شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

كاتبة لـ«نيويورك تايمز»: نساء السعودية يرعبن ابن سلمان

سعوديات

لماذا بعد أن أشاد ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، البالغ من العمر 32 عامًا، بحركة «تحرير المرأة» على شبكة «إيه بي سي» أرسل قوات الأمن إلى منزل 17 ناشطة في مجال حقوق المرأة في مارس ومايو الماضيين؟

من بين المقبوض عليهن سيدة تبلغ من العمر 70 عامًا، مديرة للعلوم الصحية وأصيبت بسكتة دماغية العام الماضي. ما التهديد الذي تفرضه سيدة مسنة تجاوزت من العمر أرذله، مثل عزيزة يوسف (60 عامًا)، وهي أم لخمسة أبناء وجدة لثمانية أحفاد؟ ما الذي فعلته سيدة مسنة مثلها ليُزج بها خلف القضبان؟ ولماذا وُصِمت هؤلاء السيدات بالخيانة على صفحات الجرائد الموالية للحكومة السعودية؟!

الإجابة عن هذه الأسئلة بسيطة للغاية: يبدو أنّ السلطات السعودية تريد التوضيح أنّها ليست مناصِرة لهذه الشجاعة التي بدت عليها السيدات السعوديات؛ فلما رأى ولي العهد أنّ النساء سيقودن السيارة لم يُبدِ تقريبًا إعجابه بالحالة التي صاحبت القرار، الذي رآه نعمة منه؛ وكذلك انتصار الناشطات النسويات سيفتح الباب أمام نجاح حركة المجتمع المدني في السغودية، وهو ما لا تريده حكومة المملكة؛ وهو ما يفسّر اعتقال «لجين الهذول» و«عزيزة» وغيرهما من ناشطات حقوق المرأة، بجانب منع العشرات من السفر إلى الخارج.

هذا ما تراه الكاتبة المصرية «منى الطحاوي» في مقالها بصحيفة «نيويورك تايمز» وترجمته «شبكة رصد»، مضيفة أنّ الناشطات السابقات اُتُّهمن بالتواصل مع منظمات معارضة للمملكة. وفي 3 يونيو الجاري، أفرجت السعودية مؤقتًا عن 17 ناشطة، كما أفادت وكالة رويترز للأنباء، وزعم المدّعي العام أنّ التسع الباقيات رهن الاحتجاز لأنهن اعترفن بجرائمهن.

معرض سيارات للنساء السعوديات

وحينما ترى فيديو لإعلامي سعودي يهلل لمشهد إعطاء ضابط مرور رخصة قيادة لسيدة سعودية لا تنس أنّ هناك محتجزات سعوديات يستحقون الحرية، لا نظام ملكي مطلق ورجال دين متشددون.

وذكرت وكالة رويترز أيضًا أنّ رئيس الشرطة الدينية «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» رحّب ببيان المدعي العام السعودي، وحذّر ممن وصفهم بـ«الأفراد والجماعات الذين يستهدفون أمن الحكومة واستقرارها».

ويرى الحلفاء الغربيون أنّ «محمد بن سلمان» سعيد جدًا بوصف المذيعة الأميركية لقراراته وإصلاحاته بـ«الثورية»، وفي الوقت نفسه لا يوجد في الإعلام الدولي ما يتحدّث عن ضرورة توقّف حربه على اليمن، التي أدت إلى أسوأ كارثة إنسانية بحسب وصف الأمم المتحدة، وقتلت آلاف المدنيين.

لكنّ «أريك جارسيتي»، عمدة لوس أنجلوس، الشخصية الغربية الرسمية الوحيدة الذي أكّد ضرورة احترام حقوق الإنسان في المملكة، أثناء لقائه بابن سلمان في جولته التي استمرت ثلاثة أيام بأميركا.

وأثناء الجولة، عقد ولي العهد صفقات أسلحة جديدة مع ترامب، والتقى بشخصيات مثل «أوبرا وينفري» و«داوين جونسون» و«جيف بيزوس» و«بيل جيتس»، وبعدما عاد إلى وطنه أوضح أنّه يصر على أن تتساوى السيدات في الحقوق كالرجال تمامًا. لكن، ما يجهله ابن سلمان أنّ الحرية لا تُمنح، والناشطات النسويات يكافحن منذ زمن طويل سعيًا للمساواة.

ابن سلمان وترامب

ومن السيدات المعتقلات مؤخرًا، شاركت بعضهن في أولى تظاهرات للسيدات في المملكة عام 1990، وحينها اعتقلت 47 سيدة؛ بينما اعتقالات مايو الماضي شملت ناشطات من الجيلين الجديد والقديم.

ولسنوات أعطت الأسرة المالكة رجال الدين الحق في تشويه صورة السيدات السعوديات المطالبات بالحرية والمساواة وتحدين الفصل العنصري السعودي بين الجنسين، وبالرغم من وصمهن على صفحات الجرائد بـ«الخائنات»؛ فالحقيقة أنّهن مواطنات سعوديات مخلصات، بينهن محاميات وناشطات وطبيبات وغيرهن، كما اعتقل معهن ثلاثة رجال أيضًا.

وعلى مدار العقود الماضية تجاهل النظام السعودي أيّ محاولة لانتقاد السجل السيئ لحقوق المرأة السعودية، وفُرضت النسخة الأكثر تشددًا من الدين الإسلامي عليهن، ووصفوا من قبل بأنهن غير مستعدات للحصول على مزيد من الحقوق.

لكنّ السيدات السعوديات هدمن هذه الأعذار بموجات من الاحتجاجات تحدين فيها الحظر المفروض على قيادة المرأة، وفي هذه الأثناء لم تكن السيدات وحدهن المعترضات على ذلك؛ بل انضم إليهن ذكور، سواء من أقاربهن أو مهتمين بشكل عام بحركات المرأة وحقوقها.

والآن، يقترح البعض داخل السلطات السعودية ضرورة القبض على نشطاء حقوق المرأة جميعهم؛ في محاولة لاسترضاء المتشددين داخل المملكة الذين يشعرون بالضيق من «الإصلاحات».

لكن، ربما التهديد الأكبر الذي تشكّله النسويات المعتقلات على ولي العهد والنظام السعودي أنّ «عملهن الشجاع» أكبر من مجرد إلغاء الحظر المفروض على القيادة؛ بل يتعلق بنظام الوصاية بشكل أساسي، الذي يمثّل تجسيدًا للمجتمع الأبوي الذي يجعل من القاصرات رهينة للأب أو الأخ أو الزوج.

وبالرغم من أنّ السعودية لم تبدأ فيها ثورة على غرار «الربيع العربي» بمصر وتونس، فإنها تشهد ثورة اجتماعية؛ لكنهن للأسف يُقابَلن باعقالات ردًا على مطالبتهن بالحرية.

أمّا الذين رفضوا لوقت طويل ثورات النسويات السعوديات ووصفوها بأنها خيالية؛ فيجب أن يتذكروا ما حدث مع النساء الأيرلنديات الذين اُتُّهمن منذ مدد طويلة بزعزعة الأمن في بلادهن، لكنهن تمكنّ أخيرًا من الحصول على مرادهن، وهو ما ستفعله النساء السعوديات بدورهن.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023