شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«جيوبولتيكال فيوتشر»: السعودية تخسر.. تفقد حتى نفوذها داخل أراضيها

ركزت استراتيجية المملكة العربية السعودية في الشرق الأوسط لسنوات، على رمي المال في غالبية الدول والجماعات السنية في المنطقة؛ لمواجهة النفوذ الإيراني، ومع ذلك، بدأت قيودها المالية تقيد قدرتها على المضي فيما تطمح إليه، وتقلصت قوتها على الصعيد المحلي وفي شبه الجزيرة، بل وحتى مساعدة نفسها على تحقيق استقرارها الداخلي، بحسب «جيوبولتيكال فيوتشر»، انقلب السحر على الساحر. كيف؟

تقول الصحيفة، إن السعودية تقترب من إدراك أنها لا تستطيع تشكيل ديناميات المنطقة بعد الآن، المملكة يمكنها خلق مشاكل لخصومها، لكنها لا تستطيع السيطرة على المسار المستقبلي للأحداث، وتمويلها للجماعات الجهادية السنية لم يحقق نتائجه المرجوة.

ودللت على ذلك بأن صعود تنظيم الدولة الإسلامية، أثبت أن هذه الاستراتيجية خلق نتائج غير مقصودة، ودفعت تلك التجربة السعوديين إلى إعادة تركيز جهودهم على الدول المجاورة، كاليمن، حيث قادت حربا هناك من أجل منع إيران من التعدي على مجال نفوذها.

لكن حتى في هذا الصراع، فإن المملكة العربية السعودية مازالت تكافح من أجل تحقيق أهدافها، بينما ولا تزال أسعار النفط المنخفضة تشكل ضغطا على على ميزانيتها؛ مما يثبط قدرتها ليس فقط على تمويل المجموعات الوسيطة في جميع أنحاء المنطقة، بل أيضا للقيام بأعمال عسكرية تقليدية في شبه الجزيرة العربية.

وكشفت رسائل البريد الإلكتروني المسربة بين السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل وسفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة، عن أثر هذا العجز في الميزانية، حيث كتب السفير الإماراتي في إحدى رسائله، في أبريل الماضي، أن ولي العهد السعودي أعرب عن رغبته في الانسحاب من الصراع في اليمن ورغبة الولايات المتحدة في اتخاذ إيران نفس اتجاه السعودية.

عند هذه النقطة، تعرف كل من إيران والمملكة العربية السعودية أن نضالات «الرياض» المالية تحد من قدرتها على حماية مصالحها من الداخل، وأي مفاوضات مباشرة بين البلدين سوف تفسر هذا الضعف وتؤدي إلى تسوية لصالح إيران. وبالتالي فإن أحد عواقب تراجع المملكة العربية السعودية هو أنها تخلق مجالا لإيران للضغط على السعوديين لقبول أمور لا يريدون قبولها».

وأضافت ان السعودية تكافح أيضا من أجل الحفاظ على النظام داخل حدودها، حيث اتخذت مؤخرا خطوة غير عادية بمحاصرتها «العوامية»، وهي مدينة سعودية يهيمن عليها الشيعة في المنطقة الشرقية، لمقاومتهم خطة الحكومة لهدم وإعادة بناء جزء من الحي.

ويحاول السعوديون إخفاء مدى مشاكلهم الاقتصادية من خلال تسليط الضوء على بعض النجاحات المفترضة الأخيرة، بحسب الصحيفة، حيث أشار وزير المالية السعودي إلى أن الانخفاض بنسبة 20%، في عجز الموازنة في الربع الثاني، يدل على أن البلاد تتحرك نحو ميزانية متوازنة، وهو أمر غير حقيقي بحسب الصحيفة.

تقول الصحيفة، إنه عند إجراء تفتيش أوثق، فإن هذا الادعاء بالحصافة المالية ينهار، فعلى الرغم من أن نفقات المملكة العربية السعودية انخفضت بنسبة 1.3٪ في الربع الثاني، إلا أن معظم الانخفاض في العجز راجع إلى زيادة إيراداتها النفطية بنسبة 28٪.

وعلى الرغم من أن المملكة العربية السعودية تحاول تنويع اقتصادها، فإن إيراداتها غير النفطية تقلصت بالفعل بنسبة 17%، مشيرة إلى أن هذه ليست دلائل على أن البلد أصبحت أقل اعتمادا على النفط، فبينما زادت أسعار النفط زيادات طفيفة خلال الأشهر القليلة الماضية، فإنها ستظل منخفضة نسبيا على المدى الطويل.

وتشكل الخدمات الأمنية والإنفاق العسكري، معا أكبر نفقات في ميزانية الدولة، حيث شكلت حوالي 37% من ميزانية عام 2016، لكنها لن تتجاوز 32% من ميزانية عام 2017 المتوقعة.

يشار إلى أن وزير الاقتصاد السعودي قال إن حرب اليمن كلفت السعودية 5.3 مليار دولار في عام 2015، أي ما يقرب من 10 في المئة من إنفاقها العسكري السنوي. ومن المرجح أن تكون التكلفة الحقيقية أعلى من ذلك بالنظر إلى أن المملكة دعمت حلفائها ماليا في البلاد لسنوات، إضافة إلى الأموال المستخدمة لدعم أفراد العائلة المالكة، والتي من المرجح أن لا يتم احتسابها في الأرقام الرسمية.

وأشارت الصحيفة إلى أن حرب اليمن، هي استنزاف مستمر وشديد للميزانية السعودية، ولكنها لا تريد الاعتراف بذلك، ومضيفة «على الرغم من مشاركتها لمدة عامين في الحرب، فإنها فشلت في دفع الصراع بشكل نهائي في اتجاه من شأنه أن يعود بالنفع على مصالحها (على سبيل المثال، تقليص دور الحوثيين المدعومين من إيران في الصراع)».

وأضافت أن الاتفاق مع إيران لن يكون استسلاما صغيرا للمملكة العربية السعودية؛ لأنه يمهد الطريق لمزيد من النفوذ الإيراني مباشرة على حدود السعودية.

وتفرض القيود على الدول الاختيار بين خيارين سيئين. إذا واجهت المملكة العربية السعودية إمكانية عدم استمرار المشاركة في حرب لا تستطيع تحمل التكاليف، قد تضطر إلى قبول نوع من اتفاق تقاسم السلطة مع إيران. وسيكون هذا اعترافا بأنها لم تعد قادرة على تحديد مصير شبه الجزيرة العربية، ويجب أن تعتمد على الولايات المتحدة للتوسط في صفقات مع أعدائها لحماية مصالحها.

لكن السعوديون لا يريدون أن يصبحوا أكثر اعتمادا على الولايات المتحدة، خاصة في ضوء تعميق علاقاتها مع إيران خلال مرحلة تخفيف العقوبات الأمريكية.

وختمت الصحيفة بأن رغبة المملكة العربية السعودية في الهروب من مستنقع الحرب اليمنية، هي مثال حقيقي لكيفية تقييد القدرات المالية للدولة على متابعة ضروراتها الأمنية. ففي حين أن السعودية تفضل مواجهة النفوذ الإيراني من خلال هزيمة وكلاءها في اليمن، فإن ميزانيتها المعتمدة على النفط تجبرها على إعادة النظر في إمكانية اتفاق، سيحد على الأقل من التأثير الإيراني في شبه الجزيرة العربية. موضحة أن ذلك قد يكون أفضل ما تستطيع أن تقوم به المملكة العربية السعودية الآن.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023