تحت عنوان “هدية مصر إلى العالم”، خَلُصَت مجلة “بوليتيكو” الأميركية، إلى أن توسعت قناة السويس التي تكلفت بضعة مليارات من الدولارات غير ذات معنى اقتصاديًا، لكنها أداة قوية على مستوى العلاقات العامة.
وقالت -في تقريها المنشور بتاريخ 18 أغسطس 2015- “تكلفت توسعة القناة الجديدة 60 مليار جنيه مصري (8.4 مليار دولار)، تم تمويلها عبر شهادات استثمار بفائدة اشتراها المواطنون المصريون من البنوك المملوكة للدولة، مقابل عائد بنسبة 12% لمدة خمس سنوات، تدفع فائدتها كل ثلاثة أشهر، غير خاضعة للضرائب”.
وأضافت “لأن أي شهادات استثمارية تصدرها البنوك الأخرى (حكومية أو خاصة) تحظى بفائدة نسبتها 9% خاضعة للضرائب؛ بيعت شهادات استثمار قناة السويس في ثمانية أيام، 88% منها اشتراها مواطنون وطنيون -بطبيعة الحال- في حين اشترى الباقي البنوك وكيانات أخرى”.
وذكرت أن “الحكومة كررت مرارًا أن ارتفاع الفائدة نتيجة توقعاتها المالية للمشروع الذي زعمت أنه سيعزز إيرادات قناة السويس من 5.3 مليار دولار حاليًا إلى 13.2 مليار دولار بحلول عام 2023؛ نتيجة زيادة حركة النقل البحري الناتجة عن توسيع القناة”.
وأردفت: مثل هذه الادعاءات أثارت الشكوك والانتقادات، وأثارت أسئلة لم تتناولها الحكومة أو وسائل الإعلام:
السؤال الأول: يتعلق بكيفية سداد الحكومة عوائد الاستثمار التي تبلغ 12% في السنة الأولى رغم أن المشروع كان لا يزال قيد الإنشاء؟
السؤال الثاني: لماذا تسعى الحكومة لقرضين إضافيين قدرهما 850 مليون دولار (أي 10% أكثر من التكلفة المتوقعة للمشروع) لإنهاء المشروع؟
وأخيرًا: لماذا يعتقدون أن تقليل وقت العبورإلى سبع ساعات سيؤدي إلى مضاعفة دخل قناة السويس في ثماني سنوات؟.
وتجيب: السؤالان الأوليان يثيران الشكوك حول عدم وجود دراسة مالية سليمة للمشروع بأكمله، أما السؤال الثالث فيؤكد ذلك، وحتى تصل مصر إلى الإيرادات المستهدفة من القناة الجديدة، بإنها بحاجة إلى أن يرتفع حجم التجارة العالمية بنسبة 9% سنويًا، ما يعني أن السفن التي تدخل القناة يوميًا يجب أن يصل عددها إلى 97 بدلًا من 48، وهو الأمر المستبعد جدًا؛ ويرجع ذلك أساسًا إلى أن الناقلات التجارية بين آسيا وأوروبا (قرابة ثلث مجمل حركة قناة السويس) تفضل الاستثمار في السفن الكبيرة، ما يعني جمع المزيد من البضائع على متن عدد أقل من السفن”.
ولفتت المجلة إلى أن “قناة بنما، التي تعتبر المنافس الرئيس لقناة السويس، تخضع لعملية توسعة تهدف إلى استيعاب سفن أكبر حتى مما ستستوعبه توسعة قناة السويس الجديدة، وسيتم الانتهاء منها بحلول العام المقبل، وإن لم تحدث طفرة غير مسبوقة في مجال التجارة والنقل البحري خلال السنة القادمة؛ ستصبح توقعات الحكومة “المفرطة في التفاؤل” غير ذات معنى”.
وذكر تقرير بوليتيكو، أن “الإمكانيات الحقيقية تكمن في مشروع تطوير منطقة قناة السويس، وهي مركز صناعي ولوجستي تخطط مصر لإنشائه على طول القناة الموسعة، وسيكلف مبلغًا إضافيًا قدره 15 مليار دولار، ويهدف هذا المشروع العملاق إلى تحويل القناة من مسار شحن إلى مركز تجاري؛ حيث يمكن للسفن أن تقوم بتخزين أو تحميل أي حمولة تريدها، لا يزال هناك القليل جدًا من التفاصيل حول هذا المشروع، لكن يجب أن يغطي قرابة 500 كيلو متر مربع من الموانئ البحرية والمناطق الصناعية والمزارع السمكية ومرافق التخزين والمدن الجديدة”.
وتعليقًا على هذه الطموحات، قالت المجلة: “إنها صفقة كبيرة، وبالنظر إلى موقع مصر الإستراتيجي بين إفريقيا وآسيا وأوروبا، إذا نُفِّذَ المشروع بشكل صحيح، سوف يكون له تأثير محوريَّ على التجارة العالمية”.