أثار الخلاف بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء المستقيل، داود أغلو، العديد من التكهنات حول تأثير هذا الخلاف على الحزب، ومن الفائز والخاسر من هذا الخلاف.
سببان رئيسيان للخلاف
قال سعيد الحاج، الباحث في الشأن التركي، إن هناك أسبابًا كثيرة لاستقالة داود أوغلو من رئاسة الحزب، ولكن هناك سببان رئيسيان، أولهما إشكالية دستورية؛ حيث إن الدستور قديم ويحتاج إلى تعديل منذ الحكم العسكري 1982، وأن الدستور به تداخل في الصلاحيات بين الرئيس ورئيس الوزراء، ما أدى إلى حدوث خلافات بين الطرفين حول الصلاحيات.
وأضاف “الحاج” -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن السبب الثاني رغم أنه ليس هناك خلافات كبيرة بين أردوغان وأغلو، ولكن هناك خلافات على آلية اتخاذ القرارات، فأردوغان ما زال القائد العام للحزب رغم تقديم استقالته، وأن داود أغلو صاحب كاريزما ورؤية ومن ثم حدثت خلافات بينهما على سبيل المثال في البرنامج الانتخابي ومرشحي الحزب، والخلافات كبرت ووصلت إلى طريق مغلق.
سيناريوهات ما بعد الاستقالة
وأشار “الحاج” إلى أن السيناريو الأوفر حظًا يتوقع أن يأتي أردوغان بمرشح أكثر طاعة وبلا كاريزما، يكون مرشحًا للحزب وينتهي الأمر.
وتوقع “الحاج” أن يمضي أردوغان في سعيه إلى دعم قيادة جديدة من الخلف وأن تمضي الأمور وكأن شيئًا لم يكن، كما حدث حين تفاقم الخلاف بين أردوغان والرئيس التركي الأسبق عبدالله جول.
أما السيناريو الأقل حظًا والذي اعتبره “الحاج” صعب التحقيق، دفع عبدالله جول بأي مرشح آخر أمام مرشح أردوغان ويحدث تنازع داخل الحزب ولكن هذا السيناريو غير وارد.
ولفت “الحاج” إلى أنه على المدى الإستراتيجي، فإن ما يحدث من تنازع يؤثر على شعبية الحزب، وقد يحدث غضب شعبي من الحزب، ويحدث تصويت عقابي بسبب سيطرة أردوغان كما حدث في الانتخابات الماضية.
واختتم “الحاج” حديثه لـ”رصد” قائلًا: “بكل الأحوال ما حدث ليس كارثة سواءً للحزب أو التجربة الديمقراطية التركية”.
الانتقال من مرحلة الفرد إلى سيادة النظام
وقال الدكتور أحمد رامي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، إن ما يحدث في تركيا يسمى في سلوك المنظمات الانتقال من مرحلة الفرد المؤسس المحوري (أحيانًا يكون ديكتاتورًا) لمرحلة سيادة النظام.
وأضاف “رامي” -في تصريح خاص لـ”رصد”- أن توقيت استقالة أوغلو توقيت جيد راعى فيه عدم التأثير على الاستحقاقات الانتخابية في الساحة التركية وكذلك حلول أوان تغيير في صورة الحزب أو الفكرة أو كليهما ربما يحول ذلك لعدم تحول الجماهير إلى خصوم “العدالة والتنمية” ويصبح أمامهم خيار التحول من التجربة الأردوغانية إلى تجربة جول، الذي أثق أنه على مجال التنظير سيكون قادرًا على طرح ينتقل من مرحلة التأسيس التي ربما نحتاج شخصيات كاريزمية كأردوغان إلى مرحلة الاستقرار والمؤسسية التي لا تحتاج شخصيات كاريزمية بقدر ما تحتاج نظم عمل فعالة.
وأوضح “رامي” أن هناك أمرًا آخر بالغ الأهمية لمسه من خلال حوارات نقلت له عن مسؤولين بحزب “العدالة والتنمية”، ألا وهو إدراكهم من واقع الأرقام أن هناك انخفاضًا في نسبة التأييد لهم بين الشرائح العمرية الأدنى ربما لأنها لم تر تركيا ما قبل “العدالة والتنمية” لذلك فهي شرائح عمرية لا تقارن تركيا اليوم بتركيا الماضي بل بباقي أوروبا وأميركا.
وأشار إلى أن هذا الأمر بالإضافة لمكوث “العدالة والتنمية” ما يقارب العشرين عامًا في الحكم يجعل التغيير والخروج بشكل جديد ما لم يكن أيضًا بفكر جديد أمرًا حتميًا وإلا فلا مستقبل للعدالة والتنمية.
أوغلو قدم درسًا في شرف الخصومة
وأكد “رامي” على أنه تعتبر منزلة أوغلو من أردوغان منزلة المفكر من المدير أو صاحب النظرية من القائد التنفيذي، وأضاف أن هذه الثنائية التعايش بين طرفيها لازمة لنجاح أي فكرة وتطورها، إلا أن العلاقة بين صاحب الفكر ورجل التنفيذ قد تكون متوترة أحيانًا.
واختتم “رامي” حديثه لـ”رصد” قائلًا إن ما سبق هو التعليق السياسي، إلا أن أوغلو قدم للجميع دروسًا أهم من دروس السياسية، دروس في شرف الخصومة وحق رفقة الدرب والولاء للفكرة وتقديم العام على الخاص.