أكد الدكتور طارق وفيق – وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية – أنّ القطاعين التعاوني والخاص هما الفاعل الرئيسي في قطاع الإسكان بشرائحه المختلفة، على الرغم من أنّ قطاع الإسكان التعاوني في حاجة إلى إصلاح كامل تشريعي وتنظيم، وسيحدث ذلك بسرعة.
كما أن هناك احتياجا لتنظيم قطاع التنمية العقارية، ويجب أن يكون هناك قانون للمطورين العقاريين، وسيناقش هذا قريبا، مشيرا إلى أنه سيظل هناك دعم دائم مطلوب للشرائح المحدودة الدخل، وسنوجه الدعم مباشرة لهؤلاء المستحقين، ولكن الدولة ستنسحب – مستقبلا- تدريجيا من إنتاج الوحدات السكنية، وستكون منظّمة ومحفزة لهذا القطاع.
المسكن الملائم
جاء ذلك خلال ورشة عمل «توفير المسكن الملائم لذوي الدخول المنخفضة»، التي أقيمت مساء بمقر هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالشيخ زايد، بالمشاركة مع البنك الدولي، وصندوق التمويل العقاري، وحضرها عدد من الخبراء، والمستثمرين العقاريين.
وأشار وفيق إلى أن هناك احتياجا شديدا للانحياز إلى الإيجار، بآليات مختلفة؛ لكي نتجاوز الأزمة التي نحن بصددها الآن.
تأجير الإسكان الاجتماعي
وأشار وزير الإسكان إلى أنّ هناك دراسة لتحويل جزء من برنامج الإسكان الاجتماعي إلى الإيجار لفترة زمنية محددة بقيمة إيجارية منخفضة عن قيمة قسط التمليك، مؤكدا – في الوقت نفسه – أن هناك اتفاقا على أن التحول من الإيجارات القديمة إلى سوق الإيجار الطبيعي لن يتم إلا بالتدريج.
بين المالك والمستأجر
وهناك اتفاق أيضا في نهاية الفترة التي ستتحرر فيها العلاقة القديمة بين المالك والمستأجر، ورغم التدرج في التطبيق، هذه الشريحة غير قادرة على امتصاص فترة التحول، وسيوجه إليها دعم مباشر، والمناقشات التي تجرى حاليا، والتي بدأت الإثنين الماضي في لجنة تعديل القانون تدرس كافة الحالات، وسيتم عرض القانون على الرأي العام؛ ليحدث توافق عليه.
وشدد وزير الإسكان على أن صيانة العقارات قضية مهمة جدا، ويتم الآن دراسة الاعتماد على شركات الصيانة في وحدات الإسكان الاجتماعي التي سيتم طرحها مستقبلا.
وعن كيفية التصرف في الوحدات الخالية التي يمتنع أصحابها عن تأجيرها، خشية من عدم خروج المستأجرين، وعدم الاهتمام بالصيانة، قال الوزير: هناك مبادرات حاليا بأن تتولى بعض الكيانات وشركات الخدمات العقارية والإدارية العمل على تجميع هذه الوحدات، وتؤجرها من أصحابها، ثم تعيد هي تأجيرها، وهذه الفكرة مطروحة للتنفيذ حاليا في مدينة بدر؛ حيث بادرت جمعية المستثمرين بالمدينة لتجميع نحو 1500 وحدة خالية بالمدينة لتأجيرها، ثم توزيعها على عمال المصانع بالمدينة.. مشيرا إلى أن قانون الضريبة العقارية وقع عليه ظلم، وفرغ من محتواه، فهناك حق للمجتمع على من بنى بيتا وتركه مغلقا بلا استخدام.
وثيقة الإسكان
وأشار وفيق إلى أن لجنة سياسات الإسكان مكلفة بإصدار وثيقة الإسكان، التي ستكون ملزمة للجميع، مؤكدا أن الوثيقة ستنحاز لمحدودي الدخل، وسينعكس ذلك في قانون الإسكان الاجتماعي الذي يتم إعداده حاليا، كما أن ملامح سياسات الإسكان بدأت تتحدد بترسيخ وتأصيل مسئولية الدولة عن فئة ليست صغيرة في المجتمع، لدعمها في الحصول على المسكن الكريم.
أراضي الدولة
وأشار إلى أن العمل يجري حاليا على مختلف المستويات، ما بين قضية العشوائيات وضغوطها، والتعديات التي تحدث على أراضي الدولة ووحداتها السكنية، بالإضافة إلى بعض التشريعات المقيدة، بل وصعوبة تنفيذ القانون والالتزام به، وأخيرا حالة الاحتقان التي يعيشها المجتمع.
وأكدت سحر نصر – المدير الاقتصادي والمالي بالبنك الدولي، ورئيس فريق العمل بالشرق الأوسط وأفريقيا في كلمتها – أن الدراسات تؤكد أن الطلب على الإسكان في مصر ضخم ومتنام، مشيرة إلى أن نحو 600 ألف زيجة تتم سنويا، وهذا يحفز الطلب على السكن، بالإضافة إلى الحاجة إلى استبدال المساكن المستهلكة التي تزيد على 152 ألف وحدة سكنية.
إيجاد فرص عمل
وأضافت سحر: إن توفير الوحدات السكنية له بعدان اقتصادي واجتماعي؛ حيث يعمل على خلق فرص عمل في قطاع التشييد والبناء، وغيرها من القطاعات ذات الصلة في الاقتصاد، كما يعزز قطاع الإسكان من سوق القطاع الخاص من خلال تشجيع التكامل بين شركات الاستثمار العقاري، ومؤسسات الإقراض العقاري، مما يعزز التنمية الاقتصادية الشاملة..هذا بالإضافة إلى الآثار الاجتماعية المعروفة لتوفير السكن.
التمويل العقاري
وفي كلمتها أكدت مي عبد الحميد – رئيس مجلس إدارة صندوق التمويل العقاري – أن برنامج التمويل العقاري ميسور التكلفة المدعوم من البنك الدولي بـ 300 مليون دولار يعمل على توفير الدعم اللازم للأسر ذات الدخول المنخفضة للحصول على وحدة سكنية بأسعار معقولة.
النمو السكاني والعمراني
وأشار عدد من المستثمرين العقاريين إلى أن المشكلة في مصر تكمن في الفجوة بين النمو السكاني والنمو العمراني المخطط، مطالبين بضرورة العمل على تغيير ثقافة المجتمع؛ للتأكيد على أن السكن ليس أبديا، فمن الممكن أن تبدأ بوحدة سكنية صغيرة، ثم تنتقل لأخرى أكبر، وهذا ما يعرف بـ«الحراك السكاني»، مؤكدين ضرورة أن تكون هناك ثورة في التشريعات تواكب الثورة السياسية التي حدثت، لإعطاء تطمينات للملاك، حتى يقدموا على إيجار وحداتهم.