاذقية وطرطوس محمية بصواريخ الدفاع الجوي الأكثر تطرا في العالم اس 300 واس 400! (رقم 4 في المصادر)

2- الخضوع للشروط الروسية في سوريا، وهذا سيكون جرح كبير في الكبرياء الأميركي، وخضوعا لأجندتها، واعترافا بسيادتها، ونجاحا روسيا في فرض إملاءتها على الغرب، وربما الموافقة لاحقا على تسوية في سوريا، ولكن بعد أن تأخذ الثمن المناسب سلفا وبشروطها هي!

صحيح أن هذه هي المرة الثامنة التي تستخدم فيها روسيا حق النقض بشأن الأزمة السورية خلال السنوات الست الماضية، وأن هذه ليست المرة الأولى التي تضع فيها أميركا خطوطا حمراء على استخدام الكيماوي في سوريا؛ إلا أن أميركا كانت تتكلم دائما دون أفعال على الأرض تترجم هذه الخطوط لإظهار أنها حقا حمراء، وكما قال شكسبير في رائعته الملك لير الأفعال أعلى صوتا من الأقوال: Actions speak louder than words!

هذا هو الفارق الضخم بين ترامب وأوباما.. أوباما كان يهدد ويضع خطوطا حمراء لكنه لا ينزلق ولا يورط نفسه.. صعد ضد الأسد بعد استخدام الكيماوي واعتقد الجميع أن ضربة أميركية ستحدث لكنه تراجع في آخر لحظة.. وانتشرت المقولة الساخرة وقتها تتهكم على أوباما وخطوطه الحمراء: ليست خطوطا .. وليست حمراء!

أوباما كان يدرك أن “الخطووط الحمراء” تكون حمراء عليه وعلى بلاده مثلما هي حمراء على الأسد بل أشد.. فإذا قال بأن الكيماوي في سوريا خط أحمر (مثل ترامب)، واستخدم القوة العسكرية لاستخدام الكيماوي (مثل ترامب)، سيكون مضطرا للالتزام بهذا الخط الأحمر، وإلا سيكون هذا تراجعا وانهزاما أمام التهديدات الروسية!

هذا هو المأزق الذي يجد أميركا نفسها فيه الآن؛ فتصريحات ترامب بشأن الأسد، وتشنج المندوبة الأميركية نيكي هالي ذات الطباع الحارة بطبيعتها (لها أصول هندية) كلها تضع على عاتق أميركا تعهدات كانت في غنى عنها، وتصويت روسيا بالفيتو في مجلس الأمن أثناء وجود وزير خارجية أميركا في موسكو يؤشر على مدى الإهانة التي توجهها روسيا لأميركا، والاستهانة التي تتعامل بها مع الإدارة الجديدة!

إن الضربة الأميركية الأخيرة بما يقارب 60 صاروخا على مطار الشعيرات في سوريا، والتي علم الجميع بها قبل وقوعها، لم تضر أحدا على الإطلاق، لا روسيا ولا إيران ولا النظام السوري، (بل لم تضر أصلا المطار المضروب ولم تخرجه عن العمل)!

لم تفعل الضربة الأميركية سوى أنها وضعت خطا أمر على ترامب ووضعت إطارا حاكما لسياسة أميركا في سوريا، وهو إطار في صالح روسيا وليس في صالح أميركا!

وتهديد أميركا بضرب كوريا الشمالية يزيد الطين بلة! (رقم 5 في المصادر) فمن المستحيل تقريبا تدمير المنظومة النووية لكوريا الشمالية، وتدميرها بعض المطارات كما في سوريا سيكون مضحكا! لكن الرد الكوري وقتها على أميركا سيكون مزلزلا، لأن تهديد بيونج يانج بضرب أربع مدن أميركية على الساحل الغربي خلال 20 دقيقة فقط لا يزال قائما!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023