كشفت صحيفة ميدل إيست آي البريطانية أن رجل الأعمال المقرب للنظام إبراهيم العرجاني مازال يفرض رسوما مبالغا فيها على دخول المساعدات والشاحنات التجارية إلى غزة بعد وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي.
وحسب مصادر مصرية وفلسطينية فإن السلطة الممنوحة لشركات العرجاني تمكنه من تحديد الشاحنات التي تدخل القطاع.
وأضافت المصادر أن الشاحنات التي تحمل البضائع التجارية تفرض عليها رسوما لا تقل عن 20 ألف دولار، في حين تتعرض شاحنات المساعدات أيضا للابتزاز قبل العبور إلى غزة.
وقال مصدر في معبر رفح لـ”ميدل إيست آي” إن “الرسوم المدفوعة لأبناء سيناء انخفضت منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، من 60 ألف دولار لكل شاحنة إلى 20 ألف دولار لكل شاحنة”.
كشفت مصادر داخل معبر رفح الحدودي أن شركات العرجاني تولت جميع العمليات المتعلقة بتسليم المساعدات، مما أدى إلى تهميش الهلال الأحمر المصري بشكل كامل.
وقال مصدر في معبر رفح لـ«ميدل إيست آي» شريطة عدم الكشف عن هويته: «تتولى جماعة أبناء سيناء تنظيم دخول الشاحنات، رغم أن هذا الدور من المفترض أن يكون حصرياً للهلال الأحمر. وقد فتح هذا الباب أمام الفساد والرشاوى، حيث يتم دفع الأموال لإعطاء الأولوية لمرور شاحنات معينة على أخرى».
وكشف مصدر آخر في سيناء، أن الهلال الأحمر تعاقد مع مجموعة العرجاني، للقيام بعمليات لوجستية في مخازن مدينة العريش، ومطار العريش، وداخل المعبر.
وأوكلت المجموعة هذه المهام لمؤسسة النسر الذهبي التابعة للعرجاني التي تستقبل المساعدات من المطار أو الشحنات الدولية أو المساعدات الداخلة إلى المخازن اللوجستية، وتحميلها في شاحنات وتعبئتها وفق المواصفات المقبولة في معبري الاحتلال نيتسانا وكرم أبو سالم، ومعبر رفح.
وقال المصدر إن هناك آلاف المتطوعين في الهلال الأحمر يقومون بهذه المهام، ويتقاضى كل منهم مكافأة رمزية قدرها 250 جنيها مصريا يوميا (نحو 5 دولارات)، فيما يتقاضى آخرون من القاهرة ضعف هذا المبلغ.
وأضاف أن “الهلال الأحمر تعاقد مع أبناء سيناء، وترك هذا الجيش من المتطوعين عاطلاً، يتقاضون رواتبهم دون أي عمل سوى تسجيل أعداد الشاحنات والكميات”.
واتصلت ميدل إيست آي بالحكومة والهلال الأحمر المصري ومجموعة العرجاني للحصول على تعليق، لكنها لم تتلق أي رد.
وحول الشاحنات التي تحمل المنازل الجاهزة (كرفانات) والمعدات الثقيلة فلا تزال تنتظر في طوابير على الحدود ولم تحصل بعد على إذن من إسرائيل لدخول غزة، حسبما قال المصدر في معبر رفح.
“ولكن هذه الرسوم (التي هي في الحقيقة رشاوى غير قانونية وغير رسمية) تظل أحد أسباب ارتفاع أسعار السلع داخل القطاع، ما يجعل من الصعب على الأسر شراء الضروريات التي لا تغطيها المساعدات”.
وأضاف المصدر أن بعض التجار في المقابل يدفعون رشاوى إضافية لإدخال بعض السلع مثل السجائر.
وتقوم “أبناء سيناء” بمصادرة السجائر من الشاحنات التجارية أثناء التفتيش وتمنع دخولها، حيث تمتلك الحق الحصري في إدخال السجائر إلى غزة.
وقال مصدر فلسطيني داخل غزة إن “احتكار السجائر أدى إلى ارتفاع أسعارها إلى مستويات جنونية، فالصندوق الذي يبلغ سعره 40 ألف جنيه مصري (أقل من 8 آلاف دولار) يباع في بعض الأحيان بـ 250 ألف دولار في غزة”.
بالإضافة إلى شركة أبناء سيناء، تسيطر مجموعة العرجاني، من خلال شركة أخرى تدعى الأقصى ، على شاحنات النقل، مما يجعلها أكبر وسيط للشاحنات في مصر.
وتقدم الشركة خدمات نقل البضائع من مصر إلى التجار داخل غزة مقابل رسوم إضافية تضاف إلى مبلغ 20 ألف دولار الذي تتقاضاه جمعية أبناء سيناء.
وبحسب تاجرين تحدثت إليهما «ميدل إيست آي»، أصبح من الصعب ترتيب نقل البضائع دون المرور عبر الأقصى، الذي أصبح «احتكاراً تقريباً» في السوق.
وأضاف أن “بعض الشركات المسؤولة عن نقل البضائع تفرض رسوماً إضافية على الشاحنات المنتظرة للعبور، ما يزيد من تكلفة النقل”.
وتؤثر هذه الرسوم الإضافية سلباً على أسعار السلع داخل القطاع، حيث يضطر التجار إلى رفع الأسعار لتغطية التكاليف المرتفعة، الأمر الذي يزيد من معاناة الفلسطينيين في غزة.