تتعرض زراعة القطن المصري منذ عدة عقود للكثير من المشكلات حتى كاد أن يختفي، وحذر خبراء زراعيون من اختفاء القطن المصري خلال الأيام القادمة ، مؤكدين أن القطن يحتضر بسبب سياسة الدولة تجاهه ،خاصة مشكلة تكدس القطن في المخازن وتراجع الفلاح عن زراعته بسبب عدم تطوير المحالج والمغازل الموجودة في مصر لتناسب تركيبة القطن المصري.
بدوره قال أحمد عياد، رئيس شعبة القطن لدى اتحاد الغرف التجارية، إن القطن المصري الذي تربع على عرش الأقطان العالمية وتميز بجودته بالأسواق العالمية، سيخرج من نطاق المنظومة الزراعية العامة ابتداءً من العام القادم، متهما الحكومة بالتسبب في ذلك لأنها أهملت تسويق القطن.
وأضاف أن شركات الغزل اهتمت بشراء الأقطان رخيصة الثمن، إضافة إلى تهريب بذرة القطن المصري للخارج مما نتج عنه انهيار محصول القطن المصري.
وأكد عياد، أن منظومة تسويق القطن عانت منذ فترة لسوء تخطيط، وأن شركات الغزول المصرية اعتمدت على إنتاج تجاري دون النظر إلى أهمية تسويق القطن المصري، خصوصًا القطن طويل التيلة، وأن عدم رعاية القطن المصري أدى إلى تراكم القطن بمخازن التجار لأكثر من مليون قنطار، مضيفاً أن القطن المصري يحتضر، ويعلن لحظاته الأخيرة، ويحتاج إلى تدخل عاجل من الحكومة لحمايته من التدهور والانهيار .
وأوضح وليد السعدني رئيس الجمعية العامة للقطن، أن مشكلة تكدس القطن في المخازن وتراجع الفلاح عن زراعته ترجع لعدم تطوير المحالج والمغازل الموجودة في مصر لتناسب تركيبة القطن المصري، حيث أن تلك المحالج تعمل على حلج القطن قصير التيلة في حين أن القطن المصري طويل التيلة ذو قيمة عالية، مشيرًا إلى أن مصر كانت تزرع 2 مليون فدان من القطن ونتيجة لمشاكل تسويق القطن وغزله انخفضت المساحة إلى 292 ألف فدان فقط.
وطالب السعدني خلال تصريحات صحفية بإنشاء صندوق موازنة الأسعار، تساهم الدولة فيه في المرحلة الأولى فقط، بعد ذلك ينمي الصندوق نفسه، بحيث في حالة انخفاض الأسعار يقوم صندوق الموازنه برفع سعر القطن ليحقق هامش ربح بسيط للفلاح.
وأكد السعدني على ضرورة صرف دعم للقطن من موازنة الدولة، لمواجهة القطن المستورد الذي يعمل على إغراق القطن المصري، لافتًا إلى أن الدول الأخرى تسعى لوقف زراعة القطن المصري، متسائلًا: هل يجوز أن دولة منتجة لمادة خام تستورد نفس المادة من الخارج بأقل كفاءة.
ومن جانبه أكد عادل عزي رئيس لجنة تسويق القطن بالداخل، أن حلقة التسويق هي الأساس في تنمية أي محصول وبالتالي ضمان تسويق القطن بأسعار مناسبة هو الأساس لتنمية الفلاح، مشيرًا إلى أن الفلاح يقارن بين العائد من محصول القطن والمحاصيل الأخري، إذا قل العائد من زراعة القطن يتجه للمحاصيل الاخري وهذا هو السبب الرئيسي في انخفاض المساحة المزروعة بالقطن.
وطالب عزي، الدولة بإعلان سعر ضمان للقطن كالمحاصيل الأخري، مشيرًا إلى أن الحكومة لا تريد إعلان سعر ضمان، حتى لا تلتزم بدفعه للفلاح في حالة اختلافه عن السعر العالمي، لأن السعر العالمي يختلف من عام لآخر.
وفي السياق نفسه أضاف الدكتور أحمد درويش، وكيل معهد بحوث إرشاد القطن بوزارة الزراعة، أنه لكي ننهض بمحصول القطن، يجب أن نعيد تطبيق الدورة الزراعية، الذي يحقق تركز زراعات القطن في تجمعات بمساحات كبيرة، مما يسهل إدارة المحصول بكفاءة من حيث ميكنة عملية الزراعة ومقاومة الآفات وعملية الحصاد أيضا، الأمر الذي يؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج، إضافة إلى التوسع في تجارب زراعة القطن في أراضي الاستصلاح الجديدة كشرق العوينات وتوشكى والنوبارية وإدكو والسرو، وذلك للخروج بمحصول القطن من تنافسية المحاصيل الأخرى .
وأكد درويش، ضرورة إعادة النظر في بعض مواد قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966، في ضوء اتفاقية تحرير التجارة وتفعيل القوانين والتشريعات ومراجعتها لتصبح أكثر فاعلية وخاصة فيما يتعلق بنظم تداول نواتج القطن الزهر، ومكافحة الجلابين، وظاهرة الدواليب الأهلية، وتشديد المراقبة، وتطبيق عقوبة الحبس على من يخالف قوانين استيراد وتصدير بذور القطن، بما يتلاءم مع الواقع المصري الحالي.