شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

“الأورومتوسطي” : إعدام 528 متهما بمصر “انتهاك للحق في الحياة”

“الأورومتوسطي” : إعدام 528 متهما بمصر “انتهاك للحق في الحياة”
استهجن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره الرئيس جنيف، بشدة الحكم الصادر عن محكمة جنايات المنيا بمصر، والقاضي...

استهجن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره الرئيس جنيف، بشدة الحكم الصادر عن محكمة جنايات المنيا بمصر، والقاضي بإحالة أوراق 528 متهمًا من المعارضين للسلطات الحاكمة في مصر، إلى المفتي، بينهم أعضاء سابقون بمجلسي الشعب والشورى المنحلَّين، تمهيداً لإصدار أحكام بإعدامهم، معتبرًا صدور الحكم بعد ثلاثة أيام فقط من بدء محاكمتهم "أمرًا صادمًا، ويتعارض بصورة فاضحة مع أساسيات حقوق الإنسان، لا سيما الحق في الحياة وضمانات المحاكمة العادلة".

 

وقال المرصد، في بيان صحفي له اليوم الثلاثاء : "إن هذا الحكم يظهر مسارعة المحاكم المصرية إلى معاقبة المعارضين للسلطة الحالية، في الوقت الذي تتجاهل فيه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تمارسها قوات الأمن المصري بشكل شبه يومي، منذ الإطاحة بالرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي، ودون وجود تحقيقات كافية في قتل قوات الأمن للكثيرين خلال عمليات فض المظاهرات". معتبراً أن هذا الحكم لا يمكن إخراجه عن سياق الحملة التي تستهدف وجود المعارضة السياسية وجماعة الإخوان المسلمين منذ الإطاحة بحكمها في تموز (يوليو) 2013، حيث تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 20 ألف معتقل على خلفية مناصرتهم للرئيس المعزول مرسي.

 

ونوه المرصد إلى أن هذا العدد من أحكام الإعدام الذي أصدرته المحكمة المصرية "يفوق أحكام الإعدام التي تصدرها عدة دول ما زالت تتبنى الإعدام طوال عام كامل"، مشيراً إلى أن العدد الكلي للإعدامات التي تنفَّذ سنويا على مستوى العالم يبلغ قرابة 700 حالة، ما يجعل من القرار المذكور "أكبر عقوبة إعدام جماعي في التاريخ الحديث".

 

وقال المرصد إن متابعة إجراءات الدائرة التي أصدرت الحكم، والتي انعقدت برئاسة المستشار سعيد يوسف صبري، وتم تشكيلها بعد صدور قرار من الرئيس المؤقت عدلي منصور بتشكيل دوائر جنائية مختصة بنظر قضايا "الإرهاب"؛ تظهر "العديد من الانتهاكات الأساسية لحقوق الإنسان، لا سيما حق الدفاع، ذلك أنه تم منع محامي المتهمين من إبداء دفوعهم وطلباتهم، ومنعت المحكمة العديد من المحامين من حضور الجلسة، ولم تقم بإثبات طلبات المحامين الحاضرين عن المتهمين، وأغفلت عدم حضور 24 متهما محبوسين على ذمة القضية بسجن أسيوط، فيما تعمدت المحكمة إثارة الخوف في نفوس المحامين من خلال استدعاء قائد الحرس بالمحكمة وأمره بإحاطة القاعة والمحامين بالحرس، بعد خلاف قانوني حصل بينهم وبين قاضي المحكمة، ما دفعهم إلى طلب رده عن النظر في القضية.

 

وأفاد محامي المتهمين أنه وزملاءه قاموا برفع دعوى مخاصمة ضد الدائرة المذكورة أمام محكمة استئناف بني سويف يوم الإثنين الموافق 23 آذار (مارس) 2014، وقاموا بتقديم طلب الرد إلى السيد المستشار رئيس المكتب الفني بمحكمة استئناف بني سويف، الأمر الذي يفترض معه أن يتوقف القاضي عن النظر في القضية إلى حين البت بالطلب، غير أن المحكمة لم تلتفت إلى الطلب وأصدرت حكمها برغم ذلك.

 

وقال الأورومتوسطي "إن المحامين الذين تواصل معهم، أفادوا أن قاضي المحكمة قام بإحضار شاهد إثبات وحيد وهو ضابط شرطة "مركز مطاي"، والذي استمع له القاضي، فيما رفض سماع شهود النفي الذين مُنعوا من دخول المحكمة. في الوقت الذي مُنع فيه الصحفيون ووسائل الإعلام من حضور جلسات المحاكمة. كما منع المحامون من تصوير أوراق القضية أو معرفة الاتهامات التي يواجه بها المتهمون بالمخالفة لأحكام القانون التي تسمح للمحامي بالاطلاع والتصوير".

 

وفي الجلسة الثانية من الحكم، يوم 24 آذار (مارس) 2014، وهي الجلسة التي تبعت الجلسة الأولى بيومين فقط، وتغيّب عنها المتهمون، ما يعني أن دفاعهم لم يُعرض على المحكمة، وبرغم ذلك أصدرت المحكمة قرارها بإحالة أوراق 528 متهما منهم إلى المفتي، وهو الإجراء الذي يعني الحكم عليهم بالإعدام بحسب القانون المصري، وذلك بتهمة الاعتداء على مركز "شرطة مطاي"، وقتل نائب مأمور المركز، والشروع في قتل شرطي وضابط آخر والاستيلاء على أسلحة الشرطة في المركز المذكور وحرقه، وهي الأحداث التي تلت فض السلطات المصرية لاعتصام مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة والنهضة يوم 14 آب (أغسطس) 2013، وشملت حينها أعمال عنف ومهاجمة أماكن مدنية ومراكز شرطة. فيما حددت المحكمة يوم 28 نيسان (إبريل) المقبل موعدا للنطق بالحكم.

 

وقال المرصد "صحيح أن للمتهمين الحق في الطعن على الحكم أمام محكمة النقض المصرية، والتي إما أن تؤيد الحكم فيصبح نهائيا أو تقضي بنقضه لتعاد المحاكمة مرة أخرى؛ غير أن الحكم على 528 متهماً بعد محاكمة استغرقت يومين فقط يجعل هناك شكوكاً كبيرة في إمكانية حصول مراجعة عادلة للأدلة والشهادات بما يتوافق مع المعايير الدولية".

 

وشدد الأورومتوسطي على أن على السلطات المصرية "عدم الاكتفاء بمراجعة الحكم الأخير، بل إغلاق هذا الباب أو على الأقل تضييقه من خلال تعديل التشريعات الجنائية المصرية، والتي تفرط في استخدام الإعدام كعقوبة"، منوها إلى أن مصر من الدول التي ما زالت تطبق عقوبة الإعدام حتى بالنسبة للجرائم التي تعد عادية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "الكثير من النصوص التي نصت على الإعدام كعقوبة صيغت بشكل فضفاض ويعطي مساحة واسعة للتأويل، كالنص على إعدام من يرتكب فعلاً "يؤدي إلى المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها"، وهو الأمر الذي يعد مخالفاً لمبادئ القانون الدولي التي نصت على الحق في الحياة وأكدت على عدم استخدام الإعدام كعقوبة إلا في أضيق نطاق.

 

وذكر المرصد الحقوقي أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد تبنت في كانون الأول (ديسمبر) 2007 و2008 قرارين دعيا إلى فرض حظر على استخدام عقوبة الإعدام. كما أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة كان قد تبنى قراراً يتضمن مجموعة من الضمانات المتعلقة بعقوبة الإعدام، ومن ذلك عدم جواز فرض عقوبة الإعدام إلا في الجرائم الخطيرة والمتعمدة، وأن لا يصدر الحكم إلا بعد محاكمة تتوفر على كل الضمانات الممكنة لتأمين محاكمة عادلة ومتوافقة على الأقل مع الضمانات الواردة في المادة 14 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، ومن ذلك حق الشخص في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ومحايدة، والحق في افتراض براءته، والحق في الحصول على الوقت والتسهيلات بما يكفيه لإعداد دفاعه، والحق في استجواب الشهود وتقديم شهود الدفاع، وهي كلها حقوق تم انتهاكها في هذه المحاكمة الأخيرة.

 

من جانبها؛ قالت ميرة بشارة، الباحثة في الدائرة القانونية في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام، أكد على أن الإجراءات التي تفضي إلى فرض عقوبة الإعدام "يجب أن تتفق مع أعلى معايير الاستقلال والكفاءة والموضوعية ونزاهة القضاة، ويجب أن يستفيد المتهمون من خدمات محامين أكفاء في كل مرحلة من الإجراءات، ويجب أن تؤخذ جميع العوامل المخففة في الحسبان".

 

وأضافت بشارة أن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أوضحت أيضًا أن الحظر المفروض على حرمان الشخص من حياته تعسفاً، الوارد في المادة 6 (1) من "العهد الدولي"، يستوجب من القانون أن يفرض رقابة صارمة على الحالات التي يجوز فيها للدولة أن تحرم شخصاً من حياته، وأن يضع لها ضوابط محكمة تضمن عدم توقيع عقوبة الإعدام إلا بعد أن تثبت إدانة المتهم بناءً على أدلة واضحة ومقنعة لا تترك مجالاً لأي تفسير مخالف. الأمر الذي يجعل من توقيع عقوبة الإعدام في نهاية محاكمة لم تحترم أحكام "العهد الدولي"، كما حصل في المحاكمة المعروضة أمامنا في مصر "يمثل انتهاكاً صارخاً للحق في الحياة".

 

وختم المرصد الأورومتوسطي بيانه بدعوة السلطات المصرية إلى "ضمان إعادة محاكمة المتهمين بصورة عادلة ونزيهة، وخالية من التحيز السياسي والتمييز، ومنحهم حق الدفاع عن أنفسهم أمام محكمة مستقلة وحيادية، واحترام الإجراءات القانونية واجبة التطبيق بما يضمن حقوق المتهمين ويتفق مع قواعد حقوق الإنسان ذات الصلة".



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023