المنامة- أوصى المشاركون في ختام فعاليات مؤتمر "عروبة وأمن الخليج بين الواقع والتحديات" المنعقد بالبحرين على مدار3 أيام بضرورة عودة مصر للريادة ودعمها اقتصاديًّا من خلال الاستثمارات الخليجية وتخليها عن دعم صندوق النقد الدولي.
وأكد المشاركون أن غياب الدور المصرى ساعد على زيادة المطامع فى الخليج العربي؛ حيث إن مصر صمام الأمان لأمن منطقة الخليج وصد محاولات إيران لتحويله الى خليج فارسي.
وطالب المشاركون بحماية الهوية العربية من الغزو الإيراني الذي أصبح يهدد المنطقة العربية وخاصة الخليج ودفعه الى حالة الضعف في ظل غياب الهوية.
وتأتى هذه التصريحات عشية تراشق إعلامي بين الفريق ضاحي خلفان، القائد العام لشرطة دبي
والدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين- التي يمثل حزبها الحرية والعدالة الاغلبية في البرلمان المصري- بشأن تصريحات للشيخ القرضاوي انتقد فيه دولة الإمارات.
التغيير قادم
وقال الدكتور محمد السعيد إدريس رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب إن الثورات العربية سوف تغير حتمًا، وإن كان تدريجيًّا وبدرجات مختلفة من دولة إلى أخرى، من معادلات الحكم والسياسة فى الدول الخليجية الست، بعد أن نالت كثيرًا من مقولة "الخصوصية الخليجية" ومقولة "الاستثناء الخليجى" أو "حصانة الملكيات العربية"، فرياح تلك الثورات لن تستطيع أن تحجزها عوائق أو حواجز، ومن ثم فإن التغيير قادم لا محالة.
وأوضح أن الدليل واضح فى تبدل رد الفعل تدريجيًّا، والتعامل بإيجابية مع مطالب الإصلاح والتغيير، في محاولة لإكساب نظم الحكم القدرة على التكيف مع المطالب الجديدة والفعالية فى الاستجابة للتحديات.
وقال إدريس إن هناك مفهومًا جديدًا لأمن الخليج سوف يفرض نفسه تدريجيًّا وهذا المفهوم الجديد سوف يحرص على إدراك المتغيرات على معادلة الأمن الخليجي ومنها ما يتعلق بمصادر التهديد؛ حيث فرضت مصادر التهديد الداخلية نفسها بما يفوق أو بما يعادل أو يوازن مصادر التهديد الخارجية.
وأوضح أن هذا الأمن لن يبقى معتمدًا على الحليف الخارجي بالدرجة الأولى وحتمًا سيكون للقوة الذاتية أو للأمن الجماعي للمجلس دوره الفاعل والأساسي الجديد في معادلة تحقيق هذا الأمن، لكن ما هو أهم هو أن تحقيق الأمن في مفهومه الجديد لن يعتمد بالدرجة الأولى على الوسائل الأمنية بل على أدوات سياسية اجتماعية اقتصادية وثقافية وإعلامية تتواءم مع المطالب والضغوط ذات العلاقة بمصادر التهديد الداخلية للأمن؛ المصادر السياسية والمصادر الاجتماعية والمصادر الثقافية.
ولفت إلى أن كثيرين يعتقدون أن الولايات المتحدة أصبحت متهمة من السعودية بل وربما تكون مستهجنة بسبب أدائها غير المرضي إزاء أحداث الثورات العربية، التي اعتقدت الرياض، للوهلة الأولى أنها ستكون لصالح إيران ومعسكر الرفض أو ما يعرف بـ "محور الممانعة" بعد سلبية الأمريكيين إزاء إسقاط حليفهم في مصر حسني مبارك ومن قبله زين العابدين بن علي في تونس، وعلى ضوء ردود الفعل الإيرانية، الأولية أيضًا، التي رأت في ثورات العرب امتدادًا لثورتها وإيذانًا بتأسيس شرق أوسط إسلامي على أنقاض مشروعات أمريكا للشرق الأوسط التي تساقطت الواحدة تلو الأخرى.
وأضاف إدريس أن ذلك سيؤثر في إدراك قيادات دول المجلس لمصادر التهديد للأمن في الخليج، وفي صياغة منظور جديد للأمن الإقليمي يجمع بين ما هو إستراتيجي وتعاوني على مستوى الإقليم الخليجي، ويجمع بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي وثقافي واجتماعي في إطار مجتمعي على مستوى مصادر التهديد الداخلية.
تحالفات إقليمية
وقال الدكتور محمد السعيد إدريس رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب إن خريطة تحالفات إقليمية جديدة سوف تفرض نفسها بعد سقوط حلفاء مهمين لدول مجلس التعاون، وعلى ضوء أدوار جديدة لقوى إقليمية -خاصة تركيا- وعربية قامت على أنقاض النظم التي تساقطت.
وأضاف أن الأهم في ظل بروز مصدر قوة جديد يملك القدرة على أن يفرض نفسه كمتغير أساسي وهو قوى الثورة الشعبية التي تملأ الساحات على امتداد الوطن العربي تطالب بالتغيير وأن تكون شريكًا وفاعلاً في صنع القرار السياسي الوطني والعربي وأشار إلى أن دول مجلس التعاون ستكون معنية، وعلى ضوء خبرة إدارة الأزمة السياسية في البحرين، بإعطاء قدر أكبر من الاهتمام لمشروع مجلس التعاون الخليجي وتطويره والبحث عن حلفاء أو شركاء جدد ضمن إطار إعادة ترسيم خرائط التحالفات على مستوى الإقليم وتمكين دول المجلس من أن يكون لها دور أساسي في إدارة شئون الإقليم، والأهم في إدارة تفاعلات وتداعيات ربيع الثورات العربية والتحول من إدارة رد الفعل إلى إدارة الأفعال في محاولة للحد من تداعيات تلك الثورات وتوجيهها قدر الإمكان في الاتجاه الذي يخدم مصالح الدول الخليجية.
وفي ختام الفعاليات أصدر المؤتمر وثيقة للمستقبل السياسي لمملكة البحرين أهمها أن البعد الطائفي في الحركات الشعبية في المملكة كان أخف حدة في خلال فترة المد القومي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي ولكنه بدأ يزداد مع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات وحتى يومنا الحاضر.
وأضافت الوثيقة أن العمل الوطني الحقيقي لا يمكن أن يتم في المملكة بيد واحدة وإنما هو بحاجة إلى اليدين ليتمكن بهما من حمل الأمانة الموكلة من الشعب للقيادات السياسية، موضحة أن التأثير الذي أوجدته الحركات الدينية كان أحد أهم العوامل التي قسمت المجتمع البحريني خصوصًا مع نجاح الثورة الإيرانية وانقسام الحركة الوطنية إلى قسمين متناحرين يحدد موقف كل منهما من الآخر مبدأ الحلال والحرام.
وأوضحت أن مجتمعًا كالمجتمع البحريني لا يمكن أن تقوده حركات سياسية ذات بعد ديني لما تحمله بداخلها من عامل تفريقي لا يساعد على نهوض الحركة الوطنية بل يعمق في شق الشارع الذي يمثل الرافد الأوسع للحركة الوطنية بصورة عامة، بالتالي فإن الحل المناسب والأنجع لهذا المجتمع هو النهج ذو البعد القومي العروبي الذي من خلاله يمكن تجميع البشر على رأي يخدم الجميع أو الأغلب الأعم من المجتمع البحريني على أقل تقدير.
وأشارت الى أنه كان لنجاح الثورة الإيرانية عام 1979 تأثير سلبي واضح على مسار الحركة الوطنية تزامن مع تمدد الحركات السياسية الدينية المغلفة بالعمل الخيري والمتمثلة في تيار الإخوان المسلمين والتيار السلفي في المنطقة العربية عمومًا والساحة المحلية على وجه الخصوص.