يُخطئ من يعتقد أن مذابح العسكر بحق الشعب المصري بدأت فقط مع الانقلاب العسكري الدموي فى 3 يوليو 2013، إن للعسكر تاريخاً أسود وسجلاً حافلاً بالمذابح والمجازر ضد الشعب المصري منذ حكم الطاغية الديكتاتور جمال عبد الناصر إلى الآن..
فى 26 أكتوبر 1954 افتعل عبد الناصر تمثيلية محاولة اغتياله وهو يُلقي خطاباً فى ميدان المنشية بالإسكندرية، واتهم الإخوان المسلمين بارتكاب هذه الحادثة، والتي أُعدم بسببها 6 من قادة الإخوان المسلمين، على رأسهم الشهيدان عبد القادر عودة الفقيه الدستوري الكبير والشيخ محمد فرغلي، قائد المقاومة في حرب فلسطين ضد الصهاينة وعلى ضفاف القناة ضد الإنجليز، وصدرت أحكام بالسجن المؤبد والمشدد علي الإخوان المسلمين.
في أول يونيو 1957 بلغ الطاغية جمال عبد الناصر ونظامه من الخسة بأن أطلقوا الرصاص الحي على أكثر من 180 سجيناً داخل الزنازين وهم عزل لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم فاستُشهد أكثر من 20 وفقد عقله أكثر من هذا العدد، واستطاع الطاغية عبد الناصر أن يُحيط هذه المذبحة بجدار من الصمت والتعتيم حتى لا يعرف الشعب المصري عنها شيئاً..
وفى 21 سبتمبر/أيلول 1965، تعرضت قرية كرداسة بمحافظة الجيزة لحرب إبادة جماعية قام بها زبانية نظام جمال عبد الناصر الدموي، حيث داهمت قوة من الأمن منزل سيد نزيلي، وعندما لم يجدوه أصروا على اقتياد زوجته بالقوة فتحركت النخوة والشهامة في أهالي القرية ومنعوا قوة الأمن من القبض على زوجة الأستاذ/سيد نزيلي، ووصل الخبر إلى جمال عبد الناصر، فأمر بتشكيل قوات مشتركة من الجيش والداخلية وحاصروا كرداسة واقتحموها بكل وحشية، وتم اقتياد الرجال والنساء إلى مدرسة الوحدة بكرداسة، وأذاقوهم ألوان العذاب والقهر، واستمر التعذيب فترة طويلة تفنن فيها زبانية عبد الناصر في تعذيب وإهانة أهالي كرداسة بشكل لم يسبق له مثيل، ومنعوا تشييع الجنازات فكان الميت يشيعه أربعة فقط وحول هذا النظام الفاشي كرداسة إلى قرية أشباح.
فى كتابه “جمال عبد الناصر ومأساة كمشيش” يسرد الدكتور حمادة حسني مؤلف الكتاب تفاصيل هذه المأساة فيقول، “في مايو 1966 اقتحمت المباحث الجنائية العسكرية قرية (كمشيش) إحدى قرى مركز تلا بمحافظة المنوفية، وهناك حدثت أكبر مذبحة لكرامة الناس وأعراضهم وذلك على إثر مقتل صلاح حسين، الماركسي وعضو الاتحاد الاشتراكي في مشاجرة عادية مع أحد أبناء القرية، فتحولت هذه الحادثة إلى قضية كبرى تدخل فيها نظام عبد الناصر وأجهزته الأمنية والحربية واتُهمت في قتله عائلة الفقي من كبار ملاك الأراضي في القرية، وصاحب ذلك تعرض العائلة لإجراءات استثنائية انتُزعت منها أراضيها، وانتهى الأمر بإجبار العائلة على ترك القرية بالكامل، واستغل نظام عبد الناصر الحادثة، وتم تصوير الأمر على أنه مواجهة للإقطاع، وتم التنكيل بالقرية بالكامل على مدار عامين من 1966-1968 وكانت كل هذه المذابح مقدمة طبيعية لنكبة 5 يونيو 1967”.
يقول اللواء مصطفي الحناوي، قائد القوات الجوية في أعقاب نكبة يونيو 1967 في مذكراته التي نُشرت في مجلة روز اليوسف، إنه تلقي أوامر من الرئاسة بمواجهة انتفاضة الطلبة عام 1968 بالطيران قائلاً “كنتُ في مقر القيادة وجاءني اتصال من الفريق أول محمد فوزي القائد العام للقوات المسلحة، قائلاً اللواء المراسي في الإسكندرية خرج بقواته لتفريق مظاهرات الطلبة، ولم يقدر، وتابع قال فوزي أنا بديلك أمر إنك تفرق المظاهرات دي بضرب النار من طائرات هليكوبتر فقلت “يا نهار اسود هنضرب ولادنا بالرشاشات إحنا جبنا الطيارات نحارب إسرائيل ولا نضرب بيها ولادنا؟ فرد علي قائلاً (دي أوامر السيد الرئيس جمال عبد الناصر) ورفضت تنفيذ الأمر.
وإذا انتقلنا من التاريخ القديم إلى التاريخ الحديث، سنجد أن العسكر ارتكب عدداً من المذابح بعد ثورة 25 يناير أشهرها مذبحة محمد محمود ومذبحة ماسبيرو ومذبحة مجلس الوزراء ومذبحة العباسية وغيرها، وصولاً إلى الانقلاب العسكري الدموي فى 3 يوليو 2013، حيث شهدت مصر منذ هذا الانقلاب وتحديداً منذ 30 يونيو 2013 إلى 25 يناير 2014 في 6 أشهر فقط 12 مذبحة تُعد الأعنف والأكثر إجراماً في التاريخ المعاصر وهي كالتالي:
مجزرة بين السرايات فى 2 يوليو 2013 ميدان النهضة، والحصيلة 23 شهيداً، بعد خطاب الرئيس محمد مرسي مباشرة.
مجزرة الحرس الجمهوري فى 8 يوليو 2013 والحصيلة 103 شهداء، والمعروفة بمجزرة الفجر، وكان من بين الشهداء 8 نساء و4 أطفال.
مجزرة رمسيس الأولى في 15 يوليو 2013 والحصيلة 10 شهداء.
مجزرة المنصورة فى 20 يوليو 2013 والحصيلة 11 شهيداً منهم الشهيدة هالة أبو شعيشع 17 عاماً.
مجزرة المنصة بعد التفويض مباشرة في 27 يوليو 2013 والحصيلة قرابة 130 شهيداً بعد جمعة التفويض في 26 يوليو 2013 التي طلب فيها السيسي من الشعب تفويضه لمواجهة ما أسماه الإرهاب المحتمل.
مذبحتا اعتصامي رابعة والنهضة في 14 أغسطس 2013 وهما الأكثر دموية في التاريخ الحديث أقل التقديرات تتحدث عن 1500 شهيد وتوثيق المستشفي الميداني يتحدث عن 2600 شهيد في 12 ساعة فقط.
مجزرة رمسيس الثانية وأحداث مسجد الفتح في 16 أغسطس 2013 والحصيلة 103 شهداء
مجزرة عربة ترحيلات سجن أبو زعبل في 18 أغسطس 2013 والحصيلة 37 شهيداً.
مجزرة يوم 6 أكتوبر 2013 والحصيلة 51 شهيداً في رسالة واضحة بتغيير عقيدة الجيش المصري من العداء للصهاينة إلى العداء للشعب.
المجازر بحق الطلاب لا تقل عن 10 شهداء فى تلك الفترة.
مجزرة يومي الاستفتاء على وثيقة دستور الدم والحصيلة 12 شهيداً.
مجزرة الذكري الثالثة لثورة يناير في 25 يناير 2014 والحصيلة 100 شهيد.
وما زالت المذابح والمجازر مستمرة بحق الشعب المصري من نظام عسكري فاشٍ مستبد يستمد بقاءه من ذبح هذا الشعب وسحقه وعلى دمائه وأشلائه…