شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«واشنطن بوست»: سياسات «محمد بن سلمان» الأخيرة تقود إلى انهيار السعودية وحرب مع «حزب الله»

قالت صحيفة «واشنطن بوست» إنّ الأزمات الدولية والإقليمية والمحلية هيمنت على السعودية في عطلة الأسبوع الماضي؛ إذ قاد «ابن سلمان» حملة اعتقل فيها أمراء ورجال أعمال تحت مسمى «مكافحة الفساد»، وفي اليوم نفسه استقال رئيس الوزراء اللبناني «سعد الحريري» في بث مباشر من الرياض، التي أصيبت بصاروخ زعمت أنه أُطلق من الحوثيين.

وأضافت الصحيفة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ محللين وموالين للحكومة أرجعوا حملة «ابن سلمان» على الفساد واعتقال المشار إليهم إلى نزاهته وتفانيه في الإصلاح، وقال محللون مستقلون غير تابعين للحكومة السعودية إنّ الحملة لتوطيد أركان حكمه، واتخاذه خطوات ممنهجة للإطاحة بكل من يقف في طريقه والمعارضين المحتملين.

وبينما لم تتضح بعد الآثار المترتبة على حملة الاعتقالات هذه، ينبغي فهم التطورات الجديدة في سياق سعي «ابن سلمان» إلى توطيد سلطته والموقف الإقليمي السعودي المضطرب؛ فطموحات ولي العهد والسياسات المحلية والخارجية كشفت أنه يعمل وسط بيئة غير مؤكَّدة له، كما جاءت في وقت تشوب فيه المنطقة حالة من التذبذب والاضطراب غير المسبوقة.

أما الهجوم الصاروخي اليمني واستقالة الحريري والاعتقالات السعودية فعادة ما ينظر إليها على أنها أحداث ذات أهمية محلية في المقام الأول. لكن، في سياق اليوم، أثارت مخاوف بشأن تصعيد إقليمي خطير لا يمكن التنبؤ به ضد إيران؛ فمنذ الانتفاضات العربية في عام 2011 عاشت أنظمة الخليج -مثل المملكة العربية السعودية- خوفًا من التعبئة الشعبية ضدها، في الوقت الذي اتبعت فيه سياساتها الخارجية تدخلًا غير عادي في جميع أنحاء المنطقة.

ولذا؛ يجب فهم الانتقال الموسّع للسلطة السعودية في الداخل، وكذلك سياساتها الخارجية الفاشلة، من منظور السياق الإقليمي الواسع.

وبالرغم من أنّ هذه التطورات لم يسبق لها مثيل؛ فالتطورات الأخيرة في نهاية الأسبوع تتبع النمط الذي استخدمه محمد بن سلمان منذ بداية صعوده السريع إلى السلطة في عام 2015. ففي الشؤون الداخلية والخارجية، قاد حملات مفاجئة وواسعة النطاق لأسباب غير واضحة تحطّم الأعراف التي عاشت عليها السعودية مددًا طويلة من تاريخها.

وحقّقت هذه الاستراتيجية «الجريحة والمعيبة» نجاحًا نسبيًا على المدى القصير. وخارجيًا،  أدخلت سياساتها، مثل حرب اليمن والحصار المفروض على قطر، السعودية في «مستنقعات مدمرة». وهذا المزيج الغريب من النجاح المحلي والفشل الخارجي ساعد في توقّع ما سيأتي على الشرق الأوسط فيما بعد.

فساد أم توطيد سلطة؟

وكما أشير سابقًا، أرجع الموالون للحكومة والمتعاطفون معها حملة الاعتقالات إلى «مكافحة الفساد»، الذي أصبح مصدر قلق واسع النطاق للحكومة، ويعتبر موقف ابن سلمان في مكافحته سياسيًا في المقام الأول. لكن، لا يوجد سبب مقنع للاعتقاد بأنّ الحملة بسبب الفساد فعلًا؛ فهذا مجرّد تبرير فقط، إذ تبدو الاعتقالات «تطهيرًا كلاسيكيًا»، وإزالة المنافسين البارزين ومراكز القوى المنافسة بطريقة تهدف إلى تخويف المعارضين المحتملين الأقل شهرة.

وفي سياق ذلك، فتأمين الانتقال الفوري للسلطة في السعودية له مخاطر تفوق مخاطر المعارضة على المدى الطويل.

وكان كسر القواعد جزءًا من استراتيجية «ابن سلمان» في السياسة منذ توليه مقاليد السلطة؛ بينما جاءت تحركاته ضد المشار إليهم من أمراء ورجال أعمال مفاجئة وضخمة وصادمة.

أيضًا، يريد ولي العهد من وراء هذه الخطوات حاجته إلى ضمان خلافته للعرش قبل وفاة والده؛ ومكّنته هذه الاستراتيجية من توطيد سلطته بشكل سريع وملحوظ. لكن، على الجانب الآخر، تسبّبت هذه الاستراتيجية في تشكيل معارضة أوسع ضده عما قبل، متوقعة تناميها أيضًا في المستقبل القريب.

واستهدفت حملة الاعتقالات فئات مختلفة من المعارضين والمعارضين المحتملين، ومثّل بعضهم تهديدًا واضحًا ومباشرًا لسطة ابن سلمان؛ كالأمير «متعب بن عبدالله»، ابن الملك السابق ورئيس الحرس الوطني، الذي أبدى اعتراضه من قبل على طموحات «ابن سلمان». أما الأمير «الوليد بن طلال»، أحد أغنى الرجال وأكثرهم اتصالًا بالعالم والرائد في الإعلام العربي والسعودي الدولي، لم يمثّل تهديدًا مباشرًا لسلطته.

ويشغل معتقلون مناصب سياسية في البلاد، وشكّلت ضربة ولي العهد ضدهم صدمة هائلة للنظام. ويأتي استهداف الشخصيات الرفيعة المستوى في أعقاب موجة من الاعتقالات ضد رجال دين بارزين، والإطاحة بولي العهد «الأمير محمد بن نايف» من منصبه، وتزايد جو القمع داخل المملكة.

وتجاوزت قرارات، كالسماح للمرأة بالقيادة وتقييد عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الخطوط الحمراء داخل المجتمع السعودي، ولا يمكن عبورها دون مخاطر متوقعة؛ كالاضطراب على سبيل المثال، حتى خططه التي أعلنها في رؤيته 2030 تمثّل تحديًا للأنماط التقليدية للمجتمع السعودي، ويبدو أنه يدفع إلى إقامة نظام شخصي غير ملزم بضوابط أو توازنات، اتسم بها الحكم السعودي طوال تاريخه.

البعد الدولي

كانت سياسات «ابن سلمان» الخارجية طموحة كنظيرتها المحلية، ومتشابهة في سرعتها ونطاقها؛ لكنها، على عكس المحلية، حقّقت نتائج أقل. فالمؤسسات السعودية في الداخل ليست قوية بما فيه الكفاية للتخفيف من «الآثار الاستفزازية» لهذه السياسات، ووضعتها في موضع مضطرب، وأثبتت مبادراته الرئيسة فيها أنها كارثية إلى أبعد مدى.

وأبرز مثالين على ذلك الحملات ضد اليمن وقطر. فالتدخل في اليمن خطوة «كارثية»، كان مبررها تقدّم الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح؛ ثم فشل منذ وقت طويل. ووسط هذا الفشل، تصرّ السعودية على الاستمرار فيها، وسط غياب أي أفق لانتصارها؛ بل تعدى الفشل أكبر من ذلك، وتمكّن المتمردون في اليمن من إطلاق صاروخ وصل إلى العاصمة الرياض.

أيضًا، الأزمة القطرية «كارثية» كالتدخل في اليمن؛ وأدّت إلى تدمير دول مجلس التعاون الخليجي، بعد محاولة السعودية والإمارات فرض رؤيتهما وسط وعود حينها بالاستسلام القطري السريع؛ فشُقّ الصف داخل مجلس التعاون، وأثبت عجز السعودية عن أداء دور الهيمنة الإقليمية، وتسببت أيضًا في استقطاب للسياسات الإقليمية.

كما أثبت فشلها أيضًا في أداء دور الهيمنة بالرغم من تحالف الإمارات ومصر والبحرين معها، وكافحت بقية الدول للوجود في منطقة الحياد.

هذا النمط أثار أيضًا مخاوف للأحداث الأخرى التي شهدها الشرق الأوسط في نهاية الأسبوع الماضي، كاستقالة الحريري من الرياض وتصعيد الحرب اليمنية في أعقاب إطلاق صاروخ استهدف الرياض؛ وهي أمور ساهمت في حدوث تطوّرات محلية بجانب التطورات الخارجية، كإعادة تعديل الهيكل السياسي في لبنان، وتصعيد آخر لحرب اليمن التي دامت عامين.

أخيرًا، خطوة الاستيلاء على السلطة التي فعلها «محمد بن سلمان» رافقت تحركات كبرى في السياسة الخارجية؛ لذا يخشى مراقبون إقليميون من أنّ تؤدي استقالة الحريري، المعلنة في الرياض بخطاب حاد ضد إيران، إلى أزمة سياسية قد تصل إلى إطلاق حرب مع حزب الله، متوقعة أن تتسبب هذه التحركات في انهيار السعودية ودفعها إلى مستنقع دموي ومضطرب.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023