شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

مبادرٌ زاده الخيال.. عن وثيقة واشنطن أتحدث – رانيا مصطفى

مبادرٌ زاده الخيال.. عن وثيقة واشنطن أتحدث – رانيا مصطفى
خرجت علينا الخميس 15 سبتمبر مجموعة من القوى المعارضة بالخارج ، لتكشف لنا عن بنود وثيقة توصلوا إليها بالعاصمة الأمريكية واشنطن بعد حوار دام ثلاثة أيام أسموه (ملتقى الحوار الوطنى)

خرجت علينا الخميس 15 سبتمبر مجموعة من القوى المعارضة بالخارج ، لتكشف لنا عن بنود وثيقة توصلوا إليها بالعاصمة الأمريكية واشنطن بعد حوار دام ثلاثة أيام أسموه (ملتقى الحوار الوطنى) ، كان أبرز الحضور أستاذ العلوم السياسية الدكتور سيف الدين عبد الفتاح وممثل عن حزب الحرية والعدالة الأستاذ عبد الموجود الدرديرى ومنسق حركة شباب 6 ابريل بأمريكا سوسن غريب وممثل لحزب غد الثورة منذر عليوة والمحلل السياسي مختار كامل وأستاذ العلوم السياسية عماد شاهين ومنسق حركة غربة محمد اسماعيل والناشطة سوسن جاد وغيرهم ..

أصدر الدكتور سيف الدين عبد الفتاح بيانا ليضع فيه الأمور فى نصابها – كما وصف – فقال فى البداية أن المجتمعين بحثوا التوصل لمشروع مبادرة لإيجاد توافق وطنى يقود لديمقراطية حقيقية وليست شكلية وبناء آلية تضمن التنافس السلمى والعادل بين مختلف التوجهات فى إطار العملية الديمقراطية داخل مصر فى المستقبل .

هذا الكلام قطعا لا غبار عليه  ولكنه يصلح فى حالة واحدة فقط ، إذا ما كان الحاصل من انقلاب عسكرى فى مصر تم رغما عن الجميع وليس بمساعدة أطراف جلسوا على مائدة هذا  الحوار ليضعوا شروطهم المستقبلية دون رغبة فى التنازل عن فكرة واحدة مما انقلبوا من أجلها ، إذا فلنسم الأمور بمسمياتها ، هى إذا مساومة وليست مبادرة . ما تفعله هذه الوثيقة ماهوإلا إعادة طرح أهداف ثورة يناير التى اتهم ليبراليوها الاخوان بركوبها  ، فهى فى نظرهم ملكية خاصة يملكون هم فقط حقوق طبعها ونشرها . لم تكن مبادئ ثورة يناير كما أوهموا الناس ، عيش وحرية وكرامة انسانية ، بل كانت مبادؤها الحقيقية هى المبادئ العشر التى وردت بتلك الوثيقة  ، وهى نفسها مبادئ الدستور الذى استماتوا لاصداره بعد ثورة يناير مباشرة وقبل انتخاب برلمان يمثل الشعب ، ذلك الدستور الذى أُطلق اسمه على حزب أسسه البرادعى اشارة أن الدستور المرجو من جانبهم هو الثورة  ، وهى أيضا تلك المبادئ التى أرادوا أن يوقع عليها مرسي خلال فترة ترشحه ، وكانت هى شروط مساوماتهم معه أثناء حكمه ، ثم الأهداف التى تم أشعلوا فتيل الانقلاب من أجلها ،  وكذلك الشروط التى ساوموا بها أنصار الشرعية بعد الانقلاب ليقبلوا أن يصطفوا معهم ، وهاهم اليوم ، ومع حالة الوهن التى أصابت صف الشرعية يعودون ليستثمروا دماءا أريقت وسنوات عمراقتصت فى السجون ليطرحوا شروطهم من جديد ، (فقط سلمونا الحكم ، نطلق سراحكم) .

ما هالنى حقيقة فى نص البيان الذى أصدره الدكتور سيف عبد الفتاح هو تفسيره لقضية الشرعية ، فقد قال أن هناك فارقا بين مفهوم الشرعية وواقعها وأنه بعد الانقلاب على المسار الديمقراطى ، من حق القوى المدنية أن تختلف على شرعية مرسي كرئيس !! متجاهلا كيف تم الانقلاب على مرسي ! ومتجاهلا أن من يجالسونه فى ملتقى حواره ليتوافق معهم هم  بعض المنقلبين على هذا المسار بالفعل!

يقول الدكتور سيف أنه لاسترداد شرعية مرسي لابد من استرداد ثورة يناير والمسار الديمقراطى أولا ثم يقرر الشعب بعدها ما يريد ! وأرى هنا تلاعبا بالمفاهيم غير مقبول بالمرة ، فالعودة للوراء لا تعنى سوى مسح لكل ما تلى الثورة من احداث وأوجاع وحقوق ومكتسبات ، مسح لأصوات واستحقاقات وحقائق وجرائم ، إنها أشبه بعملية فرم الوثائق التى قام بها الجيش إبان ثورة يناير ! إنها قفزة لئيمة فوق تضحيات أولئك الذين قتلوا ودهسوا واعتقلوا واغتصبوا ، إن الغالبية الكاسحة ممن فى السجون اليوم ، لفقت لهم قضايا بسبب نزولهم من أجل شرعية رئيس مخطوف ومسار ديمقراطى مسلوب وهؤلاء ليسوا ورقة تطوى بهذه البساطة   ، هؤلاء هم من نزلوا وقت الخوف ، هؤلاء من وقفوا فى وجه الدبابة وقت  تسلقها العائدون اليوم من كتائبها خالى الوفاض  ، فارق شاسع بين من تمسك بحلم الديمقراطية  إلى أن أردته قتيلا أو سجينا ، وبين من تمسك بحلم مبادئ يسعى لتحقيقها سواءا على أكتاف شعب فى ثورة حقيقية أو على فوهة مدفع فى ثورة مصطنعة .

يقول الدكتور سيف أن الحاضرين أصروا على ألا ينفض اجتماعهم إلا بعد الاتفاق على الحد الأدنى لأرضية مشتركة لجموع الحاضرين !! ولم يكن ما قرأناه من بنود سوى شروط يمليها الجانب الذى انقلب ليقبل بالعودة على أشلاء من تم الانقلاب عليهم .

اعتبر الدكتور سيف فى بيانه أن الرد على قضية حساسة كالتى أثيرت بالمادة الخامسة عن علمنة دولة اسلامية مجرد معركة جانبية فى جو سياسي مسموم وأن ما أثير حولها حوارات منفعلة مفتعلة !! ولو أمعنا النظر لوجدنا أن ثورة يناير ما قامت إلا من اجل هذه المادة ، وما تم الانقلاب على رئيس اسلامى خرج من عباءتها إلا من أجلها ، فكيف توصف بانها معركة جانبية ؟!

أكد الدكتور سيف على حقائق ثلاث ..

أولها : أن المجتمعين بواشنطن قصدوا أن يشيروا إلى إمكانية الحوار بين القوى المختلفة .

ثانيها : أنه شجب وبشدة مناقشة نسخة مسربة غير مكتملة للوثيقة وبناء أحكام عليها ووصف هذا التصرف باللاأخلاقى ، فى حين أن النسخة التى أصدروها بالفعل لم تبتعد كثيرا عما تم تسريبه !

ثالثهما : أكد أن ما جاء في الوثيقة ليس فرضا على أحد ولكنها تعيد التفكير فى مسالة الاصطفاف على الحد الأدنى المتفق والمتوافق عليه .

أكد الدكتور سيف أن الحوار لم يتجاهل أحدا ووسع دائرة الدعوة وأن من أراد أن يتقدم الصفوف فعليه ان يحضر بدلا من أسلوب (الولولة والصوت العالى وافتعال الحرائق ) ، وأعتقد أن المقصود بالكلام هنا هو فصيل الشرعية ، كما أعتقد أنه ليس من اللائق أبدا استخدام ألفاظ كتلك مع فريق تدعوه لطاولة حوار ، ألفاظ ما استخدمت ربعها لتستدعى الفريق الآخر الذى طالما رفض الجلوس على طاولتك لسنين مضت وتركك ما بين مقتول ومعتقل وطريد ! يدعوا الدكتور سيف من (يولولون) ليأتوا وليعملوا بحق ؟! عجبا !! وماذا كانوا يفعلون حين كانوا أنهارا فى الشوارع يصرخون رفضا للانقلاب بينما كان الآخرين إما راكبين على ظهر الدبابات بينما كان أحسنهم طريقة صامتا مختبئا حذر الموت !

يعتقد الدكتور سيف أن الوثيقة هى افضل طريق للحوار وكسر الانقلاب وبناء دولة يناير فى المستقبل ! وأتساءل، وماذا كنا نبنى قبل الانقلاب؟ ألم تكن تلك دولة يناير ؟!

أكد الدكتور سيف على أن حضور الدكتور عصام حجى الاجتماعات ما هو الا محض افتراء فقد رفض الحضور ولكنه شارك بمداخلة عبر سكايب وتمت مناقشة مشروعه بعمق .

أما عن بنود الوثيقة نفسها فقد هاجم الجميع المادة الخامسة فقط بالرغم من أن الوثيقة تحمل العديد من البنود الكارثية ، فعلى سبيل المثال :

 تحدث البند الثانى عن هوية مصرية متنوعة الطبقات !! بند كهذا يقسم الشعب المصرى إلى عناصر ويمحو الهوية المصرية الاسلامية الشاملة لتصبح مجموعة من الهويات المتعددة ، وتمهد لمجتمع مفكك من الداخل .

وتحدث البند الثالث عن أن السيادة والسلطة للشعب وحده وهذا يعنى أن لا تدخل لآراء فقهية تحرم أو تجرم ، كما تحدث عن مساواة ((تامة)) بين المواطنين ، مساواة كتلك تجعل من حق مسيحى أن يحكم دولة غالبيتها الساحقة من المسلمين على سبيل المثال ، كما تحدث عن الاعلان عن وثيقة حريات ((دون أية قيود)) ، وفى مجتمع تم تجهيله عمدا كالذى نعيش فيه يكون هذا الطرح دعوة للفوضى والانحلال ونشر الرذائل ، فالناس فى بلادنا لم يفهموا معنى الحرية السياسية وهى مجرد فرع من فروع الحرية ، فماذا لو فتحت لهم الأبواب على مصراعيها بالتزامن مع تجريدهم من وصاية دينهم !

تحدث البند الرابع عن ترسيخ للحقوق والحريات تأسيسا على الاعلان العالمى لحقوق الانسان ، والذى نعلم جميعا أنه يحوى من المبادئ ما يخالف الشرعية الاسلامية قلبا وقالبا.

وبعد أن كان التمهيد فى البنود الأولى ، جاء البند الخامس لينهى الأمر ، فهو يتحدث عن فصل الدين عن الدولة وأن تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان ، وبذلك يكون قد تم ارساء حجر أساس العلمانية و الماسونية بشكل صريح دون مواربة ، فكل فكر يضع الرسالات الثلاثة على قدم سواء ، المعبد بجوار الكنيسة بجوار المسجد هو ماسونى بامتياز ، يهدف إلى خلخلة بلاد المسلمين من مضمون عقيدتها لتصبح فارغة من أى محتوى دينى .

ونأتى هنا للبند الثامن الذى يبدو لى كالبنود التى تدفن فى عقود الملكية لتكتشف فى النهاية أنه قد تم التلاعب بك بمهارة لتلجأ فى النهاية  إلى القانون الذى لا يحمى المغفلين ، يتحدث البند عن الافراج عن كل المعتقلين السياسيين وكل معتقلى الرأى ومحاكمة من قامت ضدهم ثورة يناير ، و((محاكمة كل من استغل 30 يونيو فى الانقلاب على ثورة يناير)) .

يلقون بالافراج عن المعتقلين ككسرة خبز لمؤيدى الشرعية بينما يسحبون منهم اعترافا بأن ما أسموه ثورة 30يونيو لم تكن خطيئة ، بل كانت عملا ثوريا صائبا  ولكن تم استغلاله بشكل خاطئ فأدى ذلك إلى الانقلاب !وبذلك يكون عزل مرسي سليما وسجنه ومحاكمته ورفاقه أمرا شرعيا وقانونيا ، فلا يتحدث بعدها لسان عن شرعية ولا مكتسبات ثورة ولا انتخابات ، وتصبح هذه أول جريمة سياسية كاملة دون دليل واحد ، يخرج بعدها المنقلبون مثل الشعرة من العجين ، حقيقة أرفع القبعة لمن كتب هذا البند .

ولا أعلم ، هل صدور وثيقة تطرح فكرة علمنة مصر بهذا الوضوح هى حقا لايجاد أرضية مشتركة ، أم ليتشبث الناس بفارسهم المغوار بعد أن نفذ رصيد شحن تفويضاته ؟ مفهوم جدا أن عرض بنود بهذه الكيفية على شعب يعلم – دون فهم – أن العلمانية تضر دينه وخاصة عندما يخبرهم نظامهم أن واضعى هذه المواد يجلسون على المائدة المستديرة بواشنطن عاصمة أمريكا  بالطبع ستقابل بالرفض ، كما أن واضعى البنود أنفسهم يدركون أن الجانب الاسلامى لن يوافق على بنود بعينها ، إذا فما فائدة الطرح المسلوق فى 3 أيام ؟ هل هى قنبلة غاز مثير للضحك تطلقها أمريكا قبل أن يسافر إليها المنقلب فيستطيعوا أن يحصلوا منه على مزيد من التنازلات مثلا؟ّ!

رفعت مظلة الخلافة قديما من فوق رءوس المسلمين فضعفوا ووهنوا وصاروا لقمة سائغة لكل مسعور ، واليوم ترفع مظلة الدين نفسه ليجد المسلمون أنفسهم دون خلافة جامعة أو دين يلملم شتاتهم ، لعل الله أن يبعث فيهم من يصرخ صرخة قطز فى عين جالوت ، وااسلاماه .



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023