نشر موقع “ميدل إيست مونيتور” مقالًا للكاتب “ألايستر سلوان” تحدث فيه عن علاقة الإخوان المسلمين بالمملكة المتحدة والنقاط الإيجابية فيها. وفيما يلي نص المقال:
سواء أحببتهم أم لا، فإن جماعة الإخوان المسلمين هم أكثر جماعة لها تأثير في الشرق الأوسط، وسواء اختلفنا مع سياساتهم أو مواقفهم أو رؤيتهم أو لا، يجب الاعتراف بعظمتهم من الناحية التاريخية؛ فقد تكونت في وقت حاسم من التاريخ في المنطقة، حيث كانت فترة نهاية الاستعمار الغربي والإمبراطورية العثمانية.
هذه الجماعة يمكنها أن تستمر في إنشاء مدارس وجمعيات أخرى منبثقة منها، فقد تبرأ منها البعض وتبناها البعض الآخر؛ إلا أن الجميع لا يمكنه أن يبخس دورها، فتملك الجماعة ملايين الأعضاء وآلاف المراكز المحلية والإقليمية.
ويرى الجميع الإخوان من وجهات نظر مختلفة؛ حيث يرى البعض أنها قد تنتهج العنف للوصول إلى هدفها، بينما يرى آخرون أنها تسلك المسلك السليم؛ وهو ما حدث حين فازت في الانتخابات، ويرى فريق أنها ساعدت الملايين من خلال جمعياتها، بينما يرى آخرون أنها استخدمت بعض القمع.
وتم تقدير تعاون الجماعة الدولي بشكل مبالغ، ونفس الشيء حين تم الحديث عن العنف؛ ولعل كفاءتها وأوجه قصورها تم التعامل معهما بشكل أفضل من قبل المؤرخين لا الصحفيين.
من ناحية أخرى، لا يجب أن نغفل تحت أي ذريعة الدور الذي تلعبه بريطانيا في العالم الآن، وحتى إذا لم تعد بريطانيا عظيمة فإن الإخوان ما زالوا هكذا. هذا التقليص الذي لعب دورًا حاسمًا في القيام بأحد أهم التحولات في العقد الماضي، والذي لم يتم تقديره، بحيث جاء رد من وزارة الخارجية للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان هذا الأسبوع وأعلن فيه أنه يجب على الحكومة البريطانية إعادة التواصل مع الإخوان.
وجاء ذلك بعد التحقيق الذي أطلقته الحكومة البريطانية الأخيرة بشأن ارتباط الإخوان المسلمين بالإرهاب، ولكن بتحريض من الإمارات والسعودية؛ مما أحدث حالة من الاحتجاج في مؤسسة السياسة الخارجية.
ورفضت وكالة “إم إي فايف” المسؤولة عن الأمن الداخلي ما قالته بعض القوات الأكثر فاعلية وتأتي بإرهابيين في بريطانيا كان بعضهم من الإخوان، وقررت لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان -التي يقودها كريسبن بلانت- أن يحققوا في ذلك.
وأخبرتني مصادر من الوايت هول -رفضت ذكر اسمها؛ فبالتالي من المحتمل أن لا يتم الاعتماد عليها- أن هذا التغير في الآراء حدث لسبب وحيد. بالأحرى هو لوجود شخص واحد وليس لسبب واحد، وهو عبدالفتاح السيسي؛ حيث يرون أن أيامه باتت معدودة وأن البديل الواضح هو عودة الإخوان المسلمين، حيث يمكن أن لا يكون الإخوان مثاليين، ولكن يجب التعامل معهم.
من الممكن أن تكون الإدارة البريطانية حاولت رؤية البدائل المتاحة في مصر، والتي يحكمها ديكتاتور أسوأ من حسني مبارك، واعترفوا أن وعوده الكبيرة باقتصاد قوي هي حمقاء، وكان السؤال: على من ستكون المراهنة إن لم يكن السيسي؟ وجاءت الإجابة: “الإخوان المسلمين”.
التعامل مع الإخوان لا يجب أن يدور حول الأخلاق؛ حيث بَنَتْ هذه الجماعة نفسها على الأخلاق. ولكن السؤال للدبلوماسيين البريطانيين هو: هل تريد السلطة البريطانية التعامل مع العالم كما هو أو بالطريقة التي يريدون أن تصبح عليها؟
عندما بدأتُ في كتابة هذا المقال قيل لي إن وزير الخارجية بوريس جونسون يجب أن تتم الإشادة به بشأن تغيير الاستراتيجية تجاه الشرق الأوسط. والآن يتضح من الأمر أن بوريس علم بالأمر متأخرًا؛ ولكن هذا التحول جاء من جانب المحافظين، وهم “دولة بريطانيا العميقة”.
لكن، أيًا كان الشخص الموجود في الخارجية واتخذ هذا القرار بالتعامل مع الجماعة فإنه يستحق التقدير؛ حيث يعد ذلك جزءًا جديدًا ومتفائلًا في علاقات بريطانيا بالمنطقة، ويعد كذلك موقفًا عمليًا، ولا يجب أن تحب الإخوان لتقدر هذه الخطوة.