شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أهداف الضربة الجوية المصرية علي ليبيا.. وعلاقتها بهجوم المنيا

أهداف الضربة الجوية المصرية علي ليبيا.. وعلاقتها بهجوم المنيا
شكل الصراع داخل الأراضي الليبية متحرك وغير مستقر أي بمعني "كر وفر" بين القوات المتصارعة فى الداخل الليبي الإ انه فى الفترة الأخيرة كان ملاحظ ونتيجة للدعم المتزايد من قبل كلا من مصر والأمارات لقوات خليفة حفتر

.

حافلة تنقل مجموعة من الأقباط في محافظة المنيا فى صعيد مصر توقفهم مجموعة مسلحة وتقوم بقتل 35 شخص ممن كانوا علي متن تلك الحافلة، وبعد بضع ساعات من الهجوم يقوم السيسي بتوجية خطاب الي الشعب يعلن فيه ان قواته المسلحة تقوم بقصف مناطق في مدينة درنة الليبية التي تبعد عن محافظة المنيا 1400 كيلومتر!

هذا المشهد برز في يوم الجمعة الموافق 26 مايو 2017م، بعد مقتل مجموعة من الأقباط في محافظة المنيا أثناء توجهم الي دير الأنبا صاموئيل علي يد أفراد من تنظيم الدولة الإسلامية. فلماذا وجة السيسي طيرانه وجنودة نحو ليبيا ولم يوجها الي اي اتجاه أخر، هذا ما نحاول ان نجيب عليه فى هذا التقرير.

أولا: تطورات الساحة الليبية قبل الضربة المصرية:

شهدت الساحة الليبية خلال الفترة الماضية العديد من التطورات علي الجانبين السياسي والعسكري وكانت أخر التطورات علي النحو التالي:

1-التطورات السياسية:

في بداية شهر مايو الماضي كان المشهد الأبرز علي الساحة السياسية الليبية، وتحديدا في 02 مايو 2017م، حيث التقي خليفة حفتر قائد ما يسمي بالجيش الوطني الليبي برئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج في دولة الإمارات، وجاء اللقاء استجابة  لدعوة وجهها لهما ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وتم الإعلان في نفس اليوم بعد انتهاء اللقاء عن أن حفتر والسراج قد اتفقا علي تشكيل هيكل جديد اسمه “مجلس رئاسة الدولة الليبية”، يضم كلاً من: رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، قائد الجيش الوطني خليفة حفتر وقيل بأن الجانبين أيضا اتفقا علي إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد 6 أشهر من الاتفاق، وأيضا الاتفاق على حل التشكيلات المسلحة وغير النظامية في الداخل الليبي، وقد تم الأتفاق أيضا وبناء علي نص الإتفاق المعلن على مواصلة محاربة الاٍرهاب حتى القضاء عليه نهائياً ، وإبعاد النزعة الأيديولوجية أو الحزبية أو المناطقية على الحكومة المقبلة، وأخيرا الاتفاق على ضرورة الامتثال لجميع الأحكام القضائية التي تصدرها المحاكم الليبية. لكن بعد الأتفاق الذي قد تم الإعلان عنه بين “حفتر والسراج” كشفت مصادر ليبية عن تفاصيل وكواليس ما جرى خلال الاجتماع المغلق الذي جمع كلا من فايز السراج وخليفة حفتر في دولة الإمارات حيث أوضحت أنه عقب عودة “السراج” إلى ليبيا، اجتمع مع أعضاء المجلس الرئاسي، والذين وجهوا له لوما وعتابا على لقائه بـ”حفتر”، مستغربين ذهابه للقاء بمفرده ودون علم أو اتفاق مسبق مع أعضاء المجلس الرئاسي. وأوضح “السراج” بحسب المصادر أنه قرر تلبية الدعوة (لقاء حفتر) بمفرده وبصفته، لعدّة أسباب، منها “عدم وجود أجندة محددة للنقاش أثناء اللقاء حتى يستعرضه ويناقشه مع أعضاء المجلس، وبالتالي فلم يكن هناك مجال لاقتراح مقترحات أو توصيات بعينها، وخوفا من وقوع المجلس الرئاسي مجتمعا في فخ الضغوطات الدولية والإقليمية، والرضوخ لاتفاقات غير مناسبة”، وأشار السراج لأعضاء المجلس الرئاسي إلى أن حضوره لقاء حفتر بمفرده سمح له بهامش كبير للمناورة في الرأي لأي مقترح ووجود حجة الاستشارة مع الشركاء، خاصة أنه أكد أكثر من مرة أنه لا يملك القرار منفردا، وفي نفس سياق أعلنت القوات الموالية لحكومة الوفاق رفضهم لما أعلن عنه من بنود أتفاق بين “حفتر والسراج” ورفضوا العمل تحت إمرة من وصفوه بـ”مجرم الحرب” خليفة حفتر، ووصفوا  “قوات الكرامة التابعة لحفتر” بـ “المجموعة المسلحة الخارجة عن القانون” وذلك كان في ملتقى ضباط من جنوبي ليبيا وغربها، عقد، في 14 مايو 2017م بمدينة زوارة في الغرب الليبي، وطالب الضباط المجلس الرئاسي بقيادة “فايز السراج” الذي “حمّله مسؤولية ما آلت إليه حالة الجيش” بالكف عن محاولة استرضاء بعض الأطراف، وأعلن الضباط عن استعدادهم لحماية ليبيا وتأمين حدودها، في حال توفر لهم الدعم. يذكر ان وفي نفس تواجد فايز السراج وخليفة حفتر في دولة الإمارات توجه السيسي يوم الأربعاء الموافق 03 مايو 2017م، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة فى زيارة أستغرقت يومين، قيل أن الزيارة جاءت بهدف إجراء مباحثات مع قيادات دولة الأمارات، وفي خلال زيارة السيسي قام بعقد لقاء بكلا من رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، وخليفة حفتر للوقوف علي كيفية تنفيذ ما قد تم الاتفاق علية بين حفتر والسراج.

2-التطورات العسكرية:

ان شكل الصراع داخل الأراضي الليبية متحرك وغير مستقر أي بمعني “كر وفر” بين القوات المتصارعة فى الداخل الليبي الإ انه فى الفترة الأخيرة كان ملاحظ ونتيجة للدعم المتزايد من قبل كلا من مصر والأمارات لقوات خليفة حفتر أنها تحقق مكاسب ملموسة علي الأرض بشكل ملحوظ وكانت أخرها المعارك التي خاضتها لإسترجاع مناطق الهلال النفطي علي الساحل الليبي، ولكن من بداية شهر مايو 2017م، رأينا ان القوات الموالية لحكومة طرابلس وبعض من المجموعات المسلحة الأخري أصبح لها شكل قوي وفعال وتحديدا في الجنوب الليبي وأصبحت تحقق مكاسب علي الأرض وكانت أخر المعارك التي كبدت فيها تلك القوات خسائر كبيرة للقوات التابعة “لحفتر” كان في الهجوم علي القاعدة الجوية في الجنوب الليبي “براك الشاطئ” والذي نفذته القوة الثالثة التابعة لوزراة الدفاع في حكومة الوفاق الوطني، وقوات تابعة لتنظيم القاعدة وكانت حصيلة القتلي من قوات ” حفتر” في ذلك الهجوم 141 شخصا، وكان من اللافت في ذلك الهجوم ان القوات المنفذة لم يكن هدفها السيطرة علي قاعدة “براك الشاطئ” بل ان القوات بعد مهاجمتها للقاعدة وقتل جل من فيها قامت بتجريف أماكن إقلاع الطائرات وقامت بتركها، في وقت نفسه نفت حكومة الوفاق الوطني مسؤوليتها عن الهجوم، رغم أن القوات المهاجمة أعلنت سابقا ولاءها لها. في هذه الأثناء، أصدر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح تعليمات للقوات المسلحة باتخاذ كافة الإجراءات الضرورية للدفاع عن الجنوب و”تطهيره من جميع المليشيات الخارجة عن القانون”، مشددا على عدم القبول بعد الآن بأي تهدئة إلا بعد رحيل من وصفها بـ”المليشيات الجهوية والمتطرفة” من جنوب ليبيا.وفي ذلك السياق أدانت الخارجية المصرية الهجوم على قاعدة “براك الشاطئ” الجوية، جنوبي ليبيا. ودعت الوزارة، إلى “عدم رهن الوضع السياسي الليبي” بيد مجموعات وصفتها بأنها “غير شرعية” (لم تسمها)، “تحاول انتزاع دور سياسي”. وبعد الهجوم الذي تم علي قاعدة “براك الشاطئ” كشف مصدر في اللجنة المعنية بمتابعة الشأن الليبي التي يترأسها رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق محمود حجازي، أنهم كانوا بصدد التوصل لاتفاق نهائي بين رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج وقائد القوات التابعة لبرلمان طبرق خليفة حفتر، لولا المعركة التي شهدتها قاعدة براك الشاطئ من قِبل قوات موالية للسراج. وقال المصدر: “أدركنا أن هناك أطرافاً إقليمية أخرى (لم يسمها) كان لا بد من تواجدها أو على الأقل مباركتها للاتفاق بين حفتر والسراج”. وكشف المصدر أن فريقاً أميركياً رفيع المستوى يضم دبلوماسيين وأمنيين، سيزور القاهرة في شهر يونيو 2017م، (لم تتم الزيارة الي الأن) لبحث الأزمة الليبية والسيطرة على الأوضاع، وسرعة التوصل إلى اتفاق نهائي، مضيفاً: “تدخّل الولايات المتحدة بشكل مباشر ربما ينهي النزاع، خصوصاً أن هذا التدخّل سيكون مصحوباً بتواصلها مع أطراف أخرى مؤثرة بشكل كبير في الملف الليبي، لكن لا يمكن للقاهرة التواصل معها في هذا الصدد”. وقال المصدر: “نسعى جاهدين لإجراء لقاء بين حفتر والسراج في حضور السيسي”، مشيراً إلى أن هناك مساعيٍ أخرى لأن يكون هذا اللقاء في حضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب في القاهرة في حال قرر زيارة مصر قريباً.

وبخصوص الصراع المحتدم في الجنوب الليبي يُذكر أن اللواء 12 مجحفل التابع للجيش الليبي  “قوات حفتر” كان أعلن في المدة الماضية عن عملية عسكرية باسم “الرمال المتحركة” بهدف “تحرير” جنوب البلاد، وحاولت قوات اللواء مرارا السيطرة على قاعدة تمنهنت الجوية شمال مدينة سبها. وبالمقابل أعلنت حينها القوة الثالثة التابعة لحكومة الوفاق “فايز السراج” والتي ينتمي معظم أفرادها إلى مدينة مصراتة، وتتولى منذ مدة طويلة حماية جنوب البلاد، عن عملية مضادة أسمتها “الأمل الموعود”. ويتهم الجيش الوطني الليبي التابع لحفتر القوة الثالثة بالتحالف مع قوات “سرايا الدفاع عن بنغازي” التي حاولت أكثر من مرة الهجوم على مدينة بنغازي، وتمكنت لفترة قصيرة من احتلال اثنين من موانئ تصدير النفط في منطقة الهلال النفطيومن ناحية الأوضاع في الشرق الليبي فيسيطر مجلس شورى مجاهدي درنة على المدينة منذ طرد تنظيم الدولة الإسلامية منها في 2015، ولا يتبع المجلس أيا من الحكومات الثلاث المتنازعة على السلطة في ليبيا، كما تعد درنة المدينة الوحيدة في شرقي ليبيا التي لا تخضع لسيطرة قوات حفتر.

ثانيا: العلاقات المصرية الليبية قبل الضربة الجوية:

منذ وصول السيسي إلي الحكم في مصر بعد الإنقلاب العسكري الذي قام به علي أول رئيس مدني منتخب في مصر “الدكتور محمد مرسي” في 3 يوليو 2013م، ومع بداية خليفة حفتر عملية الكرامة في ليبيا ظهر جليا مدى التعاون والتقارب العسكري بين مصر وليبيا ومن حينها لم تتوقف اللقاءات والتصريحات المتبادلة بين الجانبين للتأكيد على مدى التعاون والتنسيق بين الجيش الليبي والجيش المصري في العمليات المسلحة التي تقام في الداخل الليبي وكذلك التعاون الاستخباراتي، وشهد شهر مايو لعام 2017م، عدت تطورات تشير تطور نوعي في  العلاقة بين الجانبين، فشهد ذلك الشهر وقبيل الضربة الجوية المصرية علي ليبيا بأيام وتحديدا يوم السبت الموافق 13 مايو 2017م، أول لقاء معلن بين السيسى وخليفة حفتر في قصر الإتحادية، وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي بأسم الرئاسة المصرية، بأن السيسي أكد خلال اللقاء موقف مصر الثابت من الأزمة الليبية وسعيها المستمر للتوصل إلى حل سياسي من خلال تشجيع الحوار بين مختلف الأطراف، وأوضح السيسي أن كافة المساعى التى تقوم بها مصر مع مختلف القوى السياسية الليبية تهدف إلى التوصل لصيغة عملية لاستئناف الحوار من أجل مناقشة القضايا المحددة المتوافق على أهمية تعديلها باتفاق الصخيرات، باعتباره المرجعية السياسية المتوافق عليها. وقبيل الضربة الجوية المصرية علي ليبيا ببضعة أيام وتحديدا في 17 مايو 2017م، قام رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي ورئيس اللجنة المعنية بمتابعة الشأن الليبي بأول زيارة له الي الداخل الليبي حيث زار الفريق محمود حجازي مدينة بنغازي شرقي ليبيا والتقى بالقائد العسكري خليفة حفتر، حيث ذكرت وكالة الأنباء الليبية، في بنغازي، أن “وفدا يضم الفريق محمود حجازي ومدير المخابرات الحربية اللواء محمد الشحات جاء لتقديم التهنئة بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة الكرامة التي انطلقت لتحرير البلاد من قبضة الجماعات الإرهابية المتطرفة”. ونقلت الوكالة عن مصادر عسكرية ليبية أن طائرة عسكرية خاصة حطت في مطار بنينا الدولي ببنغازي وعلى متنها الوفد الذي اتجه على الفور إلى مقر القيادة العامة في منطقة الرجمة.

ثالثا: حادثة المنيا ورد فعل السيسي:

في يوم الجمعة الموافق 26 مايو 2017م، قامت مجموعة مسلحة بمهاجمة حافلة للأقباط في محافظة المنيا أثناء توجهها لدير الأنبا صاموئيل، وأسفر ذلك الهجوم عن سقوط أكثر 35 قتيل وأصابة العشرات، وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية تبنية للعملية حيث قالت وكالة أعماق التابعة للتنظيم  إن مفرزة تابعة للتنظيم نصبت كمينا محكما لمن وصفتهم بـ”عشرات النصارى المحاربين” أثناء توجههم إلى كنيسة صموئيل ما أدى إلى مقتل 35 شخصا وإصابة 24 آخرين وإحراق سيارة. بعد الهجوم ببضع ساعات قام السيسي بعقد اجتماع أمني مصغر لبحث تداعيات الهجوم وبعد الإنتهاء من الإجتماع القي السيسي كلمة  أعلن فيها أن القوات المصرية قامت بتوجيه ضربة لأحد المعسكرات التي يتم فيها تدريب هذه العناصر “علي حد زعمه” ،مضيفا أن مصر لن تتردد في توجيه ضربات ضد معسكرات الإرهاب في أي مكان، سواء في الداخل أو الخارج. ” وأضاف إنه يجب معاقبة الدول التي تدعم الإرهاب وتقدم له المال والسلاح “من دون مجاملة أو مصالحة”. ولكن الي وقتنا هذا لم تعلن السلطات المصرية انها قامت بالقبض علي مرتكبي تلك الواقعة.

رابعا: طبيعة الضربة الجوية المصرية علي ليبيا:

بعد إنتهاء السيي من خطابة أعلن سلاح الجو المصري إنه شن غارات على ما سماه معسكرات إرهابية في ليبيا “من قبل طائرات من طراز الرافال” وأضاف أن الغارات دمرت المركز الرئيسي لمجلس شورى مجاهدي درنة، وبثت وزارة الدفاع المصرية صورا لطائرات حربية وقت الإقلاع في إحدى القواعد الجوية قالت إنها وجهت ضربة إلى معسكرات إرهابية في ليبيا، وفي هذا الإطار قال العقيد تامر الرفاعي المتحدث بأسم القوات المسلحة المصرية أنه وبتكليفات من السيسى نفذت القوات الجوية عدد من الضربات المركزة نهارًا وليلًا استهدفت عدد من العناصر الإرهابية داخل الأراضى الليبية بعد التنسيق والتدقيق الكامل لكافة المعلومات شاركت فيها تشكيلات من المقاتلات متعددة المهام، وأسفرت الضربة عن تدمير كامل للأهداف المخططة والتى شملت مناطق تمركز وتدريب العناصر التى شاركت فى التخطيط والتنفيذ لحادث المنيا وفي نفس السياق أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي “حفتر” أن ضربات الجيش المصري في درنة كانت بالتنسيق مع سلاح الجو الليبي بقيادة العميد صقر الجروشي. فيما أكدت مصادر أن الغارات المكثفة التى شنها سلاح الجو المصرى خلال اليومين الماضيين بمشاركة سلاح الجو الليبى على مدينة درنة شرق ليبيا، تمهد لعملية برية ليبية أوسع ضد الجماعات الإرهابية.

في هذة الأثناء قالت مصادر عسكرية بمجلس شورى مجاهدي درنة شرقي ليبيا أن طائرات حربية قصفت منطقة الفتايح شرق درنة، ونفى المتحدث باسم مجلس شورى مجاهدي درنة محمد المنصوري أن يكون القصف قد استهدف مواقع تابعة للمجلس، وقال المنصوري إن القصف استهدف مواقع مدنية آهلة بالسكان وألحق أضرارا مادية بمنازل وسيارات ومزارع لمواطنين، لم تقتصر الهجمات المصرية علي ضرب مناطق في الغرب الليبي فقط بل أمتد القصف الي مناطق في الجنوب أيضا ، حيث قصفت طائرات حربية مصرية وإماراتية فجر يوم الأحد الموافق 28 مايو 2017م، مدينة هون جنوبي ليبيا ،وحيث كشفت مصادر محلية ليبية إن طائرات حربية مصرية أو إماراتية ، أغارت على مواقع مدنية في مدينة هون بمنطقة الجفرة، وأضافت أن مخزن ذخيرة لقوات البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق الوطني “السراج” تعرض بدوره للقصف، مما أدى إلى انفجار الذخائر الموجودة في المكان المستهدف ، وأضافت مصادر أخري أن هون تعرضت لغارات من طائرات مصرية أو إماراتية نفذتها انطلاقا من مطار راس لانوف العسكري الذي تسيطر عليه قوات حفتر  وتابعت أن الغارات على هون أستهدفت الضغط على الوجهاء في المنطقة لإخراج قوات البنيان المرصوص وسرايا الدفاع عن بنغازي من المنطقة.

لم يلاقي القصف الجوي المصري علي ليبيا الترحيب من كل القوي المتصارعة في الداخل الليبي، فمن جانب خليفة حفتر أعلن سلاح الجو في القوات التابعة له أن مقاتلاته شاركت في الغارات التي نفذتها طائرات مصرية من طراز رافال،  وأوضح سلاح الجو في بيان أن هذه العملية تأتي في إطار سلسلة عمليات تمهيدا لدخول قوات برية موالية لحفتر لمدينة درنة و”تحريرها”، ولكن من جانب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية “السراج” فقد رفض ما وصفه بانتهاك سيادة البلاد واستهجن المجلس في بيانٍ القصف المصري لمواقع داخل ليبيا دون التنسيق مع السلطات الشرعية المتمثلة في حكومة الوفاق المعترف بها عربياً وأفريقيا ودولياً،  وأضاف المجلس أنه يتطلع إلى التنسيق في ظل التحالف الدولي والإسلامي لمواجهة العمليات الإرهابية في الداخل والخارج، مع الاحترام الكامل للسيادة الوطنية، من جهته استنكر مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها قصف سلاح الجو المصري لمواقع آهلة بالسكان في مدينة درنة شرقي ليبيا، وأكد المجلس في بيان أنه لا علاقة له بما حدث في مصر من اعتداءات على المدنيين العزل في المنيا، ومن جهته قال المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي بأسم الخارجية المصرية إن مصر أبلغت مجلس الأمن الدولي بأن الغارات الجوية على درنة تدخل في إطار الحق في الدفاع الشرعي بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتتسق مع قرارات مجلس الأمن المعنية بمكافحة الأرهاب.

خامسا: الأسباب والتداعيات:

ان الضربة الجوية التي قام بها السيسي علي الأراضي الليبية بعد مقتل الأقباط في محافظة المنيا لها عدت أسباب وهم كالتالي:

السبب الأول : حسم المعارك لصالح حفتر:

مما لا شك فيه ان مقتل الأقباط في محافظة المنيا ليس هو الدافع الأساسي والرئيسي الذي دفع السيسي بالتدخل العسكري في ليبيا بل من الواضح ان السيسي قام بتوظيف وإستخدام الحدث ليس الإ، لذلك أعتبر البعض أن “الحادث فيه شك كبير حول توقيته ومن يقف خلفه، حتى لو أعلن تنظيم الدولة مسئوليته”، ولذلك فإن الضربة ومن واقع الرصد كانت معد لها مسبقا وبترتيت وبتنسيق بين الجانب المصري والجانب الليبي، وبرز هذا التنسيق في زيارة الفريق محمودحجازي الي بني غازي ولقاؤة بحفتر قبل الضربة بعدة أيام، فالدافع الأساسي والرئيسي للتدخل المصري في ليبيا هو الخلاف بين فايز السراج وخليفة حفتر الرجل الذي يدعمة النظام المصري والنظام الإماراتي أيضا بكل أنواع الدعم العسكري، وبرغم لقاء السراج وحفتر في أبو ظبي وإعلان أتفاق ثنائي بينهم الإ ان هذا اللقاء لم يترتب عليه شئ علي الأرض حيث شهدت المعارك علي الأرض تقاتل بين قوات “حفتر” وقوات حكومة الوفاق الوطني “السراج” وظهر هذا التقاتل جليا في الهجوم الشرس الذي قامت به قوات موالية لحكومة الوفاق بمشاركة من بعض المجموعات المسلحة الأخري علي قاعدة “براك الشاطئ” في الجنوب الليبي، لذلك رأينا أن القصف الجوي المصري الإماراتي لم يقتصر فقط علي مدينة درنة فى الشرق الليبي بل أمتد الي الجنوب الليبي علي مدينة هون، فالتدخل المصري جاء في ذلك الوقت لإستعادة حفتر قواه وسيطرته علي معظم الأراضي في الداخل الليبي وتحديدا في الجنوب الليبي الذي لم يسطر عليه حفتر وما تبقي من الشرق الليبي الذي يسيطر علية حفتر بشكل تام بخلاف مدينة درنة ، ومن الممكن القول ان التدخل المصري جاء لحسم المعارك لصالح لحفتر لإجبار كل القوي الأخري للقبول بأي تسوية سياسية قادمة يكون لحفتر فيها النصيب الأكبر كون أن قواته تستحوذ وتحكم سيطرتها أكثر من غيرها علي الأرض في الداخل الليبي، ومن الواضح أيضا أن ما يقوم به السيسي الأن هو بضوء أخضر من النظام الدولي والنظام الأقليمي الذي رأي البعض أنه أخذ قرار بحسم الأوضاع فى الداخل الليبي، لذلك رأينا ان تدخل السيسي لم يقتصر فقط علي الضربات الجوية في شرق ليبيا وغربها بل شمل تدخل قوات عسكرية برية مصرية الي الداخل الليبي وهذا ما كشفته مؤخرا مصادر مقربة من برلمان طبرق حيث قالت إن وحدة من القوات الخاصة المصرية وصلت بالفعل إلى معسكر لملودة بالقرب من درنة للمشاركة في عملية عسكرية بهدف اقتحام المدينة خلال الأيام المقبلة للسيطرة عليها،، وفي نفس السياق أيضا أعلنت مصادر أمنية أخري وصول قوات خاصة من وحدات المظلات والاستخبارات العسكرية المصرية لمعسكرات القبة استعدادا لعمليات العسكرية في درنة تلك المدينة الوحيدة التي لم تسيطر عليها قوات حفتر في شرق ليبيا.

السبب الثاني: ضرب التيارات الإسلامية المتواجدة في ليبيا:

حيث رأي البعض أن السيسي يقصد مما فعله في درنة تنفيذ مخططه في ليبيا بضرب الثوار، ولضرب كل التيارات السياسية والإسلامية المحاربة لحفتر” وأن الهدف من ضرب السيسي لمدينة درنة إرسال رسالة لمؤيدي القوي الإسلامية والداعمة لها أو بكلمات أخرى “لقطر” أنها ستمضي قدما في مواجهة مفتوحة في ليبيا مع كل القوي التي يقال ان قطر تقوم بدعمها، حيث يزعم البعض أن قطر هي من تدعم بعض القوي المسلحة المتواجدة في ليبيا مثل مجلس شورى ثوار بنغازي ، ومقاتلي مجلس شورى مجاهدي درنة ، وسرايا الدفاع عن بنغازي، وغيرها ، ولا نعرف مدي صحة تلك التقارير المزعومة التي تخرج من جهات معروف من يقف ورائها وقد رأي البعض ان تلك التقارير تخرج في هذا الوقت تحديدا من أجل تشديد الخناق على قطر اكثر عبر التاكيدات المستمرة بانها خلف الارهاب ، ولكن وإن صحة تلك التقارير ففي الجانب الأخر يقوم النظام المصري ودولة الإمارات بدعم خليفة حفتر بكل أنواع الدعم العسكري، فالشاهد أن قطر حتي وان تقف وراء أحد فهي تقف مع من يمثلوا الثورة الليبية وتقف أمام محاولة حفتر للإنقلاب علي ثورتهم وتحويل الدولة الليبية الي دولة عسكرية يقتل فيها الحريات كما فعل السيسي بمصر، حتي وأن يري البعض ان حفتر هو أيضا منتمي لتيار ثورة 17 فبراير الإ انه ومن الواضح انه حاد عن طريق الثورة وأصبحت له أهداف شخصية تتعارض مع مصلحة الدولة الليبية، لذلك يبقي السؤال من يوصف بالإرهاب ؟ هل هي قطر أم من يقفوا ويدعموا خليفة حفتر الذي يفعل في ليبيا الأفاعيل ويقوم بقتل وتشريد الأبرياء من الليبيبن.

السبب الثالث: تنفيذ سياسة إماراتية:

منذ اللحظة الأولي من بداية عملية الكرامة التي قام بها حفتر في ليبيا تقوم دولة الأمارات العربية المتحدة بدعمها بكل أنواع الدعم المالي والعسكري، والأمارات وعلى رأسها محمد بن زايد تعتبر أي كيانات إسلامية مؤثرة  في المنطقة  هي عدوها الرئيسي ووجودها يمثل خطر حقيقي علي حكم عائلة زايد لدولة الأمارات، ولذلك كانت الأمارات هي من أقوي الدول التي ساعدت السيسي في انقلابه العسكري علي حكم الرئيس الإسلامي محمد مرسي، فجاء تماهي السيسي في تقاربه وعلاقته بخليفة حفتر ومساعدة قواته لكيلا يفقد السيسي حليفته دولة الإمارات.

السبب الرابع: حصول السيسي على البترول الليبي بعد سيطرة حفتر على الهلال النفطي الليبي:

تسيطر قوات خليفة حفتر الأن علي منطقة الهلال النفطي في شرق ليبيا، وكان أحد أهداف السيسي في دخوله المعترك الليبي هو تأمين مشتقات مصر البترولية عند حدوث أي سبب مفاجأ يؤدى لحدوث نقص أو أزمات داخل الدولة المصرية وبالفعل عندما توقفت شركة “أرامكو” الحكومية السعودية للطاقة عن إمداد مصر بالمواد النفطية في مطلع شهر أكتوبر 2016 أعلنت ليبيا إنها مستعدة لتوفير كل احتياجات مصر من النفط وأكد النائب زياد دغيم، عضو مجلس النواب الليبي، أن مجلس النواب الليبي طالب الحكومة بتقديم دعم لمصر بشحنات البترول اللازمة دون مقابل.

خلاصة:

من المؤكد ان كل ما يقوم السيسي بفعلة الأن يندرج تحت الدور الوظيفي لمصر في الاستراتيجيات الأمنية الدولية في المنطقة، وأن النظام العسكرى الحاكم في مصر يراهن على أهمية ومكانة الدور المصري، والجيش المصري في القيام بهذا الدور بغض النظر عن توافقه أو تعارضه مع المصالح الوطنية المصرية، فقط إلا بما يخدم استقرار واستمرار النظام.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023