شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أولوية القدس والأقصي – نزار الحرباوي

أولوية القدس والأقصي – نزار الحرباوي
بهذا التوصيف، لا بد لنا عن الحديث عن مركزية تنتحب كثير من وسائل الإعلام العربية والعالمية على القضية الفلسطينية، وتحاول...

بهذا التوصيف، لا بد لنا عن الحديث عن مركزية تنتحب كثير من وسائل الإعلام العربية والعالمية على القضية الفلسطينية، وتحاول جاهدة تسليط الضوء على رؤيتها الخاصة النابعة من فهم الدولة المشرفة عليها لفلسطين وارتدادات القضية الفلسطينية عليها، وهي بذلك تتكلم وتسخّر عقولها الإعلامية ووجوهها وأقلامها للترويج لهذه الفكرة أو تلك .

 

وسائل الإعلام العربية – بكل أسف – تنظر لفلسطين من بوابة السياسة الخاصة، وبعض الدول الأخرى تحاول التعريج على القضية الفلسطينية بوصفها قضية تلامس مشاعر الشارع ، والبعض يركز على حالة الفرقة بين فتح وحماس، وآخرون يتحدثون بثوب التهويل عن عمليات التهويد القائمة ومصادرة الأملاك .. وحكايات من الإعلام السلبي غير الممنهج تفتك بواقع القضية الفلسطينية .

 

المركزية التي تمتعت بها فلسطين لم تنبع يوماً من السياسة، فهي بوصفها جزءاً من القرآن، ومطلعاً لسورة الإسراء ، وموطناً للأنبياء والرسل عليهم السلام، ومسرى للهادي ومعراجه للسماء ، تشد الرحال إليها دينياً ووجدانيا قبل أن تشد لها رحال الساسة والشعراء والمثقفين .

 

القضية الفلسطينية وجوهر هذا التوصيف، فالمركزية الوجدانية والمعرفية لها على مستوى الإحساس الفردي والجمعي لا يشكك فيه عاقل ، وهذا ما يخشاه العدو الإسرائيلي ومن وراءه، ولكن، كل الجهود السياسية والإعلامية والحرب الفكرية تشن من أجل تشتيت الانتباه عن فلسطين، فقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الأمة قد اختلفت في مليون عنوان فيما بينها ، لكنها التقت على فلسطين كعنوان جامع .

 

اتفاق الأمة على فلسطين كهوية ومركز، يعني أن بوصلة الشعوب العربية والإسلامية لا بد وأن تتجه لها ، كل الأقلام والأفكار ، والإعلام والإعلان ، وبرغم كل ما تعيشه مصر وسوريا واليمن والمغرب وليبيا وكل بقاع العالم العربي من صراعات ونزاعات وتقلبات سياسية وتجمعات فكرية ومذهبية، إلا أن القدس تشكل العاصم والقاصم، عاصم من التشتت ، وقاصم لمن أراد أن يفرط بها كقضية مقدسة ، فهي جغرافيا من العقيدة لها أبعادها الدينية والعقائدية والثقافية والتاريخية والإنسانية والقانونية .

 

إذا ، فلسطين لا تعتبر اليوم بلداً على الجغرافيا، ولا يمكن فهمها أبداً على أنها منطقة محتلة، بل هي قلب الأزمات الجارية، وزوال الاحتلال منها هو بارقة الوحدة والمشروع الاستراتيجي الأكبر لتوحيد الشام ومصر، ومن خلالهما إفريقيا وآسيا .

 

وهذا معناه، ضرورة ميلاد مشروع استراتيجي توحيدي في مواجهة المشروع الصهيوني الذي تم إقراره في مؤتمر بال في سويسرا عام 1897م، لخلق سد مانع لأي وحدة جغرافية بين الشام وما بعدها، ومصر وما بعدها، والحل كله بفلسطين.

 

من هنا، وجب التشديد على أولوية الفهم الشكمولي والتاريخي للصراع في فلسطين، وأن فلسطين ليست للفلسطينيين، وأنها وقف إسلامي من حق أي مسلم في أمريكا وبلغاريا والصين والشيشان والعالم العربي أن يطالب بحقه فيها، حقه الشخصي وحقه العام، وهذا الحق لا يسقط بالتقادم، وكل ما قام ويقوم به الاحتلال الجاثم على الأرض الفلسطينية المغتصبة لا يعني شيئاً لكونه قام على الغصب شرعاً وقانوناً، وما بني على الباطل فكله باطل .

 

القضية الأبرز هنا هي التعويل على فهم الجيل الشاب والناشئة لفلسطين وقضية الشعب الفلسطيني، والصراع العربي والإسلامي مع الفكرة الصهيونية والدولة الإسرائيلية التي نشأت عقبها، ولا ولن ننسى أن التاريخ بكل ما جرى فيه هو درس لنا في واقعنا، وما تم في فلسطين يمكن أن يكون مفتاح الحل كما كان مفتاح التأزيم .

 

الأمل هنا هو السلاح الحقيقي، لا سيما بهذا الشباب الثائر الذي انطلق من أقصى المغرب العربي لأقصى الخليج العربي، وفي دول اوروبا ، وأمريكا ، يرفع علم فلسطين ، ويطالب بحريتها، وهذا معناه أن الكبار لم يموتوا، والصغار لم ينسوا قضيتهم الأم ، وعنصر الحياة فيهم، ألا وهو آذان المسجد الأقصى، وقدسية التراب الفلسطيني .

 

والدليل على ذلك شارون وكل عنجهيته ومجازره، فقد مات شارون ومات شامير ومات رابين وهرتسل وغولدا مائير وغيرهم من قادة المشروع الفكري الصهيوني الذي قامت على أكتافه فلسطين، ولكن الطفل الفلسطيني لا زال في شوارع الناصرة وحيفا وعكا واللد والرملة وبيسان وطبريا، يحمل علم بلاده، ويردد نشيد موطني .



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023