1- لم تقم القيادات التنظيمية للجماعة وزنا للوثيقة التى أصدرها الإخوان عام 1994 بشأن إقرار الجماعة بنظام العمل الحزبي وتعدد الأحزاب واعتبرتها مجرد إعلان صورى للاستهلاك المحلى والعالمى (حيث أنهم لا زالوا يعتبرون أن الجماعة شأنا خاصا لا علاقة لمجتمع الداخلى أو المحلى أو العالمى به).
ولكن الأصل المعتمد هى رسائل الأستاذ البنا والتى تكلم فيها عن مرحلة التنفيذ وهى وسيلة الوصول إلى الحكم (الحكومة الإسلامية) فقد ترك هذه الوسيلة غامضة مبهمة فهو لا يقر فكرة الأحزاب وهي الطريق الديمقراطى للتغيير وهو لا يؤيد الانقلابات ولا يؤمن بالثورات الشعبية طريقا للتغيير حيث انتقد كل طرق التغيير المعروفة فى العالم.
وفى ذات الوقت أنشأ التنظيم الخاص وتنظيمات داخل الحيش والشرطة وكان يقول إن الإخوان سوف يستخدمون القوة حين لا يجدى غيرها وهى العبارة الأكثر إبهاما والتى من خلالها يستطيع من يؤسس للعنف أن يستند إليها رغم أن ضابط استخدامها هو أشد غموضا بالنص بقوله (حين لا يجدى غيرها).
هذا الأمر دفع بالكاتب أ. محمد عبد الوهاب فى مقال له على موقع رصد أن يستنتج مما سبق استنتاجان.. الأول: أن رؤية التنفيذ في هذه المرحلة لم تكن واضحة ولا مختمرة فى رأس الإمام البنا فهو يتركها للزمن والثاني: أن الفكرة كانت فى رأسه لكن لم يطلع عليها أحد ودفنت معه وقت استشهاده .
فبسبب وجود فكرة العنف غامضة ومخزنة فى رأس القيادات التنظيمية كان خطابها ومواقفها بعد الانقلاب متخبطا ومرتبكا بين نداء “سلميتنا أقوى من الرصاص” وخطاب منصة رابعة وتشكيل اللجان النوعية للقيام ببعض أعمال العنف والتخريب كرد فعل وحشية ودموية الانقلاب.
2- أن الإخوان بطبيعة اختيارهم لأفرادهم وطريقة تربيتهم لم يكونوا ثوريين أو ممارسين للعنف فى يوم من الأيام منذ السبعينيات.. بل عاشوا كإصلاحيين مسالمين رغم مانالهم من ظلم وسجن واعتقال.. فلم يتم إعدادهم كثوريين ولم يسمح لهم يوما بذلك حيث تربوا على تغليب مبدأ السمع والطاعة للقيادة فوق غيره من المبادئ مما يصنع منهم جنود لا ثوريين ، إضافة للترويج بأن الخروج من تنظيم الجماعة هو نقض للبيعة التى تقارب فى أدبياتها الخروج من الملة ، وهو ما يحول هذا التجنيد ليصبح إجباريا وأبديا .
فى الوقت الذى كانت القيادات التنظيمية للجماعة والمقربون منها والتابعون لها يضمرون مبدأ اللجوء إلى العنف المترسخ فى أذهانهم من خلال كلمات الاستاذ البنا فى رسائله (وسنستخدم القوة حين لا يجدى غيرها) وحدبث فضيلته أنه فى حال توافر 12000 من الاخوان الصادقين قد تجهزوا..ب .. وب.. إلى آخر الصفات التى ذكرها ، ساعتها سيخوض بهم غمار البحار ويصعد بهم عنان السماء.
بالإضافة إلى طبيعة النشأة السرية لأفراد التنظيم الخاص فى الأربعينيات وتنظيم عام 1965 وقد نضحت هذه الطبيعة على عدد كببر من الاجيال بعدهم . وقد زكى هذا الإتجاه ردود الغعل التلقائية خاصة لدى الشباب القوي المتحمس حيال ما يرتكبه الانقلاب من جرائم فاقت الخيال والتى جعلت مسألة اللجوء للعنف أمرا ملحا وضروريا مهما كانت نتائجة فادحة (علي وعلى أعدائي) كما يقول المثل .
ولهذا جاءت ردود فعل الإخوان على انقلاب 2013 متضاربا ومتخبطا بين سلمية تربى عليها أفراد الاخوان بما يرتبط بها من قدرتهم على الصمود فى مواجهة السجون والتعذيب، وبين واستحضار ما فى العقل الباطن لهذه القيادات من أن استخدام العنف ورارد فى مراجعنا الفكرية.
3- جماعة كبيرة فى حجم الإخوان والذين لا يقل تقدير أعداد أفرادها في أسوء الأحوال عن نصف مليون فرد.. يتم اتخاذ القرارات فيها وحتى الخطيرة والمصيرية منها بطريقة ارتجالية اقرب إلى الشللية .
– لم تملك الجماعة يوما من الأيام بل ولم تسع ولم تهتم أن يكون لديها مركز أو مراكز معلومات أو هيئة أو جهاز مهنى محترف يقوم على جمع المعلومات الكافية والدقيقة ووضعها أمام متخذ القرار ليكون قراره صائبا ومسؤولا حيث سيؤثر على الملايين داخل وخارج الجماعة.
– لم تملك الجماعة يوما من الأيام بل ولم تسع ولم تهتم أن يكون لديها مركز أو مراكز تفكير أو أبحاث من المتخصصين للقيام بتقييم اعداد الأبحاث وتدقيق المعلومات وتحليلها واستشراف الرؤى المستقبلية ووضع مقترحاتها بين يدى متخذي القرار ليتخذ قراره بطريقة علمية رصينة تليق بحجم الجماعة ومكانتها .
– لم تكن تملك الجماعة يوما من الايام بل ولم تسع ولم تهتم أن يكون لديها فى مواقع القيادة من يمتلكون قدرات وإمكانات درجة الإدارة العليا القادرة على امتلاك الرؤى والمشاركة فى وضع الاستراتيجيات.. بل أغلب من أداروا الجماعة بعد أ. عمر التلمسانى هم من مستويات الإدارة المتوسطة والدنيا (الإدارة التشغيلية)..
ففى ظل غياب هذه العناصر الإدارية الثلاث كان حال الجماعة قبل الثورة وكانت حالة التخبط فى المواقف والقرارت من المشاركة فى المظاهرات الأولى للثورة ثم حالة التخبط أثناء الثورة من فعاليات ثم حالة التخبط حيال العسكر و المشاركة فى الحكم والترشح على منصب الرئاسة ثم حالة التخبط فى إدارة الدولة ونهاية بالتخبط فى المواقف بعد الانقلاب.