قالت صحيفة «إندبندنت» في تقرير أعده صامويل أوزبورن، إن النساء المسلمات يشعرن بالخوف بعد التصويت السويسري على منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة.
ونقل عن ناشطات تحذيرهن من أن يؤدي المنع إلى زيادة الهجمات على المسلمات المتحجبات.
وكان السويسريون قد صوتوا بهامش صغير على منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة. وجاء التصويت الذي منع تغطية الوجه بالكامل بنسبة 51% مقابل 49%، وذلك في استفتاء عام عقد في 7 مارس. ويجب على النواب في البرلمان تحويله إلى قانون وخلال عامين.
وتقول رفاعت لينزين التي ترتدي الحجاب عندما تذهب إلى المسجد: «شعرت بالضياع من حماقة ذلك التصويت، مثل منع بناء المنارات للمساجد»، في إشارة إلى التصويت عام 2009 لمنع المسلمين من بناء منارات للمساجد، وفي استفتاء مماثل. وقالت إنها «تخشى من أن يكون الاستفتاء دليلا على أن غالبية السويسريين ضد الإسلام أو المسلمين أو الاثنين معا».
وفي الوقت الذي يقتصر فيه الحظر على ارتداء النقاب في الأماكن العامة، فإنه لا يحظر ارتداؤه في أماكن الصلاة. وفي الوقت ذاته يستثني الحظر غطاء الوجه الذي يلبس من أجل السلامة والصحة.. أي الأقنعة التي ترتدى لمنع انتشار فيروس كورونا.
وتخشى لينزين أن يقود الحظر إلى انتهاكات جديدة ضد المرأة المسلمة، مضيفة أن «الانتهاك الجسدي واللفظي هو ظاهرة يومية للمرأة المسلمة التي ترتدي الحجاب، ولو أردت أن ترتدي الحجاب في سويسرا، فأنت بحاجة إلى شجاعة ووعي بأنك ستتعرض للتحرش في الأماكن العامة».
وتشترك سيريل هوغونيت، مديرة «أمنستي إنترناشونال» في سويسرا، مع هذا الرأي وقالت إن الحظر «قد يقود إلى زيادة هجمات إسلاموفوبيا ضد المرأة المسلمة».
وقالت: «حظر النقاب يخرق حقوق المرأة المسلمة في حرية التعبير والدين وتشعر الكثير (من المسلمات) ألا حرية لديهن لاتخاذ قرارات تتعلق بجسدهن».
ويعيش في سويسرا حوالي 380.000 مسلم، أي ما يمثل 5% من تعداد السكان، ومعظمهم من أصول تركية ومن البوسنة وكوسوفو.
وقالت لينزين إن الاستفتاء كشف عن ميول معادية للأجانب في المجتمع السويسري، مضيفة أن «المسلمين اندمجوا جيدا في المجتمع السويسري ولا يشكلون أي مشكلة وهو ما يثير الغرابة من التصويت بشأن الحجاب والمنارات، وتصويت يستهدف المسلمين تم القبول به وبسهولة».
وقالت: «منذ حظر المنارات ظهرت فجوة كبيرة بين الغالبية السويسرية والسكان المسلمين والذين لا يشكلون سوى 5% من السكان. ورغم اعتمادها على السياحة والاستثمار الدولي إلا أن سويسرا لديها ملامح معادية للأجانب».
ومن بين السكان المسلمين فإن عددا قليلا من النساء يرتدين البرقع، وفقط 30 من النساء يرتدين النقاب، وهو ما كشفت عنه دراسة لجامعة لوسيرن. وكانت هناك احتجاجات ضد المنع، وهو ما أدى إلى قلق بين عدد من الجماعات.
ويقول الدكتور أندرياس تانغر-زانيتي، مدير مركز أبحاث الدين في جامعة لوسيرن، إن العصبية بشأن التصويت تظهر وجود نقاش واع أكثر مما حصل حول المنارات. كما أن هناك «أثر كورونا» حيث أدى انتشار الفيروس بالناس إلى التفكير أنه خطر أكبر من 30 امرأة يرتدين النقاب.
وكانت المناطق التي تستفيد من السياحة هي التي صوتت ضد حظر النقاب، أما المناطق التي تعيش فيها مجتمعات مسلمة فهي التي صوتت لمنعه.
ويقول تانغر-زانيتي: «كما هو الحال، فإنه في تلك المناطق التي لا يعيش فيها الكثير من المسلمين صوت الناس بغالبية كبيرة مع الحظر».
وفي أثناء الحملة، حثت الحكومة الناس على التصويت ضد الحظر، قائلة إنه سيضر بالسياحة من الدول العربية، وشجبت مجموعات الفنادق والعاملين في السياحة، الحظر.
وقال تانغر-زانيتي الذي قام بجمع الأرقام عن المجتمع المسلم في سويسرا، ووجد أن 21%- 37% من المسلمات يرتدين النقاب، إنه سمع عن مسلمتين قررتا الهجرة من البلاد قبل تطبيق القرار.
وأشار البحث إلى أن المسلمات قد يواجهن هجمات متزايدة، وحتى قبل أن يسري مفعول القانون.
وأضاف أن «تجربة فرنسا والدول الأخرى تظهر أن بعض الناس في هذه المرحلة الانتقالية ينسون أن الحظر لم يطبق بعد وسيشعرون بالغضب عندما يشاهدون منقبة في الشارع» و«سيحاول البعض الهجوم على تلك المرأة، وحاول بعضهم تمزيق النقاب عندما يشاهدونه، وربما حدث وحدث في مناطق معينة في فرنسا».
وتبعت سويسرا فرنسا التي منعت النقاب في 2011، وفرضت كل من بلجيكا والدانمارك والنمسا وهولندا حظرا كاملا أو جزئيا على النقاب.
ويقول تانغر-زانيتي، إن الحظر قد يقود إلى هجمات إرهابية ويستخدمه المتطرفون “كمبرر للتحرك ضد الدول الديكتاتورية والحكام الطغاة”.
وأضاف: «لست متأكدا من حدوث هذا، إلا أن تجربة فرنسا تظهر أن هناك خطرا معينا».
وقال إن المجتمع المسلم «يبدو قلقا» بشكل عام. وهناك قلق من قيام حزب الشعب السويسري المتطرف الذي قاد الحملة ضد بناء المنارات والنقاب قد يوجه نظره لمنع الحجاب في المدارس.
وقال: «سيسألون أنفسهم، ماذا بعد؟ وما هو الموضوع التالي لتبنيه وتقييد حياة المسلمين في سويسرا وجعل حياتهم صعبة؟».