شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

سؤال وجودي … هل ضاعت الثورة؟ – ياسر عبدالعزيز –

سؤال وجودي … هل ضاعت الثورة؟ – ياسر عبدالعزيز –
أيام وتهل علينا ذكرى تنحي المخلوع مبارك بثورة شعبية أبهرت العالم، لكن سؤالاً وجودياً، يجب أن نسأل أنفسنا إياه، هل انهزمت ثورتنا؟ هل ضاع طريق الديمقراطية في متاهة دكتاتورية الانقلاب العسكري؟

أيام وتهل علينا ذكرى تنحي المخلوع مبارك بثورة شعبية أبهرت العالم، لكن سؤالاً وجودياً، يجب أن نسأل أنفسنا إياه، هل انهزمت ثورتنا؟ هل ضاع طريق الديمقراطية في متاهة دكتاتورية الانقلاب العسكري؟

الإجابة في نماذج الثورات والتحولات الديمقراطية، فلقد استغرق إجراءأول انتخابات نيابية حرة في دول شرق و جنوب أوروبا في فترة تتراوح ما بين أربعةإلى سبعةأشهر في كل من اليونان ورومانيا وبلغاريا وألمانيا الشرقية، ووصلت إلى ثمانية عشر شهرا في البرتغال وإسبانيا وبولندا والمجر، وقد تَعْجب أن عملية التحوّل الديمقراطي استغرقت تدريجا في المكسيك حوالي سبعين عاما.

فعملية التحول الديمقراطي في دول العالم كافة تتسم بدرجة كبيرة من التعقيد من جهة وبتعدد مساراتها والاختلافات البينية في نتائجها من جهة أخرى، مع الوضع في الاعتبار عمليات الشد والجذب بين ثورة التحول وبين الأنظمة القمعية المتجزرة، والتي استطاعت خلال فترات حكمها بناء شبكة معقدة من المصالح ترسم دوائر تحمي بعضها بعضا.

غير أن التحول الديمقراطي الذي تتفاوت قدرته على تغيير الأوضاع يعتمد إلى حد كبير على مستوى التطور الاجتماعي والاقتصادي في البلد المعني وعلى الظروف الإقليمية والعالمية السائدة في الفترة التي يحدث فيها التحول الديمقراطي، ومن ثم يمكن القول بأن خبرة بلد ما في التحول غير قابلة للنقل الميكانيكي والتطبيق في بلد آخر.

وعلى الرغم من ذلك، تكشف أدبيات العلوم الاجتماعية عن عدد من السمات والدروس المستفادة من هذه العملية. و لعلّأول هذه السمات والدروس هي أن عمليات التحول تتصف بأنها عمليات طويلة الأمد، بمعنى آخر لا يمكن أن تحدث ثورة ما أو تحول ما نحو الديمقراطية الأثر ولا تظهر نتائجها إلا بعد فترات كبيرة.
ومن ملامح عملية التحول الديمقراطي أيضا هو أنها وبحكم طبيعتها تكتسي بانعدام اليقين، وهي الفترة التي يعيشها الثوار في مصر الآن،  فأيا ما كانت الطريقة التي يدخل بها مجتمع ما مرحلة التحول سواء عن طريق الثورة التي تؤدي إلى القطيعة الكاملة والمفاجئة مع الماضي أو عن طريق التغيير التفاوضي من قبل عناصر من داخل النظام التسلطي تسعى إلى تحقيق قدرٍ من الحرية السياسية.

ذلك لأن عملية التحول الديمقراطي تنطوي على تدفق سياسي نابع من خارج النظام سواء من المعارضة أو من عناصر النظام المطالبة بالإصلاح في محاولة من جانب كل طرف التفوق على الآخر.
ولا يمكن اقتصار عملية التحول على عناصر النظام فقط بل هي أيضا نتاج لفعل كل من الجماهير والنخب بما في ذلك قوى المعارضة التي تلعب دورًا فعّالا في عملية الانتقال إلى الديمقراطية، فلا يمكن أن يحدث تحول دون ممارسة ضغوط من قبل القوى الاجتماعية الأخرى كاتحادات العمال في أوروبا وتونس والجماعات الفلاحية والدينية وغيرها، وهو ما يعني أن تقوية هذه الاتحادات والمنظمات في بلادنا تعني مكاسب للثورة وصولا للتحول المنشود.
وعلى الرغم من أن الإحباط قد يصيب الناشطين والآملين في هذا التغيير إلا أن تمسك الراغبين في هذا التحول بالأمل وبث في أوساط العامة يجعل من المستحيل التخلي لكن ذلك يستوجب التمسك بمبادئ الديمقراطية بين صفوف التجمعات الساعية للتغيير.

وتشير الخبرات المتولدة من تجارب العديد من دول شرق و جنوب أوروبا على أن عملية التحول الديمقراطي استغرقت طاقات معظم الفاعلين للوصول إلى كتابة دستور توافقي يحكم الفترة الانتقالية ويحمي عملية التحول الديمقراطي وصولا إلى تحقيق الحد الأدنى من الاحترام للحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تضمن المساواة أمام القانون و العدالة الاجتماعية، إلا أن الخلاص من كل ما سبق أن الصبر والوعي هما سبيلنا لتحقيق دولة 25 يناير المأمولة.

 

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023