شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

احتقار الرموز الإسلامية في مصر.. بين مسخ الهوية وتكريس الاستبداد

احتقار الرموز الإسلامية في مصر.. بين مسخ الهوية وتكريس الاستبداد
منذ ما يقارب العشر سنوات، أصدرت مؤسسة راند الأميركية تقريرًا بعنوان "بناء شبكات مسلمة معتدلة"، دعا إلى "ضبط الإسلام نفسه" وليس الإسلاميين؛ ليتماشى مع "الواقع المعاصر". وحينها لم يكن لأحد في مصر أن تدفعه جرأته لمهاجمة شخصيات

منذ ما يقارب العشر سنوات، أصدرت مؤسسة راند الأميركية تقريرًا بعنوان “بناء شبكات مسلمة معتدلة”، دعا إلى “ضبط الإسلام نفسه” وليس الإسلاميين؛ ليتماشى مع “الواقع المعاصر”. وحينها لم يكن لأحد في مصر أن تدفعه جرأته لمهاجمة شخصيات أو رموز إسلامية تربّت الأجيال على توقيرها، أو كان تقديرهم من المُسلّمات الاجتماعية.

لاقى هذا التقرير في وقته اهتمامًا من خبراء ومتخصصين في الفكر والدين على حد سواء، وانتشرت التحذيرات الإسلامية في المؤتمرات والندوات من رغبة لدى الغرب في تغيير ثوابت الشعوب الإسلامية والتشويش على مبادئها؛ بهدف تغيير شكل الإسلام ذاته كدين وفكرة، كما ورد في التقرير، وليس تغيير فكر الأشخاص.

مظاهر الإهانة

وبعد مرور عشر سنوات على تقرير مؤسسة راند، يتلقى المصريون اليوم صدمات متتابعة مِمّا يطالعونه من هجوم وإهانات لرموزهم الإسلامية التي نشؤوا على احترامها؛ ما دفع البعض إلى الحديث عن هجمة ممنهجة برعاية رسمية.

فوجد المتابعون الممثل أشرف عبدالباقي وفريقه يؤدون مشهدًا مسرحيًا استدعى فيه بطريقة ساخرة الأفلام التاريخية التي تتناول البعثة المحمدية بطريقة عبّر كثيرون عن تألّمهم منها. ثم ظهر الشيخ محمد عبدالله (الشهير بالشيخ ميزو) في لقاء تلفزيوني مدعيًا أنه “المهدي المنتظر”، وقال لاحقًا إنه كان يسخر من تشابه الأسماء.

وعلى نحو مريب في أعين المصريين، يظهر إسلام بحيري على مدار شهور ويهاجم في برنامجه التلفزيوني الإمام البخاري، وأدانه القضاء بالسجن وخرج بعفو رئاسي؛ ما صدم عديدين وقتها بأن هناك من المظلومين من هم أولى بالعفو ممن يهين رموز المسلمين.

ومؤخرًا، وصف الكاتب يوسف زيدان القائد صلاح الدين الأيوبي في لقاء تلفزيوني بأنه “أحقر شخصية تاريخية”، وقبلها قال إن “المسجد الأقصى المقصود قريب من مكة وليس بالقدس”؛ ما يعتبر مناقضًا للقرآن الكريم الذي تحدث عن رحلة الإسراء إلى القدس واستهانة برمزية المسجد الأقصى.

وكشف تسريب صوتي منسوب إلى الكاتب نفسه أنه ناقش عبدالفتاح السيسي في “حقيقة مكان المسجد الأقصى” وطالبه الأخير بترويجها؛ ما دفع البعض إلى الاعتقاد بأن الهجوم على المقدسات يحدث برعاية رسمية.

هذا فضلًا عن حملة ظهرت ملامحها مؤخرًا لتقزيم الأزهر الشريف، جامعًا وجامعة، على نحو أثار التساؤلات والغضب معًا.

معاقبة المخالفين

وفي السياق، يواجه من يقولون ما يخالف هوى السلطة عنتًا وتشريدًا؛ حيث أقيل رئيس جامعة الأزهر السابق أحمد طه فور وصمه إسلام البحيري بالكفر، ورغم اعتذره عن التكفير لم يشفع له.

أيضًا، وجد الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف سابقًا، نفسه مطرودًا من فضائية فسّر على شاشتها آيات تتعلق بكفر المعتقدين بألوهية المسيح عليه السلام، ومنعه بعدها وزير الأوقاف من اعتلاء المنابر.

تقرير “راند”

قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام، مصطفى خضري، إن ما يحدث في مصر حاليًا من هذه الممارسات هو تنفيذ حرفي لتوصيات تقرير مؤسسة راند الأميركية الصادر منذ عشر سنوات بعنوان “بناء شبكات مسلمة معتدلة” ودعا إلى ما أسماه “ضبط الإسلام نفسه” وليس “الإسلاميين” ليتماشى مع “الواقع المعاصر”.

وأضاف في تصريحات تلفزيونية أن التقرير دعا إلى الدخول في بنية الإسلام التحتية؛ بدايةً من الطعن في الثوابت الدينية.

خيانة النظام

ولا تكمن خطورة هذه الممارسات في مخططيها أو أهدافها، برأي خضري؛ “فهو سياق لا يتعلق بمخطط صهيوني صليبي خارجي فقط، ولكن السياق يؤشر أيضًا إلى خيانة من النظام لعقيدة المسلمين ببلد مسلم، تحت دعوى محاربة فصيل إسلامي”.

ويُرجع الباحث بالمرصد العربي لحرية الإعلام أحمد أبو زيد تصاعد الحملة الإعلامية الممنهجة ضد الرموز الدينية والتاريخية للأمة إلى ما بعد ثورة 25 يناير مع نمو شعبية التيار الإسلامي؛ حيث انتهجت معه الثورة المضادة حملة متعددة المراحل للضرب في الصميم.

وأعرب أبو زيد، في تصريحات تلفزيونية، عن اعتقاده بأن استمرار هذا النهج يكرّس لحقبة الهوية المسخ، التي تُمكّن لنظام ديكتاتوري معادٍ للثقافة الإسلامية، وقال إن الحملة المعادية للهوية الإسلامية تقوّض جهود التيار المعتدل وتقوي التيار المتشدد المعادي بعنف لهذه الحملات.

أما المتحدث باسم الجبهة السلفية، خالد سعيد، فينظر إلى المسألة باعتبار أن هناك حملة يشنها النظام وحلفاؤه من قوى علمانية وطائفية مؤيدة له لإنهاء الرموز الإسلامية بمصر.

فِرق أمن الدولة

وقال خالد سعيد، في تصريحات صحفية، إن هناك معلومات عن إدارة جهاز أمن الدولة لفِرق إعلامية أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك وُجِّهت بعناية لزيادة الانقسام المجتمعي وإلهاء الشعب، ويبدو أن الفِرق عادت مع نظام الثالث من يوليو.

واعتبر أن هذا الاتجاه ضار بوحدة المجتمع، مع تفاوت ردود أفعال المتمسكين بهذه الثوابت؛ لتزيد حدة العنف غير المنضبط لدى البعض، كما يفتح أبواب المجتمع على مصراعيها للاختراق.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023