شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

باحث لـ«ذا هيل»: ثلاث مدارس داخل الجيش المصري بشأن العلاقات مع «إسرائيل».. والسيسي مع التطبيع

قوات من الجيش المصري

ارتفع مستوى التعاون الأمني بين مصر و«إسرائيل» إلى مستويات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، خاصة التنسيق العسكري في سيناء؛ لكنّ هذا التعاون لم يكن سهلًا على جنرالات مصريين واجهوا صعوبة بالغة في محاولة التوفيق بين تطلعاتهم مع «إسرائيل» ورغبات الشعب الرافض للتطبيع، الذي يعتقد أنّها «العدو رقم 1 في العالم».

هذا ما يراه الباحث بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى «هيثم حسنين»، في رؤيته بصحيفة «ذا هيل» الأميركية وترجمة «شبكة رصد»، مؤكدًا أنّ غضب هؤلاء الجنرالات نابع من عجزهم عن تحديد ماهية العلاقة مع «إسرائيل»؛ وهو الشعور السائد لديهم منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، بعدما وجد الجيش المصري نفسه يكافح لتغيير عقيدته العسكرية لتتوافق مع فكرة أنّ «إسرائيل دولة غير معادية».

نتيجة لذلك؛ ظهرت ثلاث مدارس من الأفكار داخل المؤسسة العسكرية المصرية، مختلفة في رؤيتها تجاه العلاقات مع «إسرائيل» على مدى الأربعة عقود الماضية.

المدرسة الأولى: «إسرائيل» العدو الأول والأبدي

وفقًا لهذا الرأي، يجب أن تكون مصر في حالة عداء دائمة مع «إسرائيل»، ويرفض أصحابه رفع مستوى تمثيل العلاقات خارج إطار معاهدة السلام؛ وبالتالي رفض أي نوع من التطبيع، باستثناء الجانب الأمني والتنسيق في سيناء؛ وهو التصوّر المهيمن بين الضباط العسكريين الذين يتبنون وجهة النظر الناصرية.

المدرسة الثانية: «إسرائيل» ليست عدوًا في حد ذاتها

ترى هذه المدرسة أنّ «إسرائيل» تشكّل تهديدًا أمنيًا مزمنًا ووطنيًا على الحدود المصرية الشرقية، وأنّها ليست دولة معادية، بل صديقة؛ وينبع هذا المستوى من تحمّل العلاقات مع الدولة اليهودية من ميزتها النسبية والتقدم العلمي والتكنولوجي، بعدما عزّز تفوقها التكنولوجي تفوقها العسكري على العرب، وعادة ما يشعر ضباط الجيش المصري المتبنّون هذه الفكرة بالتهديد المستمر بسبب هذه الفجوة العسكرية.

إضافة إلى ذلك، يبدو قادة تابعون لهذه المدرسة منزعجين من العلاقة الخاصة بين أميركا و«إسرائيل»؛ فعندما بدأ الرئيس الأسبق محمد أنور السادات انتهاج الدبلوماسية تجاه أميركا، بما في ذلك اتفاقية كامب ديفيد، كان هناك أمل في إقامة علاقة وثيقة معها. لكن، بمرور الوقت تلاشى هذا الأمل؛ خاصة بسبب عجز مصر عن دفع ثمن علاقتها مع أميركا.

وخلافًا لدول أخرى، مثل الأدرن والخليج و«إسرائيل»، لم تكن مصر مرتاحة أبدًا لهيكل الأمن الإقليمي بقيادة أميركا؛ وبدلًا من ذلك لجأت إلى قبول نظريات أخرى بشأن مؤامرة اللوبي اليهودي في واشنطن.

المدرسة الأخيرة: معاملة «إسرائيل» دولة أوروبية مألوفة

يؤمن أصحاب هذه المدرسة بضرورة تطوير علاقات تعاقدية مع الدولة اليهودية على أساس المصالح المتبادلة، وهم لا يميلون إلى رؤية «إسرائيل» عبر قوالب نمطية مثيرة؛ ولذلك إذا اقتصت الحاجة إلى الاستعانة بهم ضد الإرهاب في سيناء فلا مشكلة في ذلك.

لماذا «إسرائيل العدو الأول»؟

نبع الاعتقاد بأنّ «إسرائيل العدو الرئيس رقم واحد» وتفاقم من وجهة نظر الإسلام السياسي، وزادت هذه النظرة عقب أحداث الربيع العربي وارتفاع مستوى التنسيق بين جماعة الإخوان بعد صعودهم للسطة وحماس.

أيضًا، يتّبع عبدالفتاح السيسي المدرسة الأخيرة. وقد تبدو المدارس الفكرية مختلفة؛ لكنّ هناك خيوطًا مشتركة بينها، وهي عرقلة العلاقات المصرية الإسرائيلية. فتاريخيًا، خاضت مصر أربع حروب ضد «إسرائيل» في 25 عامًا فقط، ولا تزال هناك صراعات متأصلة في العقل الجمعي للمصريين.

إضافة إلى ذلك، الخطاب الديني المعادي للدولة اليهودية يجمع كثيرين حوله، وامتدت هذه الآراء إلى الجيش؛ لذلك يوجد ضباط عسكريون يحملون وجهة نظر سلبية تجاه «إسرائيل» بصفة خاصة واليهود بصفة عامة.

وهناك افتقار إلى التفاهم فيما يتعلق بـ«إسرائيل»؛ إذ يرى الضباط المصريون سكانها مهاجرين أوروبيين، لاعتقادهم الأصيل بأنّ معظمهم من اليهود الذين هاجروا بمرور الوقت.

وهناك أيضًا اعتقاد عام بأنّ الأقليات الأجنبية وغير المسلمة، مثل الأقباط، أي ما يقدر بنحو 10% من سكان مصر، لا ينبغي أن يكون لهم الحق في تقرير المصير؛ فالسماح بتقرير المصير لأقلية فكرةٌ خطيرةٌ في الشرق الأوسط، خاصة عند القادة العسكريين المصريين.

على سبيل المثال، الأكراد والمجموعات المتشابهة التي تفكر في إقامة دولة وطنية تندلع بسببهم حروب أهلية؛ ومن المرجح أن يكون ضباط الجيش المصري أكثر راحة لفكرة قمع الأقلية باسم الاستقرار وإنفاذ نظام الأمن الإقليمي.

ومن المحال أن تتلاشى مشكلة الإرهاب في شبه جزيرة سيناء قريبًا؛ وهو ما سيبقي الباب مفتوحًا أمام مزيد من التعاون الأمني ​​والعسكري بين الجيشين المصري و«الاحتلالي». ومع ذلك، الاستمرار في الحفاظ على سرية هذه العلاقة نهج خاطئ، وتسليط الضوء على التعاون العسكري في سيناء من شأنه أن يساعد على تحدي وجهات النظر المعيبة عن «إسرائيل»؛ وإلا فالمفاهيم الخاطئة الأساسية بشأن الدولة اليهودية بين صفوف مصر العسكرية من المرجح أن تستمر.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023