هل تعتبر أراءنا وأفكارنا حقيقة؟ أم أننا نحاول إيهام أنفسنا أنها الحقيقة؟ هل إتباع فكر شخص آخر يعد أمر صحي أم خطأ يجب التوقف عنه؟
تعتبر بالطبع هذه الأسئلة معقدة قليلاً، ولكنها تشكل جزء كبير من الأزمة التي يعيشها العالم بسبب دعمه لفكره وأراءه حتى إذا كانت خاطئة للحفاظ على الإحساس بأنه على حق، وأجاب ستيفن سولمان أستاذ العلوم المعرفية على هذه الاسئلة من خلال أبحاث ودراسات.
ويركز بحث الكاتب سولمان، مؤلف كتاب ” وهم المعرفة : لماذا لا نفكر وحدنا ؟ ” على الحكم وإتخاذ القرار والمنطق، وإهتم أيضاً بما يدعى بـ ” وهم العمق التفسيري” .
وقال سولمان أثناء حوار أجرته معه صحيفة “فوكس” أنه يعتقد أن السلوك البشري يتشكل بسبب الجماعات حوله أكثر مما يتشكل بسبب الحقائق، موضحاً أن العديد لا يفضلوا أن يفكروا وبدلاً من ذلك يعتمدوا على تفكير غيرهم ، ويعطى معظمهم الكثير من الوقت لتبرير المعتقدات التى يصدقونها، بدلاً من تشكيل معتقد موثوق بناء على حقائق.
وأوضح أنه إذا قال شخص شىء مخالف لما يعتقده الأغلبية فإنه يدفع ثمن ذلك، حيث يتم إعتباره أنه إما مجنون أو منبوذ ، ولذا فإن الضغط الإجتماعي له تأثير على التزاماتنا المعرفية.
وأشار سولمان أن كل إعتقاد لنا يعتمد على إعتقادات من حولنا، وضرب مثال بأزمة الهجرة، موضحاً أنه عندما يصدر الشخص رد فعل بشأن ازمة الهجرة فإنه لا يعلم شىء عنها وإنما يكون فكره من الأشخاص المحيطين، مثل الإستماع لأراء الخبراء الذين لديهم خبرة ومتابعة لهذه الأزمة، ولكن الشخص نفسه لم يسافر أو يدرس الأزمة.
وأشار أن الأمر يمكن أن يمثل أزمة إذا كان الذي نعتمد عليهم لتكوين سلوكنا وفهمنا لا يعلموا شيئاً أو ما يعلموه يعد خطأ وهم لا يعرفوا ذلك.
وبشأن الوضع السياسي قال سولمان: إن “السياسة مثلها مثل أي مجال، ولذا فإن أي نقاش يدور يكون حول محاولة إقناع الطرف الآخر وأثناء فعل ذلك نحاول أن نقنع أنفسنا”.
وأضاف أن العديد من الاشخاص يرغبوا في أن يكونوا محقين وان يقتنع من حولهم أنهم محقين عن طريق تكرار ما يروه صحيح.
وأكد أنه على الرغم من ذلك فهناك العديد يحاولوا أن يسيروا وراء الحقائق ويتبعوا البيانات والمعلومات لتكوين رأيهم الخاص ومنهم العلماء والقضاة، والفيزيائيين وغيرهم، ولا يعني ذلك أنهم يفعلوا ذلك دوماُ ولكنهم يحاولوا ذلك.
وأوضح سولمان أن البيانات التى جمعوها عن ظاهرة ” وهم العمق التفسيري” تنطبق على اليسار واليمين أي انها ليست مشكلة جزئية ولكنها مشكلة الجنس البشري.
كما أضاف أنهم قاموا بجمع هذه البيانات إما عبر الإنترنت أو توجيه أسئلة إفتراضية لعدد من الأمريكيين لمعرفة الفرق بين قولهم أنهم يفهموا أمراً ما وبين فهمهم الفعلي له.
وأشار أنه يمكن للشخص أن يعتمد على غيره في تكوين معرفة حيث أن الإستيعاب البشري لا يمكنه أن يعرف كل شىء بنفسه، ولكن يكمن الخطأ في الدخول في وهم الفهم حتى في حالة عدم الفهم، ولكن الطبيعة البشرية تجبر الشخص على هذا الوهم من أجل الإستمرار في الحياة. وتكمن الأزمة في أن معتقداتنا غالباً من تدعم أفكار أو سياسات ظالمة.
وتحدث سولمان على وجود الجهل مع الثقة، ضاربا مثال بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي أثبت جهله في أكثر من مناسبة، ولكنه تمسك بصحة ما يقوله .
وأضاف “سولمان”، أنه قبل الحديث عن إدارة ترامب يجب الحديث عن المجتمع الذي أتى به في هذا المنصب، موضحًا انه بالرغم من غضبه عند سماع كذبات ترامب، إلا أنه يغضب أكثر عند رؤية أن 44% من الشعب الأميركي يضعوا ثقتهم به، مقارنة بثقتهم بوسائل الاعلام.
ومن ناحية آخرى قال “سولمان”: أن “الإنترنت ساهم في جعل الوضع أسوأ من خلال إنشاء مجتمعات عبر الإنترنت للأشخاص الذين يتوافقوا مع تفكيرنا”، مضيفاً أنه حتى إذا أراد الشخص أن يعرف رأي الجانب الآخر فإن محركات البحث مثل جوجل يعطي الشخص ما يريد أن يراه وهو ما ليس يجب أن يراه.
وقال “سولمان”: إنه “يجب على كل مجتمع أن يتبنى فكرة الوصول إلى إستنتاج والتأكد منه وليس فقط الوصول له، مثلما يفعل العلماء والقضاة وغيرهم”.