أظهرت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وخاصة كتائب عز الدين القسام تطورا نوعيا لافتا في أدائها خلال المواجهات الدائرة منذ الأربعاء الماضي مع الجانب الإسرائيلي بالرغم من الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 2006.
وتطور الأداء العسكري لفصائل المقاومة خلال الصراع مع الاحتلال عبر العقود الماضية من استخدام الحجارة والأسلحة البيضاء في الانتفاضة الأولى أعقبها استخدام أسلحة الكلاشنكوف والأسلحة الخفيفة في الانتفاضة الثانية إلى تصنيع واستخدام أسلحة متطورة مثل صواريخ جراد وصواريخ «فجر5» وصواريخ إم – 75 وصواريخ «107».
ويعتبر صاروخ جراد من أكثر الصواريخ المستخدمة عسكريا في الحروب والنزاعات الإقليمية، نظرا لمداه القصير ولفعاليته التدميرية، وخاصة لسعره غير المرتفع، مقارنة بالأسلحة المتطورة الأخرى التي تواجهه ويصل مداه إلى40 كيلو متر والذي استطاع ضرب جنوب إسرائيل خلال الأيام الماضية.
صواريخ بعيدة المدى
أما صواريخ «فجر5» التي استخدمتها كتائب القسام في توجيه ضربات لمدينة تل أبيب المحتلة والقدس، وهي صواريخ إيرانية الصنع أنتجتها إيران لأول مرة في عام2006، فيما يصل مداها إلى80 كيلو متر.
ويبلغ وزن المادة المتفجرة في الجزء القتالي من الصاروخ 90 كيلو جرام, وأحيانا يتم تزويدها بعناصر فتاكة بشكل كرات معدنية لزيادة الأضرار، وأدخلت عليها وحدة تصنيع الصواريخ بكتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس بعض التعديلات لتصبح أكثر تدميرا.
ويشار إلى أن كل من ليبيا وسورية وحركة "حزب الله" على الصواريخ من هذه الفئة.
وتشير التقارير إلى أن حركة "حزب الله" استخدمت هذه الصواريخ لأول مرة في 16 يوليو 2006 أثناء النزاع اللبناني – الإسرائيلي.
أما صاروخ إم – 75 ويطلق عليه الصاروخ اللغز, والذي استخدمته كتائب القسام بكثرة خلال الأيام الماضية ووصل مداه إلى تل أبيب والقدس المحتلة ويصل مداه إلى 75 كيلو متر.
وقال عنه المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة في تصريحات سابقة: إن صاروخ «إم – 75» سلاح جديد، وأوصلنا رسالة عبره تفيد بأنه لم يعد هناك أي صهيوني على أي شبر من فلسطين في مأمن».
وفي السياق ذاته يصل مدى صاروخ «107» الفلسطيني الصنع إلى 40 كيلو متر والذي يصل وصل مداه إلى 40 كيلو مترا، ويطال مستوطنة بئر السبع، التي باتت أسيرة هذا النوع من الصواريخ، منذ بدء العملية العسكرية على قطاع غزة الأربعاء الماضي.
أسلحة إيرانية
فيما يقول اللواء حسام سويلم – الخبير العسكري – لـ«شبكة رصد الإخبارية»-: إن المواد الفعالة للصواريخ التي تستخدمها الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة في غزة تأتي عبر إيران في صناديق إلى ميناء بور سودان, ومن ثم إلى مصنع اليرموك الذي تم قصفه الشهر الماضي من قبل إسرائيل.
وتابع سويلم أنه بعد المرور بالمرحلة السابقة تأخذ هذه الأسلحة طريقها إلى غزة عبر سيناء من خلال الإنفاق ومن خلال ليبيا وتتم إضافة بعض التعديلات عليها، مؤكدا أن عمليات نقل الصواريخ من خلال الإنفاق في سيناء أصبح أكثر ازيادا بعد ثورتي مصر وليبيا.
فيما أكد القائد العام في الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري – في تصريحات صحفية اليوم الأربعاء – أن إيران لم ترسل أية أسلحة إلى غزة بشكل مباشر لكنها نقلت إليها تقنية تصنيع صواريخ "فجر-5".
وكانت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية كشفت أن الصورايخ التي تم اكتشاف نوعين من هذه الصواريخ، الأولى صناعة محلية والثانية صواريخ يتم تهريبها من الخارج وغالبيتها صناعة إيرانية، خاصة الصواريخ طويلة المدى من طراز فجر.
وأوضحت أنه بالنسبة للصواريخ محلية الصنع فإنها عبارة عن مواسير صرف صحي بأجنحة، مليئة بالسماد تطير في الهواء لتسقط وتنفجر على المدن الإسرائيلية.
هشاشة
ومن جهة أخرى وبحسب خبراء عسكريين فإن أغلب المناطق السكنية الإسرائيلية، بما فيها العاصمة الفعلية "تل أبيب"، باتت في مرمى نيران الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة". وهو ما يأتي على عكس الرغبة الإسرائيلية الدائمة في نقل كافة حروبها إلى خارج حدودها نظر لانعدام إمكانية الدفاع في العمق، بسبب مساحتها الصغيرة جدا.
ويقول كامل أبو ضاهر – أستاذ الجغرافيا السياسية بالجامعة الإسلامية بغزة -: "إن إسرائيل تفتقد إلى العمق الجغرافي الكافي ما يؤثر على إمكانية الدفاع عن العمق", مشيرا إلى أن "منطقة السهل الساحلي الأوسط «تل أبيب وشمالها وجنوبها» والتي تفتقد للعمق الجغرافي تعد من أكثر المناطق خطورة؛ حيث يتركز فيها 70% من السكان، إضافة إلى تركز الاقتصاد الإسرائيلي أيضا بها".
ولفت أستاذ الجغرافيا إلى أن "المسافة الممتدة بين طولكرم – شمال غرب الضفة الغربية – وساحل البحر الأبيض لا تزيد عن 14 كم، فيما لا تتجاوز المسافة بين الخليل – جنوب القدس – وغزة حوالي 24 كم فقط، ما يعني أن أغلب مناطق إسرائيل واقعة في مرمى نيران مدافع الدول المجاورة ولا توجد منطقة مستثناة".
وتابع أبو ضاهر: إن "إسرائيل لجأت إلى فكرة العمق الإستراتيجي بدلا من العمق الجغرافي، وتتمثل فكرته بإقامة سلسلة مكثفة من التحصينات والموانع الصناعية التي تعوق حركة الاختراق السريع من العمق".