شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

مصر تُباع تاريخ وجغرافيا – سيلين ساري

مصر تُباع تاريخ وجغرافيا – سيلين ساري
لقد أصبحت المشكاوات الإسلامية النادرة تجارة رائجة جدا لوجود سوق رائجة روادها أثرياء من هواة جمع ومقتني التحف والآثار الإسلامية النادرة وتحديدًا المشكاوات التي أصبح ثمن الواحدة منها يتراوح بين 15ألفا إلى 25 ألف جنيه إسترليني.

يعني إيه وطن؟

سؤال طُرح على قائد الانقلاب العسكري في بداية توليه رسميًا حكم مصر، وكانت إجابته الشهيرة التي تندر بها الكبير والصغير من الشعب المكلوم “وطن يعني حضن”.

لم يجرؤ أحد وقتها أن يخبره أن الوطن يعني: أرض لها حدود ومساحة ثابتة “جغرافيا” وأن الوطن “تاريخ” عاشته  أمة تتناقل أحداثه عبر الأجيال وذاك التاريخ يخلف دلائل مادية  تشهد له على الوجود تلك الدلائل المادية تسمى “آثار”.

ضحكنا جميعا وقتها وظننا أن ما يقوله إجابة خرقاء، لشخص ضحل الثقافة، لم نعي أنه يقصد تماما ما يقوله، فكيف يمكن أن يحتضن وطن يقوده العسكر مواطنيه، إلا أن يضمهم داخل جدران معتقلاته أو تحت تراب أرضه.

وليثبت لنا قائد الانقلاب صحة مقولته وأن الوطن حضن جعل من مصر كلها معتقل كبير، أُقهرنا وطيلة 60سنة أن نرتمي فيه ولكن الأكثر قهرا يحدث الأن، صرنا مهددين أن لا نجد ذاك التراب الذي يضمنا بعد أن تمتص جدران المعتقل منا الحياة.

فالسيسي منذ وصل لحكم مصر معتلي “صهوة دبابات الجيش” وهو يعيش دور الفارس المنقذ فيلسوف الفلاسفة الذي يستشيره العالم كله لذا طلب من المصريين ألا يستمعوا لكلام أحد غيره، ومن وقتها صار هو “مصر” وحده المتصرف بأرضها وتاريخها فهو الزارع والتاجر والصانع الوحيد بالبلاد.

فبعد أن تقمص دور الزارع الوحيد وتنازل عن حصة مصر في مياه النيل دون أن يستشر أصحاب الخبرة المسؤولين عن الزراعة والري بمصر خرج علينا بعد وقوع الكارثة ليقول”أنا مضيعتكمش قبل كده”.

ثم كان هو المهندس الوحيد عندما سحب الاحتياطي النقدي لمصر من أجل “فنكوش” قناة السويس الذي أوصل مصر وشعبها إلى الإفلاس، لم يلتفت لكل التحذيرات لعدم أهمية المشروع ولا الخراب المترتب عليه،  لأن الهدف لم يكن ما يحققه المشروع من فائدة للبلاد إنما ما يحققه لأمن إسرائيل أولا كحاجز مائي جديد وانهيار اقتصادي ستدخل من خلاله المنظمات الدولية فيما بعد بحجة إنقاذ مصر من الإفلاس عن طريق القروض، وما يحققه له من حب الظهور وأخذ اللقطة.

ثم صار هو الاقتصادي الوحيد فمن بعد “فنكوش” قناة السويس وما ترتب عليه من القضاء على الاحتياطي النقدي وأخذ قروض كان لابد من تنفيذ شروط صندوق النقد بتعويم الجنيه فنام السيسي وأفاق قرر تنفيذ القرار دون استشارة أي اقتصادي ومعرفة ما نتائج  ذلك على البلاد والعباد.

ثم قرر أن يكون التاجر الوحيد وهذه كانت القاضية لن أناقش فيها ما قام به من تحطيم اقتصاد مصر عن طريق جعل المؤسسة العسكرية هي المسيطرة على كل مفاصل الدولة الاقتصادية وسحب كل المشاريع والاستثمارات من رجال الأعمال والشركات وإعطائها للجيش فصار طعام ودواء المواطن رهن إرادة العسكر إذا شاءوا أطعموه وأعطوه دواءه واذا أرادوا حرموا الشعب الطعام والدواء.

ولكن الخطر أن السيسي  أمتهن سياسة تاجر التجزئة فصار يبيع “جغرافية وتاريخ مصر” بالتجزئة لمن يدفع أو من يدعم حكمه، فبالأمس القريب باع حقول الغاز بالمتوسط لليونان وإسرائيل، وبعدها باع تيران وصنافير للسعودية، ومازالت أرض مصر معروضة بالمزاد العلني كما يعرض تاريخ مصر بمزادات لندن.

فمع الساعات الأولى لعام 2017 تصحى مصر على خبر سرقة 6 مشكاوات أثرية من مسجد الرفاعي.

كيف سرقت؟ لا أحد يعلم …وأين هي؟ البحث جاري.

وبالطبع ستكون كسابقتها فالمشكاوات الست لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة مادام العسكر يحكم ويتاجر، فقد سبقتها أربعة مشكاوات ترجع لعصر السلطان برقوق والسلحدار وغيرها وبالطبع لم يعلن عن سرقتها الا بعد أن فجرت البروفيسور دوريس أبو سيف العالمة والخبيرة العالمية والأستاذ بجامعة سواس بلندن الموضوع عندما وجدت المشكاوات تباع بالمزاد العلني بلندن.

وكشفت علي صفحات جريدة «الأهرام» عن كل التفاصيل وقد أنكر المسؤولين ذلك وأكدوا أن المشكاوات الأصلية موجودة وما يباع بالخارج هو المقلد، أثبتت دوريس أن العكس هو الصحيح وتحدتهم علي الملأ وأجبرت الجميع علي الاعتراف بأن هناك عملية سرقة.

لقد أصبحت المشكاوات الإسلامية النادرة تجارة رائجة جدا لوجود سوق رائجة روادها أثرياء من هواة جمع ومقتني التحف والآثار الإسلامية النادرة وتحديدًا المشكاوات التي أصبح ثمن الواحدة منها يتراوح بين 15ألفا إلى 25 ألف جنيه إسترليني.

فكيف تخرج المشكاوات وغيرها من مصر؟

تقول البروفسير دوريس إن خروج المشكاوات  تحتاج لأفراد لهم طبيعة خاصة لتسهيل الخروج، وتستكمل حديثها هناك الكثير من التحف والآثار الإسلامية النادرة تحدثنا عنها من قبل ولم أجد إجابة عليها من المسؤولين عن الآثار في مصر، ومنها مطرقة بوابة مسجد السلطان حسن، فقد اختفت مطرقتان كلتاهما عبارة عن تحفة أثرية رائعة ونادرة، وبالسؤال كانت الإجابة فقدت واحدة والثانية موجودة في عهدة حارس المسجد في الداخل، فهل مكانها الطبيعي في حوزته؟ والثانية أين هي؟ كذلك الحال بالنسبة لجزء من واجهة الباب عليه كتابة بالفضة عبارة عن تحفة فنية رائعة اختفى ولم يتم العثور عليه.

كما يقول الدكتور علي أحمد علي مدير عام المضبوطات الأثرية والخبير في استرداد الآثار وقفية مسجد الرفاعي: المسجلة 300 مشكاة نادرة جدا ولا تقدر بثمن وبالفعل تم تسليم 117 مشكاة فقط وباقي 183مشكاة لا يعلم عنها أحد شيئا، وقد طالبت عام 2013بضرورة جرد وتوثيق كل المقتنيات الأثرية داخل المساجد والتي في حوزة الأوقاف وبالفعل صدر قرار أمين المجلس الأعلى للآثار بذلك، ولكن يتم الآن التنفيذ، لأن هناك إشكالية كبيرة هي بمثابة الثغرة التي تحصل في ظلها السرقات وهي التداخل بين وزارة الآثار وهيئة الأوقاف وندرجها تحت عبارة (المنقول داخل الأثر الثابت) وتعني الآثار التي يمكن نقلها وتبديلها مثل المشكاوات وغيرها من التحف التي توجد بالمساجد، وهذا يبرر السرقة الأخيرة من مسجد الرفاعي وغيره من السرقات الكثيرة التي تمت من قبل.

بمعنى أبسط أن القطع التي يتم سرقتها يهدر دمها بين وزارة الأثار و وزارة الأوقاف، كما أهدرت تيران وصنافير بين القضاء والبرلمان ويخرج الحرامي من السرقتين “زي الشعرة من العجين”

وكل عام وأنتم بخير



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023