تحظى قضية ما تعرفه الحكومة بأنه «إصلاح دعم الطاقة» في مصر، باهتمام واسع، خصوصا وأنها أحد محاور صندوق النقد الدولي في اتفاقه مع الحكومة، لإقراضها 12 مليار دولار على مدار ثلاثة أعوام.
وأكد صندوق النقد الدولي في بيان مؤخرا، أن الحكومة المصرية ما تزال ملتزمة بمواصلة إصلاح دعم الطاقة للوصول إلى مستويات أسعار استرداد التكلفة، لمعظم منتجات الوقود خلال العام القادم.
ودائما ما يجدد الصندوق تحذيراته من تداعيات التأخر، في مواصلة تنفيذ إصلاحات دعم الطاقة، إذ يمكن أن يؤدي مرة أخرى إلى تعريض الموازنة لمخاطر ارتفاع أسعار النفط العالمية.
محاولات قديمة
تاريخياً، كانت مصر سبقت كل الدول النامية في محاولة إلغاء الدعم منذ 1977، إلا أنها قوبلت بمظاهرات عارمة، أجبرت الحكومة على التراجع.
واقتصرت المحاولات فيما بعد على رفع أسعار بعض منتجات الطاقة، على فترات متباعدة أو خفض مخصصات الطاقة في الموازنة.
ومع تحول مصر إلى مستورد صاف للطاقة منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة، وارتفاع أسعار البترول وزيادة الاستهلاك المحلي، أصبح دعم الطاقة مصدر إزعاج بالنسبة للموازنة العامة المصرية وميزان المدفوعات.
ويتمثل الهدف الأساسي من وجود دعم الطاقة، في توفير منتجات الطاقة بأسعار زهيدة للفقراء ومحدودي الدخل، رغم أن معظم الدراسات تؤكد أن محدودي الدخل هم أقل الفئات استفادة من دعم الطاقة.
ويبدأ العام المالي في البلاد مطلع يوليو حتى نهاية يونيو من العام التالي، وفقا لقانون الموازنة العامة.
ارتفاع النفط
ويقدر مشروع الموازنة العامة المصرية في العام المالي المقبل سعر برميل البترول بـ 67 دولارا في حين قفز سعر البرميل إلى 80 دولارا حاليا.
ويمثل دعم المواد البترولية، قيمة ما تتحمله الحكومة المصرية نتيجة بيع هذه المواد بأسعار تقل عن تكلفة توافرها للسوق المحلية، سواء عن طريق الإنتاج أو استيراد بعضها من الخارج.
وفي حال ارتفاع سعر برميل النفط بقيمة دولار عن المقدر في مشروع الموازنة، يكلف الدولة المصرية نحو 4 مليارات جنيه (225 مليون دولار)، مما يلقي بأعباء سلبية على الموازنة.
وينطوي دعم الطاقة في مصر على عيوب، منها ارتفاع عجز الموازنة، وبالتالي اللجوء إلى الاقتراض المحلي أو الخارجي، وسوء توزيع الاستثمارات لصالح الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة وتراجع حصة الاستثمارات كثيفة العمالة.
وشكلت الواردات البترولية نحو 11 مليار دولار من إجمالي 57 مليار دولار في العام المالي 2016/2017، مقابل 9 مليارات دولار من إجمالي نحو 57 مليار دولار في العام المالي السابق له.
3 تخفيضات
ومنذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في 8 يونيو 2014، خفضت مصر دعم الوقود ثلاث مرات حتى الآن، إحداها في يوليو 2014، ومن المرتقب خفض دعم الوقود للمرة الرابعة خلال الأيام المقبلة.
جدل محتدم
وعلى مدار عقود، ما يزال الجدل محتدما بين إلغاء الدعم والإبقاء عليه، بين أصحاب التوجهات الفكرية، فأنصار الإلغاء يركزون على مبدأ الرشد الاقتصادي وحرية السوق، فيما يركز الآخرون على عدالة التوزيع ومراعاة حقوق الفقراء.
الفريق الأول، يرى أن إلغاء الدعم سينعكس في زيادة الإنفاق، على أوجه الإنفاق الأخرى، بما يعود بالنفع على الفئات الفقيرة.
بينما يرى الفريق الثاني أن الإبقاء على الدعم يدفع التنمية قدما ويشجع الصناعة، والحفاظ على الاستقرار السياسي الضروري لعملية التنمية كلها.
ويؤدي رفع أسعار منتجات الطاقة إلى موجة تضخمية، لكونها تدخل في تكاليف النقل والمنتجات الأخرى.
وتقرر تجارب الدول في إصلاح دعم الطاقة أن يتم بالتدريج وليس مرة واحدة، وتعويض المتضررين من رفع أسعار الطاقة بوسائل شتى، لحثهم على تقبل الإصلاح
المصدر: الأناضول