يقف سد الموصل، شمال العراق، حائلا أمام ١٢ مليون متر مكعب من المياه في نهر دجلة، أنهى بناءه صدام حسين عام ١٩٨٦، وقد تم بناؤه من الجبس القابل للذوبان، وهو ليس من المباني الثابتة، لذا فهو يحتاج للحقن للحفاظ عليه، ولكن عندما سيطر تنظيم الدولة على السد عام ٢٠١٤، نفدت كل معدات الحقن لديهم، وبالرغم من سيطرة القوات الكردية على السد بعدها بستة أسابيع، إلا أن السد لا يزال قريبا من جبهة تنظيم الدولة، والأكراد مشغولون بالقتال، وليس بالترميم.
وقد حذرت السفارة الأميركية في بغداد الأسبوع الماضي من مخاطر انهيار السد الذي أصبحت حالته الآن “خطيرة وغير مسبوقة”، وإذا انهار السد فسوف يندفع حائط من المياه يبلغ ارتفاعه ١٤ مترا أسفل النهر، مما قد يتسبب في غرق أكثر من مليون شخص، وتشريد عدة ملايين آخرين.
ويقول الدكتور نصرت أدامو، وهو كبير مهندسي السد سابقا، أن ” السد في وضع حرج جدا الآن”، “سوف يتسبب الفيضان في شهري مارس وأبريل في ارتفاع منسوب المياه إلى مستويات خطيرة، وأشعر أن السد سوف ينهار في وقت ما في المستقبل”.
ويضيف “قائلا” “بينما أقرأ هذه القصة، بدأت آلاف من التفاصيل الصغيرة تتجمع في رأسي، حيث أنه كان على مشارف مدينة الموصل، على بعد أميال قليلة من المكان الذي يتصدع فيه السد الآن نتيجة ضغط المياه، أن قام المستشكف البريطاني الشاب أوستن هنري لايارد في عام ١٨٤٤ باكتشاف أنقاض مدينة نينوى المفقودة ومكتبتها الخلابة من ألواح الطين، ولم يتمكن أحد وقتها من قراءة هذه الألواح وتم شحنها إلى المتحف البريطاني ليقوم العلماء بدراستها”.
يذكر أن الحضارة الإنسانية ازدهرت لأول مرة بين ضفاف نهري دجلة والفرات، هناك حيث أنشأت المدن لأول مرة، وهناك بدأت الكتابة. وهناك، وقبل ألف عام من تجميع الإنجيل العبري، تم كتابة أول قصة عظيمة تعرفها الإنسانية -وهي ملحمة جلجامش- على الطين، وليس مفاجئا أن تبدأ قصة الفيضان هناك، بين النهرين العظيمين.
وفي تلك الأيام كان إجماع العلماء، كما أوضحه البرفيسور والتر بريجمان، أن ” العهد القديم في صيغته النهائية كان نتيجة للمنفى البابلي وردا عليه”، وكانت بابل في فترة ما بعد عام ٥٩٧ قبل الميلاد حين كان اليهود يساقون إلى السبي هناك، هي أكبر مدينة في العالم، وكتب صاحب المزامير، “على جانب أنهار بابل، كنا نجلس ونبكي”.
وفي بابل، كان اليهود يتساءلون كيف حدثت هذه الكارثة، وكانوا يتهامسون عن الحنين لوطنهم، وقد كتبوا العديد من القصص المبنية على أساطير ما بين النهرين العظيمة، فقد كتبوا عن برج بابل في أرض الزقورات “الأهرام الرافدية” الهائلة، وفي أرض المدن، تخيلوا إبراهام قادما من أور، وهي واحدة من المراكز الحضرية في العراق، وكانت تقع على نهر الفرات، فقد كان في العراق حيث بدأ خيال الكتاب المقدس يتشكل.
وفي خلال أربع ساعات من انهيار السد، سيكون سكان الموصل تحت المياه، وفي خلال ٧٧ ساعة، سوف تغرق بغداد، ليس عليك أن تكون مهتما بالإنجيل هي تعترف أنها كارثة محتملة ذات أبعاد إنجيلية.