تورط القضاء بعد ثورة 25 يناير في العملية السياسية، ودخل في صراع مع الثورة بداية من أحكام البراءة ضد قتلة الثوار مرورًا بحل مجلس الشعب والشوري، والمشاركة في عزل الرئيس المنتخب وتعين قاضي كرئيس مؤقت، ثم الأحكام المشددة علي الثوار والتي تصل إلي الإعدام.
وفي محاولة للتخلص من الشرفاء داخل مؤسسة القضاء، قررت هيئة قضائية مصرية، أمس الاثنين، إحالة 60 قاضيا، من مختلف الدرجات القضائية إلى مجلس التأديب والصلاحية، على خلفية توقيعهم على بيان مؤيد لجماعة الإخوان المسلمين، بحسب مصدر قضائي.
وقرر القاضي محمد شيرين فهمي قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة، للتحقيق مع القضاة، إحالة 60 قاضيا (بينهم قضاة خارج البلاد) من مختلف الدرجات القضائية ينتمون لحركة "قضاة من أجل مصر"، إلى مجلس التأديب والصلاحية (لجنة تحقيق داخلية بالمجلس الأعلى للقضاء)، مطالبا بعزلهم من مناصبهم القضائية.
واعتبر خبراء وقانونيون ما يحدث في وزارة العدل بحكومة الانقلاب "مذبحة للقضاة"، ومحاولة للتخلص من الشرفاء داخل المؤسسة، عن طريق عزل القضاة أو منع دخول وكلاء نيابة جدد من خارج دائرة أبناء القضاة المقربين من السلطة مشيرين إلي أن هذا يحدث حاليًا في جميع المؤسسات في محاولة من الانقلاب للسيطرة علي مؤسسات الدولة.
وأستنكر التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، استمرار تورط مؤسسة القضاء بعد الانقلاب العسكري في أعمال مناهضة لاستقلاله وسيادة القانون والدستور والشرعية الدستورية ودولة المؤسسات واستمرار مذبحة القضاة والتوسع في إصدار قرارات مشبوهة بالضبطية القضائية لتقنين أعمال البلطجة والعنف ضد رافضي الانقلاب ، وإنشاء الدوائر الانتقائية الخاصة.
وأكد التحالف أن الانقلاب ولد – من الناحية القانونية – ميِتا ، لأنه جرم مَنهي عنه قانونا، لذا فهو وقراراته وحكوماته والعدم سواء، والمُنعدم قانونًا لا أثر له في الحياة القانونية إلا بما يثيره من جُرم يستوجب العقاب، ويَزِج بمقترفِه ومعاونيه في هدم دولة القانون والمؤسسات وإلغاء القضاء في غياهب السجون.
وأوضح التحالف أن الانقلاب أحال سلطة القضاء إلى جهة إدارية تابعة تشارك في هدم دولة القانون، والتسترِ على جرائم الانقلاب التي فاقت كل حد، وثبت ذلك على وجه اليقين والجزم، وجمدت مواد السلطة القضائية في الدستور فعليا، وبذلك اهتزت ثقة الشعب المصري في القضاء، ما جعل البعض يقترح مقاطعة دور القضاء واللجوء إلى التحكيم والقضاء العرفي.
وأضاف التحالف أن "المجلس الأعلى للقضاء شارك منذ اللحظة الأولى للانقلاب في إعلانه المجرم قانونا، وتوسد أحد أعضاء المؤسسة القضائية منصب رئيس الجمهورية في وجود الرئيس المنتخب بعد اختطافه بقرار من أحد وزرائه، وانخرط عدد من قياداته وأعضائه في أنشطة سياسية داعمة لجريمة الانقلاب العسكري، وأصدروا عدد من الأحكام المعيبة واتخذوا إجراءات علي نحو يتعارض مع القانون والدستور، بشكل أكد أن المؤسسة القضائية بعد سيطرة قضاة الانقلاب عليها، فقدت استقلاليتها التي تمثل الركن الرئيسي لشرعيتها وصلاحيتها وأهليتها، وبالتالي فلا شرعية لقضاء غير مستقل يخدم عصابة إرهابية حاكمة بالقمع والعنف ولا يعتد بأحكامه وإجراءاته وقراراته وبات في حكم المنعدم قانونا".
وجدد التحالف تأكيده علي أن إنقاذ القضاء وإقرار استقلاله الكامل وتطهيره، في مقدمة أولوياته، وهذه المطالب هي ذاتها مطالب ثورة 25 يناير، ويعلن دعمه مطالب الشارع الثوري بالانسحاب الاحتجاجي للمحامين من الجلسات بحسب مقتضيات الحال وطبقا لظروف كل قضية، مع استمرار الدعم والتضامن مع المعتقلين والمعتقلات ضحايا دوائر الانقلاب.
ومن جانبها أدانت جبهة "استقلال القضاء لرفض الانقلاب " إحالة 60 قاضيا من رموز الدفاع عن استقلال القضاء بمصر، إلى مجلس التأديب والصلاحية، بعد إعلانهم الموقف القانوني والدستوري ودفاعهم عن استقلال القضاء.
وقالت الجبهة – في بيان لها أمس الاثنين – : "تعتبر تلك القرارات هي والعدم سواء، وتدخل في إطار تصفية حسابات سياسية واضحة لا ناقة للقضاء فيها ولا جمل، وفي ظل ازدواجية معايير واضحة تجاهلت البلاغات المقدمة من قضاة ضد الزند وأعوانه".
واستطردت "إن ترويع الانقلابيين للوسط القضائي وممارسة الإرهاب ضده بإحالة هذا العدد الكبير من القضاة الشرفاء للتأديب، يعد قرارات انتقامية ممنهجة ضد العديد من قضاة تيار الاستقلال وقضاة من أجل مصر"
وكان مجلس القضاء الأعلى هو الجهة الرسمية المنوط بها إدارة شؤون القضاة في مصر، قد كلف القاضي محمد شيرين فهمي للتحقيق في واقعة قيام عدد ممن يحملون الصفة القضائية بإصدار بيان من داخل مقر اعتصام رابعة، أعلنوا فيه رفضهم الانقلاب على الرئيس محمد مرسي.
و"قضاة من أجل مصر" هي حركة تضم مجموعة قضاة ينتمون إلى مختلف الهيئات القضائية، ارتبط اسمهم بشكل كبير بإجراء الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2012 في مرحلة ما بعد الثورة المصرية في 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق، حسني مبارك، وتواصلوا مع الرأي العام بشكل مباشر من خلال مؤتمرات صحفية، ووجهت إليهم انتقادات بأنهم يؤدون دورا سياسيا.