وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مطلب دول الحصار بسحب الجنود الأتراك من قطر بأنه تدخّل في العلاقات والاتفاقيات الثنائية مع قطر، وقلّة احترام تجاه تركيا، مضيفًا أنه كان يتمنى أن تحلّ السعودية هذه المسألة بما يليق بمكانتها الكبرى، بحسب وصفه.
فما هي طبيعة موقف أنقرة من الأزمة الخليجية على ضوء تصريحات الرئيس التركي بشأن طلب دول الحصار إغلاق القاعدة التركية في قطر؟ وما هي رؤية أردوغان لأهمية القاعدة العسكرية التركية في قطر؟
غير قانوني
في هذا الصدد، قال أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا إبراهيم فريحات إن تصريحات أردوغان تُشكّل إعادة تأكيد ووضوح أكبر في الموقف التركي من الأزمة الخليجية؛ وهو تطوّر مهم للغاية يؤّهل تركيا للعب دور الوسيط، لافتًا إلى أن موقف أنقرة حُسِم منذ إقرار البرلمان التركي اتفاقية التعاون العسكري مع قطر.
وأوضح، في تصريحات تلفزيونية، أن مطلب دول الحصار بإغلاق القاعدة التركية في قطر غير قانوني؛ معتبرًا أن وجود القاعدة في مصلحة الجميع. وأضاف أن تركيا قوة استراتيجية إقليمية السعودية بحاجة إليها في موضوع التوازن الإقليمي؛ خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع إيران والأزمة السورية، معتبرًا أن هذا المطلب هو ما أحدث ردة الفعل التركية المتمثلة في تصريحات أردوغان العنيفة والصريحة.
وبشأن التأثيرات المحتملة لموقف دول الحصار من تركيا في هذه الأزمة على مستقبل العلاقات بين الجانبين، قال فريحات إن هناك مبدأين يحكمان تطوّر النزاع في العلاقات الدولية؛ أولهما تعميق الصراع والآخر تمديد الصراع بدخول أطراف جديدة، لافتًا إلى أن الأخير واردٌ إذا لم يُطوّق الصراع والتعامل مع تركيا بحجمها الاستراتيجي في نزاعات المنطقة.
علاقات قوية
من جهته، اعتبر مدير مركز الأبحاث الشرق الأوسطية والإفريقية في إسطنبول «متين أتماجا» أن علاقات تركيا مع قطر حاليًا أقوى من أيّ وقت مضى.
وأضاف أن موقف تركيا بجانب قطر صلب؛ خاصة بعد تمرير البرلمان التركي السريع اتفاقية التعاون العسكري مع الدوحة وإرسال القوات التركية، إضافة إلى إرسال المواد الغذائية التي تجاوزت مائة طن.
وأوضح أن تركيا تحاول في الوقت نفسه إحداث توازن من دون أن تقطع علاقاتها مع السعودية أو الإمارات، وتحترم جهود الوساطة الكويتية لحل الأزمة.
مطالب غريبة
ووصف «متين»، في تصريحات تلفزيونية أيضًا، مطالب دول الحصار من قطر بأنها غريبة وسخيفة ولم تُحمل على محمل الجد؛ سواء من قطر أو تركيا، لافتًا إلى أن تركيا تتجاوز هذا الموقف غير المحترم لها وتتوقع مطالب معقولة من دول الحصار.
وبشأن التأثيرات المحتملة لموقف دول الحصار من تركيا في هذه الأزمة على مستقبل العلاقات بين الجانبين، قال إن تركيا لم تكن حادة في تحديد علاقاتها مع هذه الدول؛ بل استخدمت لغة معقولة تنم عن احترام وتبحث عن إطار معقول لحل الأزمة.
ولفت إلى أن تركيا دخلت في أزمة مع الإمارات العام الماضي بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة؛ لكنها لم تتحدث عنها علنًا، كما أن أنقرة تخاطب السعودية والملك سلمان باعتبارهما طرفًا يمكن أن يتعامل مع الأزمة الراهنة أكثر من الإمارات.
وأوضح «متين» أن أردوغان يريد من دول الحصار مطالب حقيقية ومعقولة وليست مصطنعة، ولا يريد نشوب أزمة أخرى في المنطقة، موضحًا أن وجود القاعدة التركية في قطر من أجل مصلحة البلدان الأخرى وليس قطر فقط؛ خاصة في ظل تهديدات إيران للمنطقة.
