استبعد الكاتب الأميركي “دويلي ماكمانوس” في مقال له بصحيفة “لوس أنجلوس تايمز” إطاحة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية الأميركية بالرئيس المنتخب دونالد ترامب على غرار ما قامت به “الدولة العميقة” في مصر.
وقال الكاتب إن “الدولة العميقة” هي الأمر الأكثر رعبًا في حقبة “ترامب”، وهي المصطلح المأخوذ من دول بعينها مثل تركيا ومصر؛ حيث يسيطر ضباط الجيش وعملاء الاستخبارات على كثير من أجزاء الحكومة.
وخلال الأسبوع الماضي، اشتكى ترامب من “التسريبات غير القانونية” من مكتب التحقيقات الفيدرالي وهيئات الاستخبارات الأخرى التي أجبرته على إقالة مستشار الأمن القومي “مايكل فلين”.
وتكشف التسريبات عن مناقشة “فلين” العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا سرًا مع السفير الروسي، ثم زعمه أنه لم يقم بذلك؛ حيث علّق الكاتب بقوله: “لم تُزعج المحادثات ترامب، التسريبات فعلت ذلك”.
وتابع: “لم يتوقف القلق حيال ما حدث عند ترامب، بل امتد إلى الأعضاء الجمهوريين في الكونجرس، واصفين التسريبات بأنها استخدام سيئ لمعلومات سرية. ويحذر منتقدو مجتمع الاستخبارات الليبراليين والمحافظين من استحواذ الموظفين غير المنتخبين على كثير من السلطة السياسية”.
وتساءل الكاتب: “هل تكشف الدول العميقة الخائفة من ترامب عن نفسها؟”، وينقل الكاتب عن مسؤول بارز سابق بالمخابرات المركزية الأميركية قوله إن “الهيئات الاستخباراتية من الصعب جدًا تجاهلها”، مضيفًا: “هؤلاء الرجال مدربون على التلاعب بالناس والإطاحة بالحكومات، وهم جيدون في ذلك”، مستطردًا: “لكنهم ليسوا الدولة العميقة التي تستولي على الحكم”.
ويضيف الكاتب: “إذا سيطرت الدولة العميقة على بلد فإنه يصبح بمقدور القوات المسلحة والأجهزة الاستخباراتية الإطاحة بالرئيس، أما الأميركيون فلا يُحبّذون ذلك، وهذا ما حدث في مصر؛ حيث لديهم حق الفيتو على القرارت الرئيسة ويسيطرون على جزء كبير من الاقتصاد، أو على الأقل عقودات حكومية تخلق الثراء لعائلاتهم، ونادرًا ما تتم محاسبتهم على ما يقومون به، ويتصرفون دون حسيب أو رقيب”.
وعلى الجانب الآخر، في الولايات المتحدة، يكبح القانونُ جماحَ الأجهزة الاستخباراتية، وأحيانًا ما يقومون بتجاوزات؛ لكن في النهاية تتم السيطرة عليهم، ومن سرّبوا تفاصيل لقاء “فلين” يدركون أن ترامب سيأمر وكالة التحقيقات المركزية بتعقبهم؛ وبالتالي يضعون أنفسهم في خطر.
ويرى الكاتب أن مشكلة “ترامب” ليست في الدولة العميقة، بل في الدولة الأكبر؛ إذ يواجه بعقبات من الموظفين البيروقراطيين وليس من الأجهزة الاستخباراتية وحسب.
ويضرب الكاتب مثالًا على ذلك قائلًا: “بتسريب موظفي البيت الأبيض عدة قرارات مرتقبة لترامب، مثل نيته إعادة فتح (المواقع السوداء) واستخدام التعذيب ورفع الحصانة عن الموظفين الفيدراليين مثليي الجنس، وأيضًا إلغاء القضاء قرار ترامب بحظر دخول مواطني تسع دول إسلامية”.
وتابع الكاتب قائلًا: كما كانت هناك أيضًا أشكالٌ من التحدي بشكل أقل؛ حيث وقّع عاملون من وزارة الخارجية الأميركية ووزارة حماية البيئة عرائض للاحتجاج على سياسات الإدارة الأميركية.
وهناك مجموعة أخرى، هم أفراد داخل إدارة ترامب نفسها؛ حيث يبدو أنهم يكنون الرفض، ومن هؤلاء وزير الدفاع “جميز ماتيز” ووزير الخارجية “ريكس تلرسون”، إذ يبدوان أقل حماسًا من رئيسهما تجاه التعاون مع فلاديمير بوتين.
ويقول جاك جولد سميث، مساعد المحامي العام في إدارة “ترامب”: “الخطر الرئيس في إدارة ترامب ليس أنها ستكون قوية للغاية؛ بل أنها ستكون ضعيفة للغاية”، ويضيف: “لا تستطيع أي إدارة أميركية العمل بشكل جيد دون توافر الحد الأدني من التنسيق بين الموظفين، وتنظيمها بشكل جيد، وإدارة تنفيذية نشيطة وتتمتع بالكفاءة، وحتى الآن ليست لدينا هذه الإدارة التنفيذية”.
ويختم الكاتب بالقول: “ربما نكون على أعتاب أنواع عديدة من المشاكل؛ أزمة دولية مع مجلس الأمن القومي، وأزمة دستورية حال تجاهل ترامب أحد الأحكام القضائية التي لا تتوافق مع هواه؛ لكن هل (حكومة الظل) هي الخطر الأكبر الذي يجب أن نحترس منه؟ لا تقلق، إنها بعيدة جدًا عن كونها أكبر الأخطار الذي نواجهها”.