تقترب مصر من أسوأ فتراتها خلال الشهور القليلة القادمة، بالتزامن مع بدء تخزين المياه خلف سد النهضة الإثيوبي، حيث من المتوقع أن تعيش حالة تعطيش لمدة 3 سنوات، وهي المدة المعلنة لتخزين المياه خلف السد.
ولم تصل الحكومة المصرية إلى أي اتفاق مع الجانب الإثيوبي حول وضع حصة مصر والتي ستواجه نقصًا شديدًا مع بداية التخزين، حتى الآن، حيث توقع الخبراء أن تلجأ البلاد للتحكيم الدولي حال عدم الوصول إلى اتفاق مناسب معلن مع دول حوض النيل، بشأن حفظ نسبتها في مياه نهر النيل.
ويهدد سد النهضة الحياة بالكامل في مصر، حيث قال خبراء سابقًا لـرصد، أن أكثر من 60% من الأراضي الزراعة في مصر ستبور لنقص المياه، وبالتالي نقص الغذاء بشكل كبير ومعاناة المواطنين في تأمين الغذاء اليومي.
وبحسب عضو شعبة الاستثمار، محمد المرشدي، أن خطر سد النهضة يهدد حياة المصريين، مشيرًا إلى أن مصر كان أكثر ما يميزها الأمن المائي واعتبار نهر النيل هو شريان الحياة الرئيسي.
ومن ناحية الاستثمار، أوضح المرشدي لرصد، أنه لا وجود للاستثمار في حالة تعطيش الدولة بهذا الشكل المقصود من دولة إثيوبيا، مؤكدًا على أن مخطط بناء السد لديه دوافع خفية أخرى غير النهوض بالدولة الإثيوبية، متابعا أن وفود من المستثمرين حاولت التواصل مع الحكومة الإثيوبية لتعميق الاستثمارات المشتركة في سبيل مد مده بناء السد لعدم الإضرار بمصالح مصر، إلا أن الجهود قوبلت بترحيب أعقبه الصمت من جانب إثيوبيا.
وبلغت إجمالي استثمارات المصريين في إثيوبيا، حوالي 35 مليون دولار، وفقًا لما أعلنه رئيس غرفة التجارة بإثيوبيا سولومون أفيورك مؤخرا، مشيرًا إلى أن إجمالي عدد المشروعات المصرية بلغت نحو 58 مشروعًا.
ويشكل حجم التبادل التجاري بين مصر وإثيوبيا نحو مليار دولار سنويًا، منها نحو ٤٠٠ مليون دولار صادرات إثيوبية لمصر، فيما تصل الواردات الإثيوبية إلى الأسواق المصرية لنحو ٦٠٠ مليون دولار، فيما لا يتجاوز عدد المصريين المقيمين في إثيوبيا 300 فردا.
وفى نفس السياق، قال الخبير المائي، أحمد نور عبد المنعم، أن اللغط الدائر حول تأثير سد النهضه على مصر، أحد أسباب تراجع الاستثمار في الدولة منذ سنوات، مشيرا إلى أن الدراسات الخاصة بالاستثمار الخارجي لأي دولة، تتضمن استقرار تلك الدولة التي سيتم الاستثمار من خلالها وبالتالي عدم تحقق هذا الاستقرار فعليًا يرجي أي خطة للاستثمار.
وأضاف عبد المنعم لرصد، أن الخبراء في مجال الموارد المائية يكشفون بشكل دوري عن وضع الدول المختلفة على مدار سنوات كثيرة، مشيرا إلى أن النظام البيئي والمتغيرات بداخله تلعب دورًا كبيرًا في تحول خطط الاستثمار في العالم.
وأشارت نتائج نموذج المحاكاة الصادر عن معهد الدراسات البيئية، إلى أنه إذا كانت فترة ملء الخزان ستكون ثلاث سنوات فإنه سيؤثر تأثيرا شديدا على حصة مصر والسودان من المياه بنقص يمثل نحو 24 مليار متر مكعب سنويا.
وتحذر من أنه بعد الانتهاء من بناء السد سيتم حرمان مصر من خمسة مليارات متر مكعب من المياه سنويًا مقسمة بين مصر والسودان، بالإضافة إلى أن تغير المناخ قد يزيد من مخاطر المشروع، والمخاطر الأخرى الخاصة به، مع التغيرات المناخية المتوقعة، وهي زيادة نسبة حدوث مستويات الحد الأدنى للمياه في خزان السد العالي.
وتوضح أن نموذج المحاكاة يتوقع حدوث انخفاض لمنسوب المياه اللازمة لتشغيل السد العالي بنسبة 10% حتى عام 2070، وزيادة الانخفاض إلى نسبة تمثل 40% من عام 2070 حتى عام 2099، وكذلك تم حساب التأثيرات المتوقعة على الطاقة الكهرومائية التي يتم توليدها من السد العالي.
أيضا وجود نقص في الطاقة يمثل انخفاضا بنسبة 10% فى الفترة حتى عام 2040، وأن الانخفاض يتزايد حتى يصل إلى ما بين 16% و 30% فى الفترة ما بين عامي 2040 و2070. كما سجل النموذج حدوث نقص حاد في الطاقة يصل إلى ما بين 30% و45% في الفترة من 2070 حتى 2099.