شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الولي في حوار لـ”رصد”: ارتفاع البورصة وهْمٌ لا يشعر به المصريون

الولي في حوار لـ”رصد”: ارتفاع البورصة وهْمٌ لا يشعر به المصريون
"رصد" حاورت الخبير الاقتصادي، ورئيس مجلس إدارة الأهرام السابق، ممدوح الولي؛ ليكشف بعضًا من حقائق ما يشهده الاقتصاد المصري، وانعكاس ذلك على المواطن.

– حكومة محلب تصطنع معدل نمو مرتفع لتتغنى به في وسائل الإعلام، دون أن يكون لذلك أساس في الواقع الاقتصادي.

– عدد المستثمرين بالبورصة 30 ألف مستثمر، من بين 88 مليون مصري، مايعني ضعف صلة المصريين بالبورصة.

– السنوات القادمة ستظل محملة بأعباء الدين كفوائد وأقساط، بعد أن تخطى حاجز الـ 2 تريليون جنيه.

– مشروع قناة السويس سيصل عائده، بعد 8 سنوات، إلى 13 مليار دولار فقط، مقابل 5 مليار حاليًا.

يمر الاقتصاد المصري بأصعب فتراته، فيما تعددت أزماته، ما بين أزمة سعر صرف الجنيه وعجز الموازنة وديون، وبين مؤشرات اقتصادية من بورصة ومشاريع، إلا أن ذلك كله لا يعكس حقيقة معاناة المواطن المصري البسيط.

“رصد” حاورت الخبير الاقتصادي، ورئيس مجلس إدارة الأهرام السابق، ممدوح الولي؛ ليكشف بعضًا من حقائق ما يشهده الاقتصاد المصري، وانعكاس ذلك على المواطن.

رصد: هل صعود البورصة المصرية في فترات معينة، يعد مؤشرًا جيدًا للاقتصاد المصري، وكذلك العكس؟ ولماذا تأخذ منا كل هذا الاهتمام؟

الولي: البورصة في البلدان الرأسمالية تعد مرآة للاقتصاد، بحيث تعكس أية متغيرات على الوضع الاقتصادي، سواء كانت إيجابية أم سلبية، ومن هنا كان الانخفاض الشامل لكل البورصات خلال الأزمة المالية العالمية، وما حدث بالبورصة الروسية بعد انخفاض أسعار البترول، وتداعياته السلبية على الاقتصاد الروسي.

لكننا في مصر نرى العجب، حيث اقتصاد متخم بالمشاكل وانقسام مجتمعي وعنف مستمر، ورغم ذلك تصعد البورصة، ما يشير إلى انفصالها عن الواقع تمامًا، فكيف لبلد بها عجز تجاري متزايد، ومعدل بطالة مرتفع، ومعدل عالي لنسبة الدين العام للناتج، ونسبة عجز مرتفع بالموازنة ومعدل تضخم عالي، ثم ترتفع أسعار بورصتها؟!

والسبب الرئيسي وراء ذلك، هو المساندة الحكومية للسوق، من خلال دفع محافظ الأوراق المالية الضخمة بالبنوك، إلى الشراء كلما اتجه السوق للهبوط، إلى جانب استخدام محافظ الأوراق المالية لدى هيئة التأمينات ولدى هيئة البريد لنفس الغرض، ومن هنا فإنه ارتفاع مصنوع.

كما تلجأ الحكومة المصرية لذلك لأنه لن يحاسبها أحد على ما تفعله بحساب أموال المودعين وأصحاب المعشات، ولصنع نجاح وهمي تتغنى به في وسائل الإعلام المحلية والدولية، وهو ما حدث بالفعل عندما حقق مؤشر مورجان ستانلي للأسهم المصرية، نسبة نمو 26% خلال عام 2014، كنسبة لم تتحقق في باقي بورصات الدول الأخرى، ووقتها تغنت وزارة الاستثمار الصرية بأن الاستثمار في مصر قد حقق أعلى عائد بالعالم.

ورغم أن المستثمرين ورجال الأعمال في مصر، من مصريين وأجانب، يعانون من مشاكل عديدة، سواء من عدم توفر الدولار، أونقص الطاقة، وقلة الأراضي، فضلًا عن صعوبات التمويل، ما أدى لقيام كثير من الشركات بالعمل بنصف طاقتها الإنتاجية.

وهكذا فقد لجأت الحكومة للحل السهل لتحقيق إنجاز اقتصادي غير حقيقي، عندما فشلت في تحقيق إنجاز في القطاعات الاقتصادية الحقيقية المختلفة، كالمجال الصناعي أو الزراعي أو التجاري.

رصد: هل مكاسب البورصة  تعود بالنفع على الاقتصاد داخليًا، وعلى المواطن البسيط؟

الولي: أما عن استفادة المواطن العادي من صعود الأسعار بالبورصة، فحقيقةً المواطن العادي لا صلة له بالبورصة، بل إن انتعاش التعامل في البورصة  يأتي على حساب الاستثمار في المجالات الإنتاجية، التي توفر سلعًا وخدمات أكثر، وكذلك وفرص عمل.

ولعلنا عندما نعرف أن عدد المستثمرين في البورصة، حوالي 30 ألف مستثمر فقط، من بين 88 مليون مصري، ندرك ضعف صلة المصريين بالبورصة.

رصد: إلى أي مدى تمثل المساعدات المالية الخليجية، التي تلقتها الحكومة حتى الآن، والقروض الأخرى، التي حصلت عليها من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي؛ عبئًا اقتصاديًا على الأجيال القادمة؟

الولي: الدين العام ينقسم إلى: دين عام محلي، ودين عام خارجي. وكلاهما زاد بعد الانقلاب. وهذا الدين يتطلب تخصيص مبالغ في الموازنة العامة لسداد فوائده وأقساطه، وعندما نجد أن تكلفة الفوائد للدين بموازنة العام المالي الحالي؛ تصل إلى 199 مليار جنيه، وأقساط الديون تصل إلى 216 مليار جنيه؛ فإن تلك المبالغ للفوائد والأقساط،  تمثل نسبة 41% من الإنفاق بالموازنة.

هذا بالطبع يؤدي إلى الإقلال من مخصصات الاستثمارات، لتصل إلى 67 مليار جنيه فقط ، ما يطيل مدة تنفيذ المشروعات الحكومية في أنحاء البلاد، والخاصة بالطرق والكباري والمستشفيات والمدارس ومياه الشرب والصرف الصحي، ما يؤخر بدوره تحسين الأوضاع المعيشية للمصريين.

ونظرًا لكبر حجم الدين العام، والذي تخطى 2 تريليون جنيه، فإن هذا يشير إلى أن موازنات عدد من السنوات القادمة، ستظل محملة بأعباء الدين: كفوائد وأقساط ، ما يحمل الأجيال القادمة أعباء تسببت فيها الحكومات الحالية.

رصد: هل مشروع قناة السويس، الذي تنفذه الحكومة الحالية، يستحق أن تحشد له الدولة كل أجهزتها؟ وهل ينعكس بالايجاب على الاقتصاد المصري؟

الولي: في العام السابق، كان متوسط عدد السفن العابرة يوميًا بقناة السويس 46 سفينة، بينما تسمح إمكانات القناة بعبور 68 سفينة يوميًا، لكن العبور بالقناة يرتبط بعدة عوامل، منها: مدى نشاط حركة التجارة العالمية، ما بين دول جنوب آسيا ودول جنوب وغرب أوربا أساسًا، كما أن شركات الشحن الدولية، تتجه لصنع سفنًا أضخم، ما يزيد من حمولة السفن، ويقلل عددها بالملاحة البحرية.

من هنا فلم تكن هناك ضرورة ملحة لبدء عملية توسعة القناة، بل كان الأهم تعميق القناة أكثر مما هي عليه؛ لاستيعاب سفن البترول الضخمة، التي لا تسطيع المرور بالقناة حاليًا، بسبب غاطسها الأكبر من غاطس القناة.

ومما سبق يتبين أن العامل الدعائي كان له دور بارز في عملية توسعة القناة، والتي قيل، إنها ستتم بخبرات مصرية، ثم تم الاضطرار للاستعانة بعشرات الشركات الأجنبية، لانجاز العمل بالموعد المحدد، بعد ظهور مشاكل خلال عملية الحفر، وظهور المياه الجوفية مبكرًا.

بالإضافة إلى أن تصريحات المسؤولين عن القناة، تتحدث عن 23 ألف شخص يعملون بالتوسعة. وجدير بالذكر أن توسعة مجرى القناة، وتعميق بعض الأماكن، يصل إلى العمق الحالي للقناة دون إضافة، كما أن مشروع التوسعة يختلف عن مشورع محور التنمية لإقليم قناة السويس، الذي لم يبدأ بعد.

ثمّ لو كانت هناك رؤية، لكانت هناك مشروعات أخرى ذات أولوية، مثل: تطوير السكة الحديد، تطوير الطرق البرية، مد الصرف الصحي، أو مشكلة الإسكان أو مشكلة العشوائيات، وكلها قضايا أكثر إلحاحًا وجدوى، اقتصاديًا واجتماعيًا، من مشروع قناة السويس، الذي سيصل عائده، بعد 8 سنوات، إلى 13 مليار دولار مقابل 5 مليار حاليًا.

رصد: بخصوص أزمة الطاقة في مصر.. إلى أي مدى تمثل أزمة للاستثمارات الحالية؟ ومشكلة للاستثمارات المستقبلية؟

الولي: بشهادة صندق النقد الدولي، فقد تحولت مصر، منذ سنوات، إلى دولة مستوردة للبترول، ولولا المعونات الخليجية البترولية لاستفحلت الأزمة، حيث يتم شراء حصة الشريك الأجنبي من البترول الخام والغاز الطبيعي، لكن هذا لا يكفي، فيتم شراء بترول خام من الخارج لتكريره محليًا، ولكنه أيضًا لا يكفي، فيتم استيراد منتجات بترولية، مثل: البوتوجاز، السولار، المازوت والبنزين، وخلال شهرين سنضيف لهم استيراد الغاز الطبيعي.

من هنا تأثرت محطات توليد الكهرباء، بقلة الوقود الواصل إليها، لكن هذا كان له تداعيات سلبية على السكان وعلى المصانع أيضًا، فاضطرت الحكومة لتقليل كميات الغاز الطبيعي المتجه لمصانع الأسمنت والحديد والأسمدة والطوب، وتوجيهها لمحطات توليد الكهرباء، وبالتالي انخفضت الطاقات الإنتاجية بتلك الصناعات، لقلة الوقود الواصل إليها، ما دعا للاتجاه لاستخدام الفحم، رغم مخاطره البيئية، لتعويض جانبًا من نقص الطاقة.

وفي تلك الأجواء، كان من الطبيعى صعوبة تدبير الطاقة للمشروعات الاستثمارية الجديدة، وأن يتم إبلاغها بأن تدبر الغاز الطبيعي الذي تحتاجه بطريقتها الخاصة، بخاصة وأن تدبير نفقات استيراد الغاز الطبيعي لمحطات توليد الكهرباء الحكومية، يمثل مشكلة من حيث تمويله في ظل نقص العملات الأجنبية.

رصد: ما هي توقعاتك لمشكلات البطالة، التضخم والفقر خلال العام الحالي (2015)؟

الولي: في ضوء المشكلات التي تواجه الاقتصاد المصري، من عجز تجاري مزمن، وأعمال عنف، وتوتر سياسي، وانقسام مجتمعي يحول دون عودة السياحة إلى معدلاتها التي كانت قبل عام 2011، ونفس الأمر لمعدلات الاستثمار الأجنبي المباشر. وفي ضوء تدني الإنتاجية، بالإضافة إلى الاضطرابات العمالية، وتوقع استمرار مشاكل نقص الطاقة والتمويل المصرفي، فى ظل استحواذ الحكومة على النصيب الأكبر من الائتمان المحلي، فإنه يتوقع استمرار معدلات التضخم المرتفعة، وكذلك معدلات البطالة والفقر، والتي من المفترض أن ترتفع نسبتها.

لكن وزير التخطيط، الذى عمل لفترة مع عثمان محمد عثمان، وزير التخطيط الأسبق، يكرر ما فعله “عثمان”، بتجميل المؤشرات الاقتصادية واصطناع معدل نمو مرتفع، يتم التغني به في وسائل الإعلام، وفي المؤتمرات الصحفية، دون أن يكون لذلك أساس في الواقع الاقتصادي.

وللأسف، يتم تكرار نفس الأمر، باصطناع معدلات تضخم مهذبة، مثل: التضخم الأساسي، والذي يعلنه البنك المركزي، والذي يخلو من أسعار الخضر والفاكهة، كذلك الادعاء بتراجع معدلات البطالة، رغم تزايد الطاقات العاطلة بالمصانع.

وهناك بالطبع مستفيدين من انفراد الجهات الحكومية، باصدار تلك المؤشرات، فضلًا عن وجود التضييق على الحريات، بحيث لا يجرؤ أحد على التشكيك في  تلك البيانات، خشية الملاحقة الإعلامية الشرسة، وحتى من يشكك فيها، من الناحية العلمية أو العملية، فلن يجد نافذة إعلامية تنشر له آراءه.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023