شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«لوب لوج»: عمان ممزقة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي

سفينة حربية إيرانية تنفذ إطلاقا اختباريا لصاروخ في بحر عمان

بالرغم من صغر حجمها، تتميز عمان بموقع استراتيجي هام؛ حيث تطلّ على مضيق جبل هرمو، ما يجعلها عرضة للتوترات الإقليمية وطموحات جيرانها الأقوياء؛ لذلك سعت باستمرار إلى تعزيز وضعها الإقليمي، والظهور دائمًا بمظهر المحايد.

ولكي تفعل عمان ذلك، يتطلب الأمر منها وساطة فعالة وحيادية؛ لذا سعت منذ وقت طويل إلى تأكيد استقلالها في سياساتها الخارجية، وكانت الدولة الوحيدة في مجلس التعاون الخليجي المحتفظة بعلاقات دبلوماسية مع نظام بشار الأسد، لكنها رفضت الانضمام إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ولم تنضم إليها في موقفها من قطر، وحذّرت منذ مدة طويلة من تحوّل كتلة التعاون الخليجي إلى كتلة مناهضة لإيران.

واستضافت عمان مؤخرًا المحادثات السرية بين السعوديين والحوثيين لمحاولة إنهاء حرب اليمن، ثم توقفت بعد الضربات الأخيرة في اليمن (أبريل 2018) من التحالف السعودي. وكما أعلن محمد البخثيي، نائب رئيس قسم العلاقات الخارجة لجماعة الحوثي، فعمان يمكن أن تؤدي دورًا رئيسًا في وقف الحرب.

هذا ما تراه مسؤولة بالمجلس الأوروبي للشؤون الأوروبية «كميل لونز» في تحليلها بصحيفة «لوب لوج» وترجمته «شبكة رصد»، مضيفة أنّ سياسة عمان الخارجية المستقلة هي الأبرز في علاقتها الخاصة مع إيران، على الرغم من حذرها مدة طويلة؛ خاصة في ظل الخطاب المناهض لإيران في المنطقة، ومنذ زيارة الشاه بمساعدة سلطنة عمان لسحق ثورة ظفار في سبعينيات القرن الماضي، تمتعت الدولتان بعلاقات قوية ووثيقة لم تتوسع إلا بعد الثورة الإسلامية في عام 1979، ونظمتا تدريبات عسكرية مشتركة في مضيق هرمز في 2004، ووقعتا اتفاقيات تعاون في مجال التجارة والطاقة، والتقى الزعيمان العماني سلطان قابوس والإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف في 2017 الماضي لتأكيد التزام البلدين بالعلاقات الدبلوماسية.

وسمحت العلاقة الخاصة بين الدولتين في تمكين عمان لأداء دور رئيس في التوتر بين إيران والدول العربية بمناسبات ومواقف، خاصة في الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات. وفي 2013، استضافت المحادثات السرية بين إيران وأميركا، التي مهّدت الطرق أمام الاتفاق النووي الإيران.

وتنظر السعودية والإمارات إلى العلاقات العمانية الإيرانية نظرة قاتمة ومحبطة، وانتقد كلاهما السلطنة، متهمين إياها بزيادة المخاوف الأمنية الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي؛ خاصة وأن عمان لم تخبرهم من قبل بالمحادثات الإيرانية الأميركة في 2013، وهو الأمر الذي يكنّونه حتى الآن لها، كما اتهموها من قبل بأنها لم تفعل ما يكفي لوقف تهريب الأسلحة من إيران إلى الحوثيين في اليمن عبر أراضيها.

ومع تصاعد التوترات الإقليمية ، زادت السعودية والإمارات من الضغط السياسي على سلطنة عمان لتتوافق معهما؛ والدليل أنّ الملك سلمان تخطى عمان في زيارته لدول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر 2016، كما تحاول السعودية والإمارات حاليًا ممارسة ضغوط دبلوماسية واقتصادية على السلطنة، بما فيها الصفقات المتأخرة ورسوم التجارة وغيرها.

وأثناء أزمة النفط الأخيرة، تأثرت عمان بشدة؛ خاصة وأن 80% من الإيرادات الحكومية تعتمد على قطاع النفط، وهو ما خلق صعوبات اقتصادية أمام السلطنة، وارتفعت نسب البطالة بين الشباب إلى 49%، ووصل عجز الموازنة إلى 21%.

واقترنت الضغوط السياسية والاقتصادية السعودية والإماراتية بزيادة الوجود الإماراتي في اليمن ، بالقرب من الحدود العمانية وفي الموانئ اليمنية الجنوبية، كما يستثمر الإماراتيون في ساحل شمال الباطنة العماني وشبه جزيرة مسندم، في ما تعتبره عمان خطوة أخرى لتطويقها استراتيجيا وزيادة اعتمادها الاقتصادي على الإمارات.

وفي سياق الانسحاب الأميركي المحتمل من الصفقة النووية الإيرانية، تخشى عمان أيضًا من تعرّض آمالها في زيادة العلاقات التجارية مع إيران للخطر بعد فرض العقوبات الدولية؛ ففرض العقوبات من جديد سيؤثر على خط أنابيب الغاز البحري بين إيران وعُمان، وهو جزء مهم من خطة السلطنة للتحسين الاقتصادي التي تعاني بالفعل من المعارضة الإماراتية.

ونتيجة لذلك؛ حاولت عمان في السنوات الأخيرة تعزيز استقلالها الاقتصادي جزئيا؛ عبر تشجيع الاستثمارات الصينية والهندية في موانئ صحار والدقم، التي قد تسمح لهم في نهاية المطاف بتجاوز مضيق هرمز. ولا تزال عُمان بعيدة عن منافسة الموانئ الإماراتية؛ إذ تضع الإمارات قيودًا شديدة على تطوير شبكة السكك الحديدية التي تربط الدقم بدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

وهذه الضغوط ستجعل عمان أكثر عرضة للخطر؛ فستجد نفسها تعتمد بشكل متزايد على الأموال والاستثمارات الأجنبية القادمة من جيرانها الأثرياء.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023