شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

التغير الجيوسياسي في الشرق الأوسط انتقل لمرحلته الأخيرة

التغير الجيوسياسي في الشرق الأوسط انتقل لمرحلته الأخيرة
شهد الأسبوع الماضي بعض الأحداث الهامة، بدأ الأمر بقرار السعودية وعدد من دول المنطقة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بزعم دعمها لجماعات إرهابية ورغبتها في التعاون مع إيران، في اليوم التالي بدأت القوات السورية الديموقراطية

نشر موقع «جيو بوليتكال فيوتشر» تقريرا تحدث من خلاله عن التحركات الأخيرة داخل الشرق الأوسط والتي ستؤدي بالطبع إلى تغيرات على النطاق الأوسع.

وأشار الموقع إلى أنه غالباً ما تتغير الجيوسياسية لدول أو مناطق العالم بناء على تطورات قوى خارجية خلال فترات طويلة من الزمن، ولكن هناك أوقات عندما يتم تجميع عدد من الاحداث الغير مرتبطة التي تحدث على المدى القصير، نجد أننا أمام إعادة تشكيل سريع للجيوسياسية قبل أن تهدأ الأحداث لنجد أنفسنا في وضع جديد، يبدو أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة شبيهة خلال الفترة الحالية.

وشهد الأسبوع الماضي بعض الأحداث الهامة، بدأ الأمر بقرار السعودية وعدد من دول المنطقة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بزعم دعمها لجماعات إرهابية ورغبتها في التعاون مع إيران، في اليوم التالي بدأت القوات السورية الديموقراطية التي يسيطر عليها الأكراد بهجمتهم لاستعادة الرقة من تنظيم الدولة.

بعد 48 ساعة من بداية أزمة قطر، بدأ تنظيم الدولة في سلسلة من الهجمات ضد إيران سواء أمام البرلمان الإيراني او بتفجير ضريح آية الله روح الله الخميني، بعدها بساعات أعلنت حكومة إقليم كردستان في شمال العراق تنظيمها استفتاء للاستقلال في 25 سبتمبر المقبل.

ربما وقعت هذه الأحداث بشكل منفصل ومستقل، ولكن بجمعهم نرى أن هناك تحول كبير تشهده المنطقة، رغبة قطر في مقاومة السعودية تعنى إما تزايد قوة إيران أو ضعف السعودية أو كلاهما، في الوقت ذاته ترى تركيا في أزمة الخليج الأخيرة فرصة للتدخل ودعم قطر ولعب دور قيادي في المنطقة.

في الوقت نفسه، بدأ تنظيم الدولة، العودة لجذوره كمنظمة تمرد فعالة بعد خسارة الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا، فيما يبدو أن أكراد العراق أقرب من أي وقت مضى لتمزيق الدولة، لذا فإننا نرى من خلال هذه التطورات أن قوى الشرق الأوسط تعيد تنظيم نفسها.

تعودت دول الخليج العربي على الاستقرار النسبي بفضل البترول وقلة الكثافة السكانية، ولكن لم يستمر الوضع بعد الدراما التي شهدتها الخليج العربي في الأسبوع الماضي، وهو ما يشير إلى وجود مشاكل أعمق.

تختلف رؤية دول الخليج بشأن التعامل مع الجماعات المتطرفة وإيران وقوات الشيعة بالوكالة. كانت سلطنة عمان خارج الكتلة السنية بجانب قربها من إيران، أما الكويت فبرغم قربها من السعودية إلا أنها تمكنت من الوقوف على الحياد في مختلف القضايا وتحاول أن تتوسط لحل أزمة الخليج الأخيرة، بينما تعتمد البحرين بشكل كامل على السعودية، وتعتبر البحرين دولة ذات أغلبية شيعية وقيادة سنية، وهو ما يترك الامارات والتي تعتبر في قوة مماثلة للسعودية. 

يتعرض استقرار شبه الجزيرة العربية النسبي للخطر، حاولت السعودية منع أي انقسامات أخرى عن طريق اطلاق حملة دبلوماسية ضد قطر، على الرغم من خطورة هذه المناورة إلا أنها قد تكون مفيدة في حالة رضوخ قطر، وهو ما سيؤكد مدى قوة الكتلة السنة برئاسة السعودية، ويمكن أيضاً أن يكون لها نتائج سلبية إذا ظلت قطر على موقفها ضد دول الخليج العربي.

تمكن تنظيم الدولة من جذب الانتباه ليكون محور الأحداث في الشرق الأوسط لسنوات، ولكن خلال العام الماضي بدأ في خسارة أراضيه الهامة في العراق وسوريا، ويبدو أن التنظيم على وشك خسارة عاصمة الخلافة في الرقة.

خسارة الرقة سيكون حدث هام، بالطبع كان التنظيم على دراية بعدم قدرته على الاحتفاظ بخلافته على المدى القصير، ومن الواضح أن الجماعة الإرهابية ستعود لجذورها كتنظيم إرهابي يقوم بهجمات إرهابية بعيدة المدى من خلال صحراء العراق وسوريا.

جدير بالذكر أن الظروف والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى ظهور تنظيم الدولة في البداية، ستستمر حتى في حالة سقوط الرقة، إذا لم يستغل التنظيم الإرهابي هذه الظروف، ستظهر جماعة أخرى ربما تكون أسوأ من تنظيم الدولة.

بينما تضعف قوة تنظيم الدولة في أرض المعركة، ستضعف أيضاً القضية التي اجتمع عليها عدد من دول المنطقة ويبدئوا في قتال بعضهم البعض، ومن المتوقع استغلال تنظيم الدولة لهذه الانقسامات، وخاصة الصراع بين السنة والشيعة، وذلك لهدم القيادة العربية السنية.

وفي 7 يونيو الجاري، قتل 12 شخص وأصيب الكثير في هجمات إرهابية شهدتها إيران وتبنتها تنظيم الدولة، ووفق عدد من المحللين فإن شن تنظيم الدولة لهجمات في إيران يعني وجودها على الأرض الإيرانية وتحضيرها لهذه الهجمة منذ فترة قصيرة.

قام تنظيم الدولة بهذه الهجمات في توقيت مثير للدهشة، بعد ثلاثة أسابيع من زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض وتصنيفه لإيران على أنها التهديد الرئيسي للمنطقة، وفي الوقت ذاته استبعد الملك السعودي وجود أي حوار مع إيران معتبراً أن الحرب مع طهران يجب أن تكون داخل أراضيها، وبدأت حملة شرسة ضد الشيعة في السعودية والبحرين.

من وجهة نظر إيران، فإن السعودية هي المستفيد الفعلي من تنظيم الدولة والذي يحارب إيران وحلفائها الشيعة في المنطقة، بالطبع يريد تنظيم الدولة أن تصدق طهران ذلك لأنه سيقود إلى مواجهة بين طهران والرياض، وفي تصريحات حديثة اتهم الحرس الثوري الإيراني الجانب السعودي بضلوعه في هجمات 7 يونيو، وهو ما يسعد تنظيم الدولة.

بالتأكيد ستحاول المخابرات الإيرانية تحييد عناصر تنظيم الدولة بداخل الدولة، على الرغم من أن قوات القدس وهي فرع من الحرس الثوري يمكن أن تحاول الانتقام من السعوديين بسبب هذه الهجمات، في كل الأحوال فإن هذه الهجمات ستساهم في زيادة التوتر بين طهران والرياض، وسيفعل تنظيم الدولة ما بوسعه لزيادة هذا التوتر.

في الوقت ذاته، تحاول الجماعة الكردية استغلال الحدود الغير الواضحة للمنطقة لخلق حدود جديدة خاصة بها، يعتبر الدافع الرئيسي للأكراد السوريين في قتال تنظيم الدولة هو تأمين الأرض والحصول على دعم أمريكي لدولة كردية سورية مستقلة، كما يسعى أكراد العراق للسيادة وهو ما يهدد بتمزيق التجربة العراقية للأبد.

بعد الحرب العراقية في 2003، اعترفت حكومة بغداد بحكومة إقليم كردستان الذاتية في ثلاثة مقاطعات في شمال العراق، مع الوقت بدأ أكراد العراق في توسيع نفوذهم جنوباً ليشمل أجزاء كبرى للمقاطعات الثلاثة الإضافية في الجنوب وهو ما وضعهم في أزمة مع السنة العراقيين. 

لكن الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة عارضت حكم ذاتي لحكومة إقليم كردستان، وساعد ظهور تنظيم الدولة في 2014 وسيطرته على الموصل في تعزيز موقف الأكراد العراقيين بسبب اضعافه لبغداد وهو ما أجبرها على التعاون مع الأكراد لقتال تنظيم الدولة في المناطق السنية.

يبدو أن هذه الأحداث أعطت الجرأة لحكومة إقليم كردستان التي أعلنت في 7 يونيو أنها ستقوم باستفتاء استقلال في 25 سبتمبر المقبل، بعيداً عن التصويت فإن طريق الاكراد للاستقلال مازال غير واضح، حيث يعتمد بشكل كبير على رد فعل تركيا وإيران. 

تابعت تركيا هذه التطورات بحذر. من المؤكد معارضتها لاستقلال الأكراد، بجانب أن أهدافها في سوريا يتعارض مع كل قوى المنطقة، رغم ذلك إلا أنها اكتفت بتمويل بعض الجماعات بالوكالة في سوريا وانشأت ممر صغير في شمال الدولة. 

على الرغم من ذلك إلا أن الأزمة القطرية قدمت فرصة عظيمة لا يمكن تركها، حيث تعتبر تركيا حليف لقطر بجانب علاقتها القوية مع السعودية وغيرها من الدول العربية، ولكنهم يرغبوا أيضاً في مناهضة تركيا لإيران، في النهاية لن يرفض العرب نفوذ تركيا لموازنة نفوذ ايران.

تحاول أنقرة التوسط في الازمة بين دول الخليج، ويمكن لذلك أن يعزز من أهمية تركيا في الشأن العربي، ويوضح مدى توسع قوتها، وفي خطوة أولى قرر البرلمان التركي تمرير قانون يتيح ارسال 3000 من القوات التركية إلى قطر.

تحتاج تركيا إلى لعب دور قيادي هام في المنطقة وذلك للتعامل مع التحديات المتعددة القادمة من سوريا.

وتكمن الأزمة في عدم رغبة مصر والسعودية أن تصبح تركيا قائد في المنطقة، ربما يعتبروا إيران تهديد حالي، إلا أن الواقع يقول بأن رغبة تركيا في الهيمنة تساوي رغبة وخطر إيران وربما أكثر خطورة على المدى الطويل.

هكذا شهدت منطقة الشرق الأوسط أسبوعاً هاماً، ظهر من خلال تطورات أحداثه، إمكانية إعادة تشكيل الجيوسياسية للمنطقة، في النهاية ستهدأ هذه الأحداث لتعود إلي طبيعة جديدة، ولكن المؤكد الآن أن هذه الأحداث لم تكن سوى حلقة واحدة ضمن حلقات كبرى ستشهدها المنطقة خلال الفترة المقبلة.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023