توقّعت صحيفة «ميدل إيست مونيتور» استيلاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على أموال الأمراء ورجال الأعمال الموقوفين لتمويل المشاريع الاقتصادية التي أعلن عنها ضمن رؤيته 2030، مؤكدة أنّ هذه الحملات جاءت في الوقت الذي أعلنت المملكة عن خططها؛ مدللة على هذه النية بتأكيد الحساب المعارض من داخل الأسرة السعودية «مجتهد»، الذي أكّد أنّ الحكومة ستستولي على أموال الموقوفين.
طالت الاعتقالات رجال أعمال لا يعرف عنهم فساد (لم تعلن اسمائهم) وبدأت مساوماتهم بتركيب تهم مختلقة عليهم إن لم يسلموا ابن سلمان ملياراتهم
— مجتهد (@mujtahidd) November 7, 2017
وربما يبدأ تنفيذ نزع الحصانة على القضاة الذين رفضوا توثيق استيلائه على أراض واملاك حين كان على المرتبة السادسة 😀
— مجتهد (@mujtahidd) November 7, 2017
وأضافت الصحيفة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ إعلان الحكومة السعودية البدء في إنشاء خط السكة الحديد بين «مكة والمدينة» العام المقبل أثار الشكوك للهدف من هذه الاعتقالات، موضحة أنّ المشروع تأخّر الإعلان عن بدء تنفيذه مدة طويلة، وأُعلن عن البدء فيه العام المقبل، في هذه المدة.
رجال دين السلطان
وقالت الصحيفة إنّ كبار رجال الدين السعوديين يقولون إنّ التصدي للفساد واجب إسلامي يساوي مكافحة الإرهاب، ردًا على حملة «ابن سلمان» على أمراء ورجال أعمال سعوديين نهاية الأسبوع الماضي.
وكجزء من «واجبها الديني»، أدّت لجنة مكافحة الفساد، المُشكَّلة حديثًا بناءً على طلب من «الملك سلمان»، إلى اعتقال المشار إليهم؛ من بينهم رجل الأعمال البارز «الوليد بن طلال»، الذي تقدر ثروته بـ16.7 مليار دولار، وفقًا لمجلة «فوربس».
وقال المنتقدون إنّ «ابن سلمان» يحاول القضاء على أيّ معارضة، وضمان سيطرته الشاملة على البلاد، وتأتي هذه الخطوة بعد أقل من خمسة أشهر على توليه منصب ولي العهد السعودي، بعد الإطاحة بالأمير «محمد بن نايف» ووضعه رهن الإقامة الجبرية.
وأصبح ابن سلمان، «الدب البري» كما يشار إليه على الإنترنت، قوة لا يستهان بها منذ توليه السلطة، واستمرار حملته الملكية لإسكات الأصوات المعارضة داخل الأسرة الملكية وخارجها؛ إذ وضع ابن عمه الأمير «عبدالعزيز بن فهد» قيد الإقامة الجبرية بعد أن أصبح معارضًا صريحًا للسياسة الخارجية للحكومة، لا سيما فيما يتعلق بعلاقاتها مع الإمارات والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ومنذ مدة طويلة لا تسمح المملكة السعودية بالمعارضة لسياستها، وأي شخص يحاول فعل ذلك يعتقل أو يُخفى. وعلى الرغم من ذلك، استطاع «الوليد بن طلال» انتقاد المملكة فيما يتعلق بحقوق المرأة في السعودية، ونُظر إلى تعليقاته على أنها بنّاءة ومهذبة، وسُمح له بالتعبير عن ذلك بغض النظر عن «وهمية الفكرة» في السعودية حينها.
الثروات الطائلة للمعتقلين
وقالت الصحيفة إنّ الشيء المتفق عليه بخصوص المعتقلين في الحملة الأخيرة هو ثرواتهم الطائلة، وبدأت حملة اعتقال رجال الأعمال منذ أسابيع، وضمّت رجال أعمال غير معروفين دوليًا؛ إذ اُعتُقل رجل الأعمال «معن الصانع» من منزله في 18 أكتوبر الماضي بتهمة التهرب من العدالة والمبالغ المُدان بها لدائنين، وهو رئيس مجموعة «سعد» المتعددة النشاطات وتعمل في مجالات البناء والهندسة والتطوير العقاري والخدمات المالية.
وفي نهاية هذا الأسبوع وحده، قُبض على 11 أميرًا وأربعة مسؤولين وعشرات المسؤولين السابقين في المملكة؛ بمجموع 49 شخصًا. ولا يمكن تصوّر حجم الثروة التي يمتلكها هؤلاء مجتمعين، وحجزوا في فندق «ريتز كارلتون»، وهو سجن يستحق مكانتهم، بحسب الصحيفة.
دلائل الاستيلاء على الأموال
وأكّدت الصحيفة أنّ محاولات «ابن سلمان» لتطوير المملكة، وتقليل اعتمادها على النقفط، والاتجاه نحو ما أسماه «الإسلام المعتدل»، وإنشاء منتجع سياحي على البحر الأحمر؛ واجهت شكوكًا في التكاليف الباهظة التي ستتكلفها مع وجود انهيار في أسعار النفط لن تتمكن المملكة من تحملها.
لكن حملة الاعتقالات ساهمت بالفعل في تحسين أسعار النفط منذ إعلانها، وارتفع سعر البرميل من 8. سنت إلى 62.55 دولارًا للبرميل الواحد. لكن، من ناحية أخرى، سبّبت الاعتقالات ارتباكًا للسوق والمستثمرين.
وتعدّ خطط ابن سلمان جزءًا مما وصفها رؤية 2030، التي ستنوّع فيها المملكة من مصادر دخلها، وتطوير خدمات القطاع العام.
واعتمد اقتصاد السعودية على النفط منذ تأسيسها عام 1938، واستخدمته في رشوة المواطنين ومنع أي حركات للمعارضة؛ إذ كانت تسلمهم بانتظام ملايين الدولارت كمساعدات ودعم، وارتفعت هذه المعونات أثناء ثورات الربيع العربي في 2011؛ ما جعل المملكة عاجزة عن تحمّل نفقات البنية الأساسية للبلاد وتطويرها.
وسيكلّف خط سكة حديد «مكة المدينة»، المتوقع أن ينقل أكثر من 6.2 مليارات مسافر في 12 عامًا، 37.5 مليار ريال (10 مليارات دولار)، وسيُبدأ فيه العام المقبل؛ ما يثير شكوك تأخير النظام في البدء فيه وحملة الاعتقالات الأخيرة.
وفي يوليو، أعلنت السعودية إطلاق مشروع طموح آخر، وهو منتجع سياحي على ساحل البحر الأحمر، سيضم 50 جزيرة ويغطي مساحة أكبر من بلجيكا؛ ومن المقرر أن يبدأ العمل في أواخر عام 2019، وتصل تكلفته إلى عشرات المليارات من الدولارات. وقال بيان رسمي سعودي إنّ المشروع سيوفّر 35 ألف فرصة عمل «فور تشغيله» ويساهم بـ15 مليار ريال (أربعة مليارات دولار) لإجمالي الناتج المحلي السعودي.
وتساءلت الصحيفة عن كيفية توفير المملكة تكاليف هذه المشروعات، مؤكدة أنها ستحاول إجبار رجال الأعمال على التنازل عن ممتلكاتهم؛ وإذا لم يفعلوا سيستولى عليها وإعلانها ممتلكات حكومية.
وأكد حساب «مجتهد»، الذي ينظر إليه على أنه من داخل الأسرة الحاكمة، أنّ الحكومة السعودية تنوي جني ما بين تريليونين إلى ثلاثة نتيجة حملة الاعتقالات الأخيرة.
معلومات مجتهد أن الحملة تسببت في زلزال في العائلة وابن سلمان استعد للتعامل مع الشخصيات المعروفة وهو قلق ممن لا يخطر بباله أن يصدر منهم شيء
— مجتهد (@mujtahidd) November 5, 2017
وختمت الصحيفة بأنه إذا كان واجب الحكومة الدينية مكافحة الفساد فعليها أن تحتذي بقيادة مثالية في هذا الشأن «الرسول محمد صلى الله عليه وسلم».