شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

فصل العمل الدعوي عن السياسي بحركة النهضة التونسية يلقى ترحيبا رسميًا

فصل العمل الدعوي عن السياسي بحركة النهضة التونسية يلقى ترحيبا رسميًا
أقرت حركة النهضة الإسلامية في تونس يوم الأحد الماضي، خلال مؤتمرها العاشر، الفصل بين نشاطاتها الدينية والسياسية، في خطوة غير مسبوقة إلى حد بعيد في أوساط تيارات الإسلام السياسي التي تنتمي إليها النهضة،

أقرت حركة النهضة الإسلامية في تونس يوم الأحد الماضي، خلال مؤتمرها العاشر، الفصل بين نشاطاتها الدينية والسياسية، في خطوة غير مسبوقة إلى حد بعيد في أوساط تيارات الإسلام السياسي التي تنتمي إليها النهضة.

وشدد الغنوشي -الزعيم التاريخي لحركة النهضة- في كلمة ألقاها في افتتاح المؤتمر العاشر للحركة “على النأي بالدين عن المعارك السياسية والتحييد الكامل للمساجد عن خصومات السياسة وعن التوظيف الحزبي حتى تكون المساجد جامعة لا مفرقة” لكنه أكد في الوقت نفسه على مواجهة من يحاول إقصاء الدين من الحياة العامة.

وأوضح أن “ارتباط الدين بحزب معين لا يفيد الدين أصلًا، نحن لا نريد للسياسة أن تُوظف الدين أو الدين أن يُوظف السياسية”.

وأضاف الغنوشي أن النهضة كانت في البداية “حركة عقدية”، لكنها تحولت إلى “حركة احتجاجية شاملة في مواجهة نظام شمولي دكتاتوري إلى حزب ديمقراطي وطني متفرغ للعمل السياسي بمرجعية وطنية تنهل من قيم الإسلام”.

ومضى الغنوشي يقول “إن الحركة تكرس بذلك التمايز الواضح بين المسلمين الديموقراطيين الذين هم نحن وبين تيارات التشدد والعنف التي تنسب نفسها ظلماً وزورًا إلى الإسلام”.

آراء تونسية

آثار كلام راشد الغنوشي، عن “الخروج من الإسلام السياسي”، ردود أفعال مختلفة في تونس، فقد مثل موقف “النهضة” وزعيمها التاريخي، تحولًا كبيرًا في مسيرة الحركة وافتراقًا عن فكر الأحزاب الاسلامية التي تنهل من فكر جماعة “الاخوان المسلمين” أو تشكلت تحت تأثير تجربتها.

يعلق رفيق عبد السلام، وزير الخارجية السابق وصهر الغنوشي، لوكالة الصحافة الفرنسية:”إن مصطلح الإسلام السياسي غامض وملتبس، ولا أحد يعطي تعريفًا دقيقًا له”، مضيفًا “لم يعد هناك حاجة للإسلام السياسي الاحتجاجي في مواجهة الدولة، نحن الآن في مرحلة البناء والتأسيس، نحن حزب وطني يعتمد المرجعية الإسلامية ويتجه إلى تقديم إجابات أساسية على مشاغل واهتمامات التونسيين في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية”.

وقوبل هذا الإعلان بترحيب من جانب الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، والذي صرح بقوله: “لا يفوتني أن أنوه بالتطور الذي عرفته حركة النهضة”، مشددًا على أنه لابد أن تثبت الحركة بأنها فصلت بين الدين والدولة “قلبًا وقالبًا”، مضيفا”نأمل بأن تتوصلوا خلال أعمالكم إلى التأكيد أن النهضة باتت حزباً مدنياً تونسياً شكلاً ومضموناً”.

واكد  عضو مجلس النواب التونسي عن حركة النهضة، الصحبي عتيق،ان فصل حركته للنشاط السياسي عن الدعوي، هو “تطور طبيعي في واقع الحريات في تونس”، وإنه جاء لـ”اعتبارات دستورية وقانونية في ظل دعم الدستور والقانون للمشاركة السياسية”.

وأوضح – في تصريحات صحيفة  أن “النهضة ليس لها علاقة بجماعة الإخوان المسلمين انتماءً وتنظيماً”، مؤكداً أنها “استفادت ودرست تجارب جميع الحركات الإسلامية في معظم البلدان، لكنها لم تقلد أي تجربة”، مضيفاً أن النهضة “تجربة فريدة”.

وأضاف : “الاستبداد السياسي الذي كانت تعيشه تونس في حقبة ما قبل الثورة، أنتج العمل تحت اسم الإسلام السياسي، أما الآن فالقانون والدستور يتيحان العمل بمنظمات ومؤسسات مجتمع مدني سيكون لها نشاطها القانوني”.

ويرى خبراء، أن التيارات المحافظة في الإسلام السياسي قد ترى في توجه النهضة خروجًا نهائيًا من قائمة الأحزاب الإسلامية التي ترفض فصل الدين عن الدولة ومدنية الدولة وعلمانيتها، فيما قد يراها البعض تطورًا طبيعيًا، وإن على الأحزاب الإسلامية الأخرى أن تقتدي بتجربة النهضة وتسير على خطاها في تشكيل أحزاب وطنية مدنية بعيدة عن توظيف الدين لغايات سياسية.

تاريخ “النهضة”

“النهضة” حركة إسلامية تونسية تأسست عام 1972 باسم “الجماعة الإسلامية”، بشكل سري، وشارك في تأسيسها جامعيون وحقوقيون من أبرزهم: راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو والمنصف بن سالم، والتحق بهم فيما بعد كثيرون منهم علي العريض.

 تعرضت الحركة للتضييق والملاحقات والاعتقالات في مراحل متعددة منذ نشأتها، كان آخرها الحملة الواسعة التي شنها نظام بن علي عليها عام 1991 مما دفع قياداتها وكوادرها إلى الهجرة من البلاد.

وبعد انطلاق الثورة التونسية في 17 ديسمبر 2010 وسقوط نظام زين العابدين بن علي يوم 14 يناير 2011، تم الاعتراف القانوني بالحركة حزبًا سياسيًا، وتصدرت المشهد وباتت من أبرز القوى السياسية في الساحة التونسية.

استلهمت الحركة أفكارها ومبادئها من فكر منظري “الإخوان المسلمين” في مصر وعلى رأسهم سيد قطب، إلى جانب مفكرين بارزين مثل مالك بن نبي وعلال الفاسي وغيرهما، بيد أن قادتها -خاصة راشد الغنوشي- أكدوا مرارا قبل الثورة التي أطاحت بابن علي وبعدها، أن النهضة طورت منهجها وباتت قريبة جدا من منهج حزب العدالة والتنمية التركي.

أكدت النهضة في بيانها التأسيسي أنها ذات مرجعية إسلامية، وتسعى إلى “النضال من أجل تحقيق وحدة المغرب العربي كخطوة باتجاه تحقيق الوحدة العربية، فالوحدة الإسلامية وتحرير فلسطين”.

تركز نشاط حركة النهضة في بداية نشأتها على المجالات الفكرية، والدعوة في حلقات المساجد والانخراط في جمعيات المحافظة على القرآن الكريم، ورحب يومئذ الحزب الاشتراكي الدستوري بزعامة الحبيب بورقيبة بنشاطها، لأنه رأى فيها معينًا على مواجهة اليسار المهيمن على المعارضة.

 اعتقلت قيادات الحركة  في شهر سبتمبر 1981 وقدموا للمحاكمة بتهم عديدة أبرزها الانتماء إلى جمعية غير مرخصة والنيل من كرامة رئيس الجمهورية‏.

وحكم على مورو والغنوشي بالسجن عشر سنوات، لكن أفرج عن الأول عام 1983، وعن الثاني في أغسطس 1984، بعد وساطة من الوزير الأول “رئيس الوزراء”محمد مزالي.

غيرت اسمها إلى “حركة النهضة” عام 1989، وتقدمت بطلب الترخيص القانوني الذي قوبل بالرفض من السلطة، فتوترت العلاقة معها، وغادر الغنوشي البلاد في 28 مايو 1989 إلى الجزائر. 

قضت محكمة عسكرية في أغسطس 1992 على 256 قياديًا وعضوًا في الحركة بأحكام قاسية وصلت إلى السجن مدى الحياة، وهاجر عدد من قياداتها إلى الغرب واستقروا هناك سنوات طويلة كما حصل مع الغنوشي الذي طلب اللجوء السياسي في بريطانيا.

بعد إسقاط الثورة التونسية حكم زين العابدين بن علي عام 2011، نالت النهضة الاعتراف القانوني بها حزبًا سياسيًا في مارس 2011، أيام حكومة محمد الغنوشي المؤقتة.

وأصبح “حزب حركة النهضة” من أبرز القوى السياسية في المشهد السياسي التونسي، وحصل في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي يوم 23 أكتوبر 2011 على المرتبة الأولى بـ89 مقعدًا من أصل 217.

وقاد الحزب حكومة انتقالية منتخبة بالتحالف مع حزبي المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، لكن هذه الحكومة قدمت استقالتها بعد حوار وطني قاد إلى تشكيل حكومة كفاءات غير سياسية “تكنوقراط” برئاسة مهدي جمعة في يناير 2014.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023