قال الكاتب والناشط الاشتراكي، تامر وجيه، إن “معركة الأخلاق مهمة وليست هامشية، وأن من يناضل ضد المظالم السائدة، ويريد تغييرًا جوهريًا، وفي الوقت نفسه يقبل النزعة الأخلاقية المزيفة السائدة، فهو أول عدو لنفسه، ويضع نفسه داخل سجن من صنع الظالم، لكنه يقبل هذا السجن ده وسعيد بيه”.
وتساءل “وجيه” -في منشور له على حسابه بموقع “فيس بوك”-: “إحنا بنتخانق على إيه؟ بنتخانق على القيم اللي المجتمع المفروض يحطها كمعيار للصح والغلط. الخناقة دي بتبتدي وسط الثوريين نفسهم، اللي جزء منهم بيقبل القيم الفاسدة السايدة، وبتمتد للمجتمع كله. كلامي هيبقى ملوش معنى لو فيه حد معتقد إن الأخلاق شيء مجرد وأبدي ولا يتغير، أو لو فيه حد معتقد إن الأخلاق بره أي صراع وسياق. لكن الحقيقة إن الأخلاق مش كده. الأخلاق موضوع نزاع وصراع وتغيير وتطور وتدهور”.
وأضاف “وجيه”، “خد عندك مثلًا فكرة: “أنا قد أبوك، ولازم تحترمني وتسمع الكلام”. دي فكرة أخلاقية. لكن أصلها افتراض موروث من عهود قديمة إن قيمة الناس ترتبط بعمرهم، وإن الأكبر له وزن أكبر في المجتمع، وإن السن عنصر في تحديد مرتبة الحكمة والتأثير. الفكرة دي حطمها تطور المجتمع ونهاية الاعتماد على السن في توزيع الأدوار. الفكرة دي أصبحت عبئًا على تطور المجتمع وعلى إنسانية الإنسان، لأنها بقت بتستخدم عشان تخللي المظلوم يقبل ظلمه طالما اللي بيظلمه شعره شايب.”
وتابع قائلًا: “المهزأ لازم يتهزأ، والمهزأ ممكن يكون كبير، واللي ليه حق يهزأه ممكن يكون صغير. عادي جدًا. النزعة الأبوية السلطوية دي لا بد من تكسيرها، بالسخرية، والفضح، والحركة، وكل الأساليب”.
واستطرد: “نفس الشيء ممكن يتقال على المحن السلطوي بتاع العسكري غلبان وميصحش كده. طيب يا أخي إنت مش واخد بالك إن التاريخ كله صراعاته الدموية كانت بتدور بين غلبان وغلبان. يعني لما جيشنا الوطني العظيم يخش معركة ضد جيش تركيا المعادي (وفقًا لأسطورتكم) مين يعني اللي هيحارب ويموت؟ اللي هيموت واحد غلبان مصري وواحد غلبان تركي. تفتكر يعني إنت هتقول ميصحش نقتل التركي عشان غلبان؟ ولا هتقول ده العدو لازم نقتله. الله! ما هو مغلوب على أمره برضه ورايح الحرب غصب عنه”.
وأوضح “وجيه” أن “المحن ده لازم يتكسر. العسكري فعلًا غلبان، لكن العسكري فعلًا أداة في إيدين السلطة لضرب الناس اللي بتناضل من أجل الحرية. وعشان كده التعامل مع العسكري لازم يكون ليه وجهين (زي ما هو حقيقته ليها وجهين): وجه بيحارب العسكري اللي بيضربنا، ووجه بيقنع العسكري إنه ميضربناش لأنه غلبان زينا”.
واختتم منشوره قائلًا: “باختصار: المعركة كمان، وبالفعل، معركة أخلاق. معركة أخلاق التحرر والمساواة والعدل في مواجهة أخلاق الظلم والمحن والنصب والأبوية. واللي عايز يغير لازم يخوض المعركة الأخلاقية بنفس شجاعة خوضه للمعركة السياسية والعملية، وإلا هنتحبس كلنا في سجن زي سجن قانون العيب اللي حطه السادات عشان بلدنا تسود فيها أخلاق القرية، يعني أخلاق قبول الظلم والاضطهاد”.