شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

“فورين بوليسي”: تركيا في “عصر ذهبيّ” بفضل أردوغان

“فورين بوليسي”: تركيا في “عصر ذهبيّ” بفضل أردوغان
جزءٌ من الشعب التركي يرى فترة حكم حزب العدالة والتنمية الحاكم بأنها العصر الذهبي وتماثل فترة العثمانيين، وأنها الفترة التي تمتّع فيها الأتراك بالحريات الشخصية والسياسية التي حُرموا منها في العقود السابقة وبالازدهار الاقتصادي

قالت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية إن التعديلات الدستورية في تركيا تعيد البلاد إلى النظام الذي كان قائمًا قبل العلمانية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك.

وأضافت المجلة في مقال لها أمس (الاثنين 17 أبريل) أن إقرار هذه التعديلات يجعل تركيا أشبه بما كان عليه الوضع إبّان نظام الإمبراطورية العثمانية؛ حيث سيتمتع الرئيس رجب طيب أردوغان بسلطات لم يتمتع بها أي رئيس تركي منذ سلاطين الإمبراطورية العثمانية، حسب تعبيرها.

وتابعت: “جزءٌ من الشعب التركي يرى فترة حكم حزب العدالة والتنمية الحاكم بأنها العصر الذهبي وتماثل فترة العثمانيين، وأنها الفترة التي تمتّع فيها الأتراك بالحريات الشخصية والسياسية التي حُرموا منها في العقود السابقة وبالازدهار الاقتصادي والصعود في السلم الاجتماعي”.

وأكدت أن “أغلبية الأتراك الذين صوّتوا لصالح التعديلات الدستورية أكدوا أنهم صوتوا لأردوغان حتى ينجز أكبر مما أنجز، بينما يرى ملايين الأتراك الذين صوّتوا ضد هذه التعديلات بأن الدولة العلمانية التي تمثل أفكار أتاتورك مقدّسة، وعبّروا عن مخاوفهم من تعزيز (الديكتاتورية) في البلاد”.

وتوجّه الأتراك الأحد الماضي إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في استفتاء على تعديلات دستورية تنقل البلاد من النظام البرلماني إلى الرئاسي، وجاءت النتيجة لصالح إقرار هذه التعديلات، وسط تشكيك من المعارضة في النتائج.

وصوّت 51.41% من المقترعين في الاستفتاء بـ”نعم”، في حين رفض 48.59% إقرار التعديلات.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن فوز “نعم” في الاستفتاء على التعديلات الدستورية مهمّ جدًا؛ لأنها ستغير طريقة إدارة الدولة وتنهي النقاشات الجانبية التي دامت أكثر من قرنين من الزمن.

وأضاف أردوغان، في مؤتمر صحفي بإسطنبول بعد انتهاء الاستفتاء، أن الشعب التركي عبّر بإرادة حرة وقام بواجبه الوطني وأيّد 25 مليون ناخب التعديلات الدستورية، مشددًا على أن القرار الذي اتخذه الشعب التركي ليس عاديًّا؛ بل هو اختيار سياسي سيُعدّل النظام السياسي للدولة.

وتابع: “التعديلات الدستورية أُقرّت بأصوات 25 مليونًا و200 ألف مواطن؛ ولذلك فإن النقاشات حول هذا الموضوع انتهت الآن”، مستطردًا: “لقد قمنا بأهم إصلاح في هذه المرحلة”، مشيرًا إلى أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ البلد التي يتمكن فيها الشعب من تعديل الدستور مباشرة بإرادة حرة.

وأضاف أردوغان: “استطعنا تحقيق التعديل الذي سيوّحد السلطات التنفيذية بشكل مستقل عن السلطات التشريعية والقضائية لأجل دولة واحدة ووطن واحد”، موضحًا أن التعديلات المصادَق عليها لن تدخل حيز التنفيذ إلا بعد انتخابات 2019 الرئاسية؛ إذ لن يكون العمل بالشعارات، بل سيقدّم المرشحون مشاريع وبرامج حقيقية لإقناع الناخبين.

وشدّد الرئيس التركي على أن ذلك انتصار لكل المواطنين الأتراك المصوتين بـ”نعم” وبـ”لا”، داعيًا الدول الصديقة والحليفة إلى احترام الإرادة الشعبية والمساعدة على محاربة الإرهاب.

وفي السياق ذاته، قدّم أردوغان الشكر لكل الشعب التركي على قيامه بواجبه، كما شكر حزب العدالة والتنمية ورئيسه بن علي يلدرم، وحزب العمل القومي وزعيمه بهجت بهشلي، ورئيس حزب الوحدة الكبرى، وكل منظمات المجتمع المدني التي ساهمت في إنجاح الاستفتاء.

صلاحيات الرئيس

من أبرز ما جاءت به التعديلات الدستورية منح صلاحيات جديدة للرئيس، مقابل فسح المجال أمام البرلمان للتحقيق معه؛ على أن تجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية مرة واحدة كل خمس سنوات.

وبموجب الدستور الجديد، فإن الرئيس عزّز سلطاته التنفيذية ليتمكن من تعيين كبار المسؤولين في القطاع العام بشكل مباشر، بما يشمل الوزراء.

معارضة النتائج

وعقب فرز الأصوات، دعا حزب الشعب الجمهوري المعارِض في تركيا لجنة الانتخابات العليا إلى إبطال نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية؛ بسبب ما وصفها “مخالفات” شابته، وهي اتهامات نفاها مجلس الانتخابات، مؤكدًا نزاهة الاستفتاء ونتائجه.

وتحدث حزبا الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي الكردي عن “عمليات تلاعب” خلال الاستفتاء، وأكدا أنهما سيطعنان في نتيجته. وانتقدا إجراءً أعلنه المجلس الانتخابي الأعلى في اللحظة الأخيرة يؤكد صلاحية البطاقات التي لا تحمل الختم الرسمي لمركز التصويت الذي يجري الاقتراع فيه.

واستنكرت تركيا انتقادات لجنة المراقبين الأوروبية لنتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وسط انقسام أوروبي وتريث أميركي تجاه تقييم الاستفتاء.

ونقلت “الجزيرة” عن وزارة الخارجية التركية القول في بيان لها إن “تصريحات رئيس لجنة المراقبين عن البرلمان التابع لمجلس أوروبا سيزار فلوران بريدا نابعةٌ من أحكام مسبقة في أذهان وفد المراقبين”، مضيفة أن “ما ورد في التقرير الأوروبي بأن الاستفتاء تم في ظل ظروف غير عادلة ومتخلفة مقارنة بالمعايير الدولية أمر غير مقبول”.

أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فطالب باحترام نتيجة الاستفتاء المؤيدة للتعديلات، وقال إنه لن يقبل بتقرير منظمة الأمن والتعاون الأوروبية بشأن سير عملية الاستفتاء.

وقال “بريدا” إن الاستفتاء الذي أجري في تركيا لم يحترم كل المعايير الدولية، وأضاف أن تغيير طريقة عدّ الأوراق أزال وسيلة مهمة كان من شأنها ضمان عدم وجود عمليات غش.

وتابع أن “حملة الاستفتاء جرت بشكل غير متكافئ، كما أن الفرص لم تكن متساوية للطرفين”، مضيفًا أن إجراء الاستفتاء في ظل حالة الطوارئ التي أعقبت المحاولة الانقلابية الفاشلة في يوليو الماضي يعد “انتهاكًا للحرية الأساسية”.

وذكرت وكالة أنباء الأناضول أن 51.3% من المشاركين في الاستفتاء وافقوا على منح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة جديدة بعد إحصاء أصوات 99% من صناديق الاقتراع؛ لكن أكبر ثلاث مدن تركية، وهي إسطنبول وأنقرة وأزمير، صوتت بـ”لا”.

ردود الأفعال

ومن جانبه، اعتبر وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورز أن الاستفتاء التركي يجب أن يقود الاتحاد الأوروبي إلى وقف انضمام تركيا إلى الاتحاد، مشيرًا إلى أن النتائج أظهرت صورة “بلد منقسم”.

فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها أحيطت علمًا بالمخاوف الأوروبية التي أثارها مراقبون أوروبيون وتتطلع إلى تقرير نهائي؛ ما يشير إلى أن الوزارة لن تصدر تعليقًا قبل الانتهاء من تقييم شامل.

أما ألمانيا وفرنسا وروسيا واليونان فاتخذت مواقف مغايرة للجنة الأوروبية، وكانت أكثر حذرًا في تقييمها لنتائج الاستفتاء.

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في بيان إن حكومتها تحترم حق الأتراك في تقرير دستورهم. وأضافت أن على الحكومة التركية السعي الآن لإجراء حوار قائم على الاحترام مع كل الأحزاب السياسية، داعية إلى حوار سياسي بين برلين وأنقرة في أسرع وقت ممكن على المستوى الثنائي، وكذلك مع المؤسسات الأوروبية.

كما أعلن وزير الخارجية الألماني زيجمار جابريل عن رغبته في عدم قطع مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي رغم الموافقة على التعديلات الدستورية في تركيا.

وبدورها، قالت الرئاسة الفرنسية إنه يعود للشعب التركي وحده اتخاذ القرار المناسب بشأن النظام السياسي في بلدهم، وشددت على ضرورة “تبني حوار حر وصادق مع جميع مكونات الحياة السياسية والاجتماعية التركية؛ استنادًا إلى القيم والالتزامات المتخذة في إطار مجلس أوروبا”، الذي تعد تركيا أحد أعضائه.

كما أكدت الحكومة اليونانية احترام قرار الشعب التركي في الاستفتاء، وقالت “أثينا” إنها تتابع المستجدات ونتيجة الاستفتاء في تركيا عن كثب، وتحترم قرار الشعب التركي المتعلق بمستقبله.

غير أن إيطاليا قالت إن الحكومة تنتظر تقييم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لنتيجة الاستفتاء، ودعت تركيا في الوقت نفسه إلى خفض التوترات داخل البلاد وإشراك المعارضة في مسار الإصلاحات.

أما الكرملين فقال إن الاستفتاء في تركيا شأن داخلي، ودعا الجميع إلى احترام إرادة الشعب.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023