شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بيزنس ستاندرد: السياسة التعسفية وراء الأزمة الخليجية

رأت صحيفة «بيزنس ستاندرد» أن الانشقاق بداخل مجلس التعاون الخليجي لا علاقة له بالاختلاف حول السياسة الخارجية والدين، ولكن متعلق بشكل أكبر بالسياسة الداخلية والتطورات الاقتصادية في الشرق الأوسط.

وتضيف الصحيفة في تقريرها، أنه رغم أن الأسباب الظاهرة للأزمة الخليجية الحالية التي أدت لقطع العلاقات مع قطر ووضعها تحت الحصار هو دعمها لمنظمات إرهابية، إلا أن السبب الحقيقي أكثر تعقيداً وخاصة بين الجهات الفاعلة الرئيسية.

انعدام الأمن السعودي

وتوضح الصحيفة أن التوتر بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي استمر لفترة طويلة، وفي حالة قطر يعود الأمر لعام 1995 عندما قام والد الأمير الحالي بالإطاحة بوالده من الحكم، وهو ما اعتبرته كلا من الامارات والسعودية خطر غير مسبوق على الأسر الحاكمة خوفاً من تكرارها في دولهم، وفق ما قاله سايمون هندرسون السياسي بمعهد واشنطن.

وتعتبر السعودية أن إيران وجماعة الإخوان المسلمين يشكلان خطر عليها، لذا فإنها طالبت قطر بقطع العلاقات معهما، بالطبع فإن الرياض تخشى من وجود الإخوان المسلمين في المنطقة لذا فإنها لعبت دوراً كبيراً في الإطاحة بهم من السلطة في مصر عام 2013، كما انضمت لإسرائيل في محاولة تهميش حركة حماس التابعة للإخوان والتي تهيمن على غزة.

وتوضح الصحيفة، أن الصدع في مجلس التعاون الخليجي ليس بين السعودية والإمارات وقطر فقط، حيث أن عمان أيضاً حافظت على علاقاتها مع إيران والتي تعد عدو للسعودية، ورفضت الانضمام لقتال السعودية ضد الحوثيين في اليمن، علاوة على رفض الكويت الانضمام للحصار الحالي على قطر، على العكس حاولت لعب دور الوسيط لحل الأزمة.

يبدو أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية وتبنيه لوجهة نظر الرياض، أعطى الضوء الأخضر لحصار قطر، وإطلاق قائمة مطالب تراوحت بين المستحيلة « قطع العلاقات مع إيران » و غير المناسبة « غلق القاعدة العسكرية التركية » وغير المحتملة « غلق قطر الجزيرة)، » بجانب اتهام الدوحة بدعم الإرهاب والاخوان المسلمين والتي تعتبرها مصر والسعودية جماعة إرهابية رغم عدم تصنيفها دولياً بهذا الشكل.

رغم أن المعركة بين السنة والشيعة لعبت دوراً هاماً في الصراعات المباشرة وغير المباشرة بين السعودية وإيران، إلا أنها ليست السبب الأساسي، وبالطبع فلا يتعلق الأمر كذلك بالإرهاب حيث أن العديد من الدول متورطة بالفعل في دعم منظمات متطرفة، على سبيل المثال تتبنى السعودية التفسير الوهابي للإسلام والذي كان سبب في ظهور تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة وغيرهم من الجماعات الإرهابية.

يرى التقرير أن الهجمة على قطر تدخل ضمن نطاق السياسة العدوانية التي تبنتها السعودية بقيادة ولي العهد ووزير الدفاع محمد بن سلمان، والذي تسبب في بدء حرب اليمن التي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 10 ألاف مدني، بجانب اندلاع وباء الكوليرا على نطاق واسع، وهو ما استنزف ما يقرب من 700 مليون دولار من خزينة السعودية للمساعدة في حل الأزمة التي تسببت فيها في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد السعودي بالفعل بسبب انخفاض أسعار البترول.

اعتبر التقرير أن النهج العدواني للسعودية يستند على الخوف من حكم إسلامي من جماعة مثل الإخوان المسلمين والتي استطاعت الوصول للحكم في أكثر من دولة منهم مصر وهو ما يشكل خطر على ممالك الخليج، بجانب الخوف من الصفقة النووية الإيرانية وتمكينها من فرض نفوذها على المنطقة، وكذلك الخوف من أن عدم وجود جبهة قوية لمجلس التعاون سيضعف الرياض وهو ما سيشجع النقد الداخلي والخارجي لبيت آل سعود.

من المعزول؟

ويرى التقرير أن محاولة حصار قطر لم تشكل لها تهديد، بسبب مساندة تركيا وإيران لها بالإمدادات، كما أن تركيا تنشر حوالي 1000 جندي في القاعدة القريبة من العاصمة، بجانب وجود 10 ألاف جندي أمريكي في أكبر قاعدة أمريكية والموجودة في قطر، لذا فإن أي حلول عسكرية للتخلص من النظام القطري يعتبر مستحيل وذلك لعدم الاصطدام بالقوات الأمريكية والتركية.

وفي الوقت الذي ساندت فيه مصر، التحالف المناهض لقطر، إلا أنها لا تعتبر حليف قوي، يبدو أن السبب الأساسي لانضمامها هو مساندة الرياض المادية لها، رغم ذلك إلا أنها لم تشارك في الحرب على اليمن كما أنها لا تشعر بالراحة نحو التفسير السعودي للإسلام، كما أنها تحافظ على علاقات دبلوماسية مع إيران.

بجانب الإمارات، فإن الحلفاء الأخرين للسعودية في هذا الصراع لا يمكن الاعتماد عليهم بشكل كبير ، حيث أن السودان سترسل القليل من قواتها، وكذلك اشتركت اليمن وليبيا في الحصار والذين يعدوا جزء من التحالف المناهض لقطر، ولكن الدولتين بالفعل غارقتين في مشاكلهما الداخلية، وبالرغم من مشاركة جزر المالديف إلا أنها ليس لها وزن قوي.

على الجانب الآخر، أوضحت باكستان أنها ليست جزء من هذا الحصار كما أوضحت أنها لن تقطع العلاقات مع قطر أو إيران، وعندما طلبت السعودية منها الانضمام للحرب في اليمن، رفض البرلمان الباكستاني.

في الوقت نفسه فإن دول كبرى مثل ماليزيا واندونيسيا حافظوا على علاقات جيدة مع قطر، وعرضت المغرب على الدوحة مساعدات غذائية، بشكل مختصر فلا يتضح من هو المحاصر في هذه الأزمة.

ورغم دعم الرئيس الأمريكي للسعودية، إلا أن وزيرا الدفاع والخارجية يحاولوا حل الأزمة وإنهاء الحصار، كما هددت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بتعليق صفقة الأسلحة للرياض في حالة عدم حل الأزمة الخليجية وهو ما سيؤثر بشكل كبير على حربها في اليمن.

في الزاوية القطرية

على الجانب الأخر، يرى التقرير أن قطر لديها العديد من الحلفاء المؤثرين والذين ساعدوها لتحمل الحصار حتى الآن، من بين هؤلاء الحلفاء، الدولة الإيرانية والتي تحاول الحفاظ على علاقتها بقطر حيث أن كلاهما يحتاجا للتعاون لاستغلال حقل الغاز الطبيعي المشترك، كما أن طهران تقدر عدم رغبة الدوحة في معاداتها.

أما تركيا فلها أسبابها لدعم قطر، من بينها دعم كلا الدولتين لجماعة الاخوان المسلمين، كما أنها مصدر هام لتمويل أنقرة والتي يحتاج اقتصادها لبعض الدعم، وتصل مشاريع البناء التركية في قطر ما يقرب من 13.7 مليار دولار.

على الجانب الأخر تحاول أنقرة التقرب من السعودية وغيرها من دول الخليج من أجل الاستثمارات وهو ما جعلها تنضم لهجمه مجلس التعاون الخليجي على إيران متهمة إياها بمحاولة التوسع، ومع رفع العقوبات من على إيران، بدأت الشركات التركية ترى أن المواطنين الإيرانيين المتعلمين يمثلوا ثروة كبرى، ومنذ ذلك الحين بدأ الرئيس التركي في تهدئه اللهجة الهجومية نحو طهران، وبدأوا في الحوار المشترك حول الأزمة القطري.

ويوضح التقرير أن أول اتصال تلقاه اردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة كانت من الأمير القطري بينما صمتت الدول الخليجية الأخرى وهو ما جعله يتهم الامارات في الاشتراك في هذه المحاولة، رغم ذلك إلا أن الأمر ليس شخصي بالنسبة للرئيس التركي، ولكن سياسته المتوازنة في الشرق الأوسط جاءت بسبب اعتباره قائد يشبه الرئيس الأمريكي، رغم ذلك إلا أنه أذكى وأكثر علماً مقارنة بدونالد ترامب.

انخفاض المخاطر

ويضيف التقرير أن الأزمة الخليجية لا يبدو أنها ستنتهي في أي وقت قريب، إلا أن هناك بعض التطورات التي يمكن أن تجبر السعودية في النهاية على التراجع.

من ناحية أخرى يوضح التقرير أن هناك العديد من الأزمات من بينها الحرب اليمنية والضغط المتزايد على أمريكا وبريطانيا لتخفيض دعمهم للتحالف السعودي، وتحرك إيران لوضع نفسها في مكانة القوة التي تقود منطقة الشرق الأوسط ووسط أسيا وهو ما يمثل تهديد للسعودية.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023